مجلس الوزراء يستهجن طلب إسرائيل بشغل مقعد في مجلس الأمن

مجلس الوزراء

رحب مجلس الوزراء خلال جلسة المجلس الأسبوعية التي عقدها اليوم الثلاثاء برئاسة الدكتور رامي الحمد الله رئيس الوزراء، بزيارة العاهل الأردني جلالة الملك عبد الله بن الحسين إلى فلسطين، ولقائه بالرئيس  محمود عباس في رام الله يوم أمس.

وأكد المجلس على أهمية هذه الزيارة، خاصة بعد الأحداث التي شهدتها المدينة المقدسة، وتصاعد مخططات الاحتلال لتهويد القدس ومحاولاته لتغيير معالمها وطمس هويتها، والاعتداءات على المسجد الأقصى المبارك من أجل تغيير الوضع القائم التاريخي والقانوني.

وأعرب المجلس عن تقديره لهذه الزيارة التي تحمل إشارة هامة للشعب الفلسطيني، بأن الأردن الشقيق بقيادة جلالة الملك يقف مع الفلسطينيين وقيادتهم في مواجهة السياسات والمخططات الإسرائيلية التي تستهدف القدس والمقدسات، وتحمل رسالة إلى الحكومة الإسرائيلية بأن الأردن لن يتخلى عن دوره بالتنسيق والتعاون مع أشقائه الفلسطينيين لحماية ورعاية القدس وجميع المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، وصون مكانتها وطابعها التاريخي والديني والثقافي والحضاري.

وثمّن المجلس عالياً الدور الأردني وموقف جلالته الحازم والمبدئي، امتداداً لمواقف جلالته الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، والمستندة إلى أواصر الأخوة القائمة بين شعبينا وبلدينا، وإلى علاقات التعاون المشترك بيننا على كافة المستويات لما لهذه العلاقات من مكانة خاصة وفريدة، ولما يقوم به جلالته وشعب الأردن الشقيق من جهد مميز في دعم مقومات دولتنا الفلسطينية وصمود شعبنا ومساندة قضيته ونضاله لنيل حقوقه في كل المحافل.

وحذر المجلس من خطورة ردود الفعل الإسرائيلية، والتي تصاعدت منذ قرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو" بشأن المسجد الأقصى المبارك وحائط البراق، وقرار لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو المتعلق بعدم الاعتراف بسيادة الاحتلال الإسرائيلي على القدس والبلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك، وبعد وقفة أبناء المدينة المقدسة ومن خلفهم كافة أبناء شعبنا وقيادته بكل عزة وشموخ أمام محاولات تهويدها، حيث قامت سلطات الاحتلال وفي إطار ما يسمى احتفالات "إسرائيل" بمرور خمسين عاماً على احتلال القدس، بعرض "ضوء وصوت" في سلوان (في منطقة يطلق عليها المستوطنون اسم مدينة داود)، والقائم على تزوير الرواية التاريخية للمدينة المقدسة، وقيام محكمة الاحتلال بإصدار قرار بتثبيت ملكية (3) مواقع كبيرة موجودة في أماكن استراتيجية في البلدة القديمة بالقدس لمصلحة شركات إسرائيلية مرتبطة بمنظمة "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية، في إطار تعزيز الاستيطان في البلدة القديمة من القدس، وعودة سلطات الاحتلال إلى سياسة التهجير في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، حيث من المقرر إخلاء عائلة شماسنة الفلسطينية من الحي، إضافة إلى أوامر الإخلاء التي تجددت مؤخراً ضد عائلتين أخريين يفترض أن تخليا منزليهما في تشرين الأول القادم، بدعوى أن المبنى مقام على أرض تملكها عائلة يهودية قبل عام النكبة 1948، إضافةً إلى عربدة وبلطجة عصابات المستوطنين اليهودية في البلدة القديمة من خلال مسيرات استفزازية لمناسبة ما يسمى "خراب الهيكل"، والاعتداء على ممتلكات المقدسيين ومحالهم التجارية وهي مغلقة بحراسة معززة ومشددة من قوات الاحتلال، واعتداء قوات الاحتلال على الأطفال الفلسطينيين أثناء تنظيمهم لسلسلة بشرية حول المسجد الأقصى، وقيام رئيس الوزراء الإسرائيلي بوضع حجر الأساس لبناء (1110) وحدات استيطانية جديدة في مستوطنة "بيتار عيليت" المقامة على أراضي قرية "واد فوكين" غرب بيت لحم، وعودته إلى استئناف أعمال إقامة مستوطنة جديدة لإسكان المستوطنين الذين تم إخلاؤهم من البؤرة الاستيطانية العشوائية "عمونا"، وإلى الإبقاء على مستوطنين اقتحموا مبنى في مدينة الخليل. وأكد المجلس أن التصعيد الذي تقوم به الحكومة الإسرائيلية واستفزازاتها الاستيطانية، تستدعي التدخل الفوري من قبل المجتمع الدولي لوضع حد لهذا العبث الإسرائيلي، ويتطلب توفير الحماية الدولية لشعبنا ومقدساتنا، ويستوجب من الأمتين العربية والإسلامية التحرك الجدي للوقوف في وجه الأخطار المحدقة بالمدينة المقدسة والتي تزداد ضراوة وشراسة يوماً بعد يوم.

