قال الناطق باسم وزارة الداخلية في قطاع غزة إياد البُزم، إن التحقيقات المكثفة التي أجرتها الأجهزة الأمنية في قضية التفجير الانتحاري في رفح على الحدود مع مصر، أظهرت أن «تفجير مصطفى كلّاب نفسه لم يكن مخططاً».
وأضاف في تصريحات لـ"الحياة اللندنية"، أن «التحقيقات أثبتت أن كلّاب وأحد رفاقه كانا، على ما يبدو، في طريقهما للتسلل إلى مدينة رفح المصرية عبر الشريط الحدودي الفاصل بين المدينتين عندما رصدتهما قوة أمنية وحاولت إيقافهما، قبل أن يضغط كلّاب على الحزام الناسف ويفجر نفسه، ما أسفر عن إصابة رفيقه بجروح خطيرة واستشهاد ضابط وإصابة أربعة آخرين بجروح متفاوتة.
وقالت مصادر محلية لـ «الحياة» إن كلّاب ورفيقه «كانا في طريقهما للانضمام إلى تنظيم ولاية سيناء» فرع تنظيم «داعش»، في شبه جزيرة سيناء المحاذية لفلسطين.
وقلّل البُزم من خطورة «المجموعات التي تتبنى الفكر المتطرف وعدد أفرادها في القطاع»، نافياً أن تكون تلك المجموعات مرتبطة تنظيمياً بتنظيم «داعش».
وظهر من يتبنون بعض الأفكار المتطرفة في القطاع، للمرة الأولى، قبل نحو 15 عاماً، بأعداد قليلة جداً، فُرادى منشقين عن فصائل صغيرة إسلامية ووطنية، وأطلقوا على أنفسهم «سيوف الحق» تارة و «جند أنصار الله» تارة أخرى، وغيرها من الأسماء.وارتبطت هذه الجماعات فكرياً بتنظيم «القاعدة» قبل أن تتحول في السنوات الأخيرة إلى «داعش»، بعد ظهوره في العراق عام 2014.
وشَكَل عدد من هؤلاء تنظيماً أطلقوا عليه «جلجلت» قبل أن يتوسع وينضم إليه الطبيب عبد اللطيف موسى، الذي «غَرّر» به أنصاره وأقنعوه بإعلان «إمارة اسلامية» في رفح عام 2009، قبل أن تتدخل الأجهزة الأمنية وتنهي ذلك؛ ما خلف عدداً من القتلى، بينهم موسى وعدد من أتباعه، فيما استشهد عدد من عناصر «كتائب القسام» الذراع العسكرية لحركة «حماس».وكشف مصدر أمني لـ «الحياة» عن بعض التفاصيل، المتعلقة بخطط وهجمات خططت لها تلك المجموعات خلال السنوات الماضية «دلت على سذاجة من يقف خلفها».
وقال المصدر إن «عدداً من هذه الخطط كان سيستهدف مقار أمنية ومواقع تدريب تابعة لفصائل المقاومة».وأضاف أن «متطرفين غادروا القطاع للالتحاق بفروع تنظيم «داعش» في الخارج، قُتل عدد منهم في العراق وسورية وليبيا وشبه جزيرة سيناء».
وأوضح أن الموقوفين على خلفية «أعمال تخل بالأمن من المتطرفين لا يتجاوز العشرات في انتظار المحاكمة».وكانت المحاكم العسكرية في غزة، أصدرت خلال الشهور الماضية أحكاماً بالحبس على عدد منهم.
ولفت المصدر إلى أن «الحركة حاورت بعض الشخصيات المؤثرة منهم في السجن»، وضرب أمثلة على بعض هؤلاء، الذين «تخلصوا من لوثة فكرية» وعادوا أشخاصاً «طبيعيين يمارسون حياتهم»، التي كانوا عليها قبل ذلك.وحول الأمن وسعي «حماس» لاستقراره، قال المصدر إن الأمن «مقدس» ووصفه بأنه «جوهرة التاج في حكم غزة»، و «حماس لن تتهاون فيه أبداً».
وفي ما يتعلق بالصواريخ التي يطلقها على مستوطنات بين الفينة والأخرى «بعض من يتبنون الفكر المتطرف»، قال إن معظمها «مواسير (أنابيب معدنية) فارغة لا يوجد فيها رأس متفجر، ولا تُوجه نحو منازل "الإسرائيليين"، بل إلى مناطق غير مأهولة».
وعن الهدف من وراء إطلاق هذه الصواريخ، أكد أنه «للتشويش» على «حماس» وحكمها في القطاع وزعزعته، و«لاستجلاب» رد وقصف "إسرائيلي"، الأمر الذي «يدمر جزءاً من ترسانة المقاومة»، وهو ما لم ولن تقبل به الحركة إطلاقاً.
وأكد أن «بعض من يحملون الفكر المتطرف استغلتهم "إسرائيل" وأوقعت بهم في وحل التخابر مع أجهزتها الأمنية والاستخبارية سنوات طويلة، وكان أبرزهم أشرف أبو ليلة، الذي أسقط في وحل التخابر مع "إسرائيل"، ونفذ عملية اغتيال الأسير المحرر مازن فقها، في الرابع والعشرين من آذار (مارس) الماضي، بإشراف أجهزة الأمن الإسرائيلية».وأكد أن أصحاب هذا الفكر المتطرف «حالات فردية لا يُشكلون تنظيماً موحداً»، لافتاً إلى «وجود عدد ممن يحملون الفكر السلفي في قطاع غزة ويمارسون عملهم بكل حرية بعيداً من أي أفعال تُخل بالأمن العام».وشدد المصدر على أن «المشكلة تكمن في من يحاول الإخلال بالأمن والاستقرار الداخلي في غزة».