رام الله الإخباري
يتلقى الموظفون العموميون منذ شهر تشرين ثاني/ نوفمبر 2021 رواتب منقوصة، وترواحت نسبة الصرف خلال هذه الفترة ما بين 50% إلى 70%، ما أدى إلى أزمة معيشية خانقة انعكس مباشرة على قدرتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية تسديد التزاماتهم الشهرية، ومع استمرار الأزمة لأكثر 4 سنوات، تراكمت الديون على كثير منهم، ووصل الأمر ببعضهم إلى الملاحقة القضائية.
فمدير أحد المدارس على سبيل المثال، تعرض للاحتجاز من قبل الشرطة على خلفية شيك بقيمة 1500 شيكل قدمه لأحد البلديات، ولم يتمكن من تغطيته بسبب أزمة الرواتب.
يوم الرواتب .. يوم ثقيل
يقول موظف في إحدى الوزارات الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن يوم الإعلان عن صرف الرواتب، يعد اليوم الأسوأ"، بسبب سيل الاتصالات والرسائل من الدائنين، الذين يطالبونه بتسديد دينه أو جزء منها.
ويضيف، أن راتبه المنقوص الذي يتلقاه لا يكفيه أكثر من 10 أيام، يسدد خلالها جزء من الديون المترتبة عليه خاصة للبقالة، وشراء الأشياء الأساسية والضرورية، ثم يعود بعد ذلك للشراء بالدين، ليدفع جزءا كبيرا منه عند صرف الراتب التالي، ويقول: "لولا الثقة المتبادلة بيني وبين صاحب البقالة لعشت أياما طويلة أنا وعائلتي بلا بطعام ومواد تموينية أساسية، فآلاف الموظفوين يعيشون الوضع نفسه".
وظائف إضافية لسد الحد الأدنى
ومع استمرار الأزمة، بدأ الكثير من الموظفين في البحث عن دخل إضافي، فأحدهم يقول إنه يعمل ثلاثة أيام في الوزارة، وفي الأيام الأخرى يعمل في استصلاح الأراضي مع عدد آخر من الموظفين،.
ويؤكد، أن راتبه المنقوص لا يصمد أكثر من ثلاثة أيام، مضيفا: "تكاليف الحياة أصبحت باهظة لا يكفيها حتى صرف راتب كامل، فما بالك بصرف رواتب منقوصة؟".
ويشير إلى أنه يعمل بوظيفة ثانية لتأمين الحد الأدنى من احتياجات أسرته، مبديا استغرابه من الموظفين الذين ما زالوا يعتمدون فقط على راتب