عادت شركة " كيرور أحزكوت " الاحتلالية لحملتها المسعورة الهادفة لتفريغ مقبرة القسام الواقعة ببلدة الشيخ بمدينة حيفا بالداخل الفلسطيني المحتل، لكن هذه المرة بمشاركة من عصابات المستوطنين وبغطاء رسمي وشرطي إسرائيلي.

وتم الكشف مؤخراً عن جريمة نبش قبور داخل المقبرة، وتحديدًا تلك القريبة من ضريح الشهيد عز الدين القسام، بعد أقل من 4 ليال على استئناف الشركة لقضيتها لدى محكمة الاحتلال من أجل نقل القبور، بزعم ملكيتها لأرض المقبرة.

وبدأ بحث قضية مقبرة القسام المدفون بها الشهيد القسام ومئات المسلمين من أهالي البلدة والمنطقة، إثر استصدار مستثمر يهودي أمرًا ضد لجنة وقف الاستقلال والجرينة، التي تشرف على أوقاف المقبرة، وضد ما يسمى بـ"سلطة أراضي إسرائيل".

وتطالب الشركة بإخلاء ونبش القبور بغية إقامة مشروع استثماري على أرضها المقبرة البالغة مساحتها 50 دونمًا، علمًا أن محكمة الاحتلال أصدرت سابقًا حكمًا غيابيًا بإخلاء المقبرة، دون علم لجنة الوقف.

وفي تاريخ الأول من مايو الجاري، وبعد تقدم الشركة بطلب للبت في القضية لدى محكمة الصلح في الكريوت، قررت المحكمة بعد جلستها تأجيل البت في طلب الشركة بإزالة عدد من القبور في جزء من المقبرة.

ولكن هذا التأجيل لم يرق للعصابات اليمينة المتطرفة ولا الشركة، فأقدم مجهولون بعد 3 أيام من قرار المحكمة على ارتكاب جريمة بالمقبرة، بنبش ضريح الشهيد عز الدين القسام، وأحدثوا حفرة كبيرة بجانبه، كادت تسقطه.

تفاصيل الجريمة

ويقول مسئول الهيئة الإسلامية في حيفا فؤاد أبو قمير -متحدثًا عن تفاصيل الجريمة- إن "مجموعة من شباب الهيئة كانوا يجولون في المقبرة صباحًا، فتفاجئوا بحفرة عميقة جدًا بالمقبرة، ملاصقة لضريح الشهيد القسام".

ويضيف أن الحفرة بعمق 4 أمتار تحت الأرض وعلى امتداد حوالي متر من قبر القسام.

وفور إبلاغ الشبان للجهات المعنية بالجريمة، حضرت فريق من الهيئة ومختصين، لمعاينة الحفرة، ومن خلال الفحص تأكدوا أن هذه الجريمة مخططة وارتكبها مجموعة وليس شخص واحد، خاصة مع وجود مصباح وأدوات حفر بالمكان.

وكما يقول أبو قمير فإن "هذه الجريمة أثارت مخاوفنا وغضبنا، من أن مخططًا معينًا سيقع ضد المقبرة، وأن الاستهداف الأول كان لضريح القسام، كونه رمزًا وطنيًا للمسلمين".

وتزعم الشركة أن أرض المقبرة مباعة لها من قبل ما تسمى بـدائرة أراضي اسرائيل" عام 1955، وتدعي أنها لم تكن تعلم بوجود قبور فيها حينما اشترتها، وذلك في ردها على تساؤل قضائي بهذا الشأن.

كما تدعي أن شواهد القبور داخل المقبرة ما هي إلا حجارة أتت بها الرياح إلى المكان.

ولكن أبو قمير يؤكد أن المقبرة تتميز بوجود قبور ذات شواهد عالية جدًا، وعلى رأسها قبر الشهيد القسام، وهو ما يفند كذب وعدم منطقية ادعاء الشركة.

"تدفيع الثمن"

وتؤكد الجريمة أن من يقف خلفها هي جماعات متطرفة وتحديدًا "تدفع الثمن"، خاصة وأنها اختارت قبر القسام من بين مئات القبور، والذي سبق وأن كان هناك محاولات للاعتداء عليه من هذه الجماعات التي تتغذى في جرائمها بالتحريض الإسرائيلي الرسمي على الفلسطينيين.

وكانت أسرة الشهيد عز الدين القسام في مدينة جنين بالضفة الغربية، أصدرت بيانًا على لسان حفيد القسام، أحمد محمد عز الدين القسام، حذرت فيه من خطورة تكرار الاعتداء على المقبرة وقبر القسام ورفاقه والمسلمين المدفونين فيها.

وذكرت العائلة أن خطورة الإجراءات الاحتلالية الأخيرة ضد المقبرة، تكمن في إلباسها ثوبًا قانونيًا، يشرع تنفيذ هذا الاعتداء الموتور بأحكام قضائية مبرمة.

تواطؤ الشرطة

وقدمت الهيئة الإسلامية شكوى إلى شرطة الاحتلال بهذه الجريمة، وطالبتها بكشف الفاعلين، خاصة وأن المقبرة يوجد بها كاميرا مراقبة.

ولكن رد الاحتلال كان صادمًا ومتواطئًا مع المجرمين، حيث تذرعت شرطة الاحتلال بأن الكاميرا كانت معطلة أثناء ارتكاب الجريمة، وأنها فقط اشتبهت بشخصين، مدعية أنهما قيد التحقيق.

وبحسب أبو قمير، فإن بلدية الاحتلال في البلدة بالإضافة للمؤسسة الإسرائيلية تتحمل مسئولية هذه الجريمة، وأي جريمة أخرى قد تقع في المقبرة.

ولكن الفلسطينيون لا يعولون على شرطة الاحتلال أو المؤسسة الإسرائيلية بكل تفرعاتها في حماية المقبرة، بالرغم من وعود البلدية بتسييجها، لا سيما وأن هذا الوعد تكرر أكثر من مرة ولا يوجد له أي تطبيق على الواقع، وفق أبو قمير.

ويشير في هذا السياق، إلى أنه وعقب اجتماع طارئ تم عقده مطلع الأسبوع الجاري، تشكيل لجنة شعبية لحماية المقبرة وحراستها.

حماية المقبرة

وتحديًا لشركة الاحتلال ومحكمتها قررت الاجتماع الشعبي مؤخرًا زيارة المقبرة في ذكرى النكبة، وتسييجها وترميمها؛ ووضع كاميرات ومتابعة المراقبة على أرضية المقبرة بالإضافة الى حشد الجماهير لزيارة المقبرة.

ويقول النائب عن القائمة العربية الموحدة في الكنيست الإسرائيلي باسل غطّاس، "إن هناك تخوف من الذين يحاولون الاستيلاء على أرض المقبرة من نضالنا".

ويؤكد على أهمية التصدي الجماهيري والشعبي لأي مؤامرة ضد المقبرة، خاصة بعد جريمة نبش القبور.

ويشدد على أن مؤامرة نقل القبور والاستيلاء على المقبرة لن تمر.

ويضيف "وبالتوازي يجب أن يكون هناك مواجهة قضائية، حينها وبالجمع بين الجانبين النضاليين سننجح في منع الاعتداءات على الأوقاف الإسلامية كاملة أيضًا".