نعت حركة التحرر الوطني الفلسطيني "فتح"، الزعيم التاريخي، رئيس كوبا السابق، القائد فيديل كاسترو، الذي وافته المنية في هافانا، بعد حياة قضاها مدافعا صلبا عن قضايا وطنه وشعبه، وعن قضايا الحق والعدل في العالم.
وقالت حركة "فتح": إن الزعيم الراحل كاسترو كان نصيرا لكل حركات التحرر الوطني في العالم، خاصة الثورة الفلسطينية، التي كانت لها علاقات تاريخية مميزة، كان خلالها القائد الراحل داعما للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة في كل المحافل الدولية.
ولد فيدال أليخاندرو كاسترو روز يوم 13 أغسطس/آب 1926 لأسرة ثرية من ملاك الأراضي، تلقى تعليمه في المدارس الكاثوليكية في البداية، وكان مجدا في دراسته ومنح لقب أفضل رياضي وهو شاب عام 1944، ثم تخرج في جامعة هافانا عام 1950 بعد حصوله على درجة الدكتوراه في القانون.
خلال فترة حكم كاسترو خطت كوبا خطى واسعة في مجالات عدة منها الرعاية الطبية التي أصبحت في عهده مجانية للجميع، وانخفضت معدلات وفيات الأطفال حتى أصبحت قريبة جدا من الدول الغربية المتقدمة، وكذلك في مجال معرفة القراءة والكتابة التي وصلت نسبتها إلى 98%.
العلاقات الكوبية الفلسطينية
كانت كوبا الدولة الأميركية اللاتينية الوحيدة التي صوتت ضد قرار تقسيم فلسطين الصادر عام 1947. وقد أوضح مندوبها في الأمم المتحدة في ذلك الوقت أنه "يقف موقف المعارضة من مشروع التقسيم رغم الضغط الذي وقع على حكومته".
الموقف الكوبي المتميز لم يكن يعبر عن سياسة مستقرة للحكومة الكوبية تجاه القضية الفلسطينية، واستمرت الحال هكذا حتى سقطت حكومة باتيستا وجاءت الحكومة الثورية بزعامة فيدل كاسترو عام 1959.
وتبلور الموقف الكوبي المناصر للقضية الفلسطينية تدريجيا بعدما انضمت كوبا إلى حركة عدم الانحياز التي حددت موقفها من القضية إيجابيا منذ البداية. وتفردت كوبا من بين دول أميركا اللاتينية بشجب العدوان الإسرائيلي صبيحة الخامس من حزيران 1967، وطالبت بانسحاب (إسرائيل) الشامل والناجز من الأراضي المحتلة.
بتاريخ 26/7/1970 دُعيت منظمة التحرير الفلسطينية لأول مرة لحضور احتفالات أعياد الثورة الكوبية. وبعد أن تحققت وحدة فصائل المقاومة عام 1972 أدرك القادة الكوبيون أن نضال الشعب الفلسطيني نضال مشروع لتحرير واستعادة الأرض والحق المغتصبين، وأنه جزء من كفاح الأمة العربية ضد الامبريالية العالمية.
وفي عام 1972 ذاته صادرت السلطات الكوبية المركز الثقافي الإسرائيلي في هافانا، وكانت تبث منه الدعاية الصهيونية المضللة. وظلت البعثة الإسرائيلية الدبلوماسية بعد ذلك التاريخ موكلة إلى دبلوماسي برتبة سكرتير أول، إلى أن أعلن فيدل كاسترو بتاريخ 9/9/1973 في مؤتمر القمة الرابع لدول عدم الانحياز المنعقد في الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع (إسرائيل). وبهذا كانت كوبا أول دولة في القارة الأميركية تقطع علاقاتها الدبلوماسية بالكيان الصهيوني.
توالت مظاهر التأييد والدعم الكوبي للقضية الفلسطينية، وتجلى ذلك بزيارة وفد منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة القائد الراحل ياسر عرفات لكوبا من 14-17/11/1974، وبإقامة مكتب دائم لمنظمة التحرير في هافانا، وبالبيانات المشتركة المتتالية التي كانت كوبا طرفا فيها، وبتصريحات القادة الكوبيين وخطبهم،
وبموافق كوبا المؤيدة في منظمة الأمم المتحدة أو خارجها للحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني ومنها حقه في تقرير المصير والعودة وإقامة دولته المستقلة في فلسطين، وبإدانات كوبا المتكررة للصهيونية العنصرية وتنديداتها بالممارسات الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة، وبمساندتها لكفاح منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. وقد ظهر كل ذلك بوضوح في المؤتمر الأول للحزب الشيوعي الكوبي المنعقد في هافانا (17-22/12/1975).