واستهجن المجلس الجهود التي تبذلها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، لشغل مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي، مشيراً إلى أن إسرائيل تخالف ميثاق الأمم المتحدة، التي التزمت به عند تقديم طلب عضويتها في المنظمة الدولية. مؤكداً على أن إسرائيل قد قامت على أنقاض الشعب الفلسطيني، ورفضت منذ اليوم الأول قراري الأمم المتحدة رقم (181)، و(194) الخاص بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم التي شردوا منها، كما وأمعنت في انتهاكاتها الممنهجة وواسعة النطاق لقواعد القانون الدولي وحقوق الإنسان الفلسطيني، وعززت استعمارها واحتلالها للأرض الفلسطينية والعربية منذ العام 1967، ورفضت تطبيق قراري مجلس الأمن رقم (242) و(338) بالانسحاب من هذه الأراضي، ولم تلتزم يوماً بأي قرار صادر عن مؤسسات المجتمع الدولي والمنظومة الدولية، وخاصة قرارات منظمة اليونسكو، والجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن والتي كان آخرها قرار مجلس الأمن الدولي (2334) بشأن الاستيطان، كما وتهاجم المنظمة الدولية ووكالاتها المتخصصة، حتى وصل الأمر بها إلى حد المطالبة بحل مجلس حقوق الإنسان، وتفكيك وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). وأكد المجلس على أن تمادي إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بانتهاكاتها وجرائمها، واستخفافها بالمنظومة الدولية، سببه الصمت، وغياب الأفعال من دول المجتمع الدولي ومؤسساته، وعدم استخدام دورهم في احترام وضمان احترام القانون الدولي، وتفعيل مبدأ المساءلة لإسرائيل، وتحميلها المسؤولية لعدم امتثالها لقرارات المجتمع الدولي، وتعاملهم معها كدولة فوق القانون والشرعية الدولية. كما دعا دول المجتمع الدولي إلى رفض ترشيح إسرائيل، إلى أي منصب دولي، بما فيه شغل مقعد في مجلس الأمن، لأن ذلك يعتبر تشجيعاً لها على استعمارها، وجرائمها، وعدم انصياعها للقانون والأعراف الناظمة للمؤسسات الدولية.

وأعرب المجلس عن رفضه لإقرار لجنة بمجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون توقف الولايات المتحدة بموجبه مساعدات سنوية تقدمها للسلطة الفلسطينية. وأكد المجلس أن الولايات المتحدة تدرك أن الاحتلال الاسرائيلي الذي مضى عليه خمسون عاماً، بكل ما صاحبه من نهب لأرضنا ومقدراتنا ومواردنا واعتقال عشرات الآلاف، واستشهاد الآلاف من أبناء شعبنا يتحمل المسؤولية الكاملة عما تتحمله السلطة الفلسطينية من مسؤوليات مالية تجاه ممارسات الاحتلال وتبعاته، وأن عليها بدلاً من الإصغاء لسياسة الابتزاز والضغوط والتحريض التي تمارسها إسرائيل، وإثارة قضايا ثانوية بهدف التهرب من استحقاقاتها التي أقرتها الشرعية الدولية، إلزامها بالانصياع لقرارات الشرعية الدولية، وبالتوقف عن مخططاتها لترسيخ احتلالها، والعمل على إنهاء هذا الاحتلال، وإلزامها بالإقرار بحقوق شعبنا في الحرية والاستقلال والعودة وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

واستمع المجلس إلى تقرير من وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حول الهجمات الإلكترونية التي تعرضت لها شبكات الإنترنت الفلسطينية والتي تعتبر الأقوى منذ العام 2012، مستعرضاً الوسائل التي تم استخدامها لصد هذه الهجمات والتي استمرت على مدار ثلاثة أيام، والتي كانت تؤدي لبطء شديد في خدمة الإنترنت نتيجة قيام القراصنة بإغراق شبكات الإنترنت الفلسطينية بملايين الرسائل بهدف ضرب نظامها واختراقها بشكل مكثف وعالي المستوى، إضافة إلى الهجوم الذي استهدف أجهزة الاتصال بالإنترنت الخاصة بالمستخدم النهائي، وتحديداً القديمة منها بسبب احتوائها على ثغرات بسبب توقف تحديث نظام تشغيلها. وأوضح الوزير أنه تم تشكيل خلية أزمة لمتابعة تطورات الهجمات مع الشركات ذات العلاقة، التي كانت على تواصل على مدار الساعة، مؤكداً أنه تم احتواء هذه الهجمة بشكل كبير، وأن الأمور عادت إلى طبيعتها، ولا يوجد أي اختراقات ذات قيمة منذ مساء أول أمس.

كما استمع المجلس إلى تقرير من القاضي موسى شكارنة رئيس هيئة تسوية الأراضي والمياه حول الإنجازات التي حققتها الهيئة منذ إنشائها قبل ما يقرب عاماً ونصف، مشيراً إلى أن أهمية عملية التسوية تنبع من أن الأرض تمثل جوهر الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، وخير دليل على ذلك الأمر العسكري رقم (291) سنة 1968 الذي تم بموجبه إيقاف عملية التسوية وقصرها على سلطات الاحتلال مما مكن الاحتلال ومنحه الفرصة للقيام بشكل ممنهج ومستمر بمصادرة الأراضي وبناء المستوطنات، ومن هنا فإن عملية التسوية تعتبر من الأدوات المهمة في مقاومة هذا الاحتلال وحماية الأرض من المصادرة والتسريب، وأشار إلى أنه من واقع الإدراك العميق لهذه الأهمية، فإن على جميع مؤسسات الوطن كل فيما يخصه المشاركة والتعاون لإنجاز هذه المهمة الوطنية، واستثمار عامل الوقت الذي نحن في أمس الحاجة إليه بكل ما أوتينا من قوة وإمكانيات. وأكد أن عملية التسوية ستؤدي إلى إيجاد قاعدة بيانات علمية دقيقة للعقارات في دولة فلسطين، وإلى تثبيت الحقوق العقارية وإنهاء الخلافات المتعلقة بأي حق تصرف أو حق تملك في الأراضي أو المياه أو حق منفعة فيها، وفقاً لبيئة قانونية سليمة، مما يحافظ على السلم الأهلي، وعلى أملاك الدولة والأملاك الوقفية، ويحول دون تسريب الأراضي والمحافظة على ملكية المواطنين من خلال تثبيت حقوقهم في الأرض، كما ستساهم في عملية التخطيط المستقبلي السليم وفي التنمية الاقتصادية، ودعا المجلس كافة المواطنين والهيئات المحلية إلى التعاون مع الهيئة لإنجاز هذه المهمة الوطنية الحيوية، مؤكداً استعداد الحكومة لتقديم كافة التسهيلات لإنجازها في أقصر مدة ممكنة.

وعلى صعيدٍ آخر، قرر المجلس تكليف وزير الصحة بتقديم مشروع قرار إلى مجلس الوزراء يتضمن تسمية أعضاء اللجنة العليا لنقل وزراعة الأعضاء البشرية واللجان الفنية المعاونة لها وتحديد مهام عملها، حتى يتسنى للمجلس اتخاذ القرار المناسب بالخصوص، وذلك للبدء في تطبيق أحكام القرار بقانون رقم (6) لسنة 2017م بشأن تنظيم نقل وزراعة الأعضاء البشرية، حيث إن تشكيل اللجنة سيترتب عليه تنفيذ خطوات لاحقة للمساهمة في عملية تنظيم نقل وزراعة الأعضاء البشرية.

كما قرر المجلس إحالة كل من مشروع قرار بقانون هيئة تنظيم قطاع الاتصالات، ومشروع قرار بقانون لتنظيم عمل هيئة تطوير أريحا والأغوار، ومشروع قرار بقانون جهاز السلامة والصحة المهنية، ومشروع قرار بقانون معدل لقانون الزراعة، ومشروع قرار بقانون معدل لقانون التقاعد العام رقم (7) لسنة 2005م، إلى أعضاء مجلس الوزراء لدراستها وإبداء الملاحظات بشأنها، تمهيداً لاتخاذ المقتضى القانوني المناسب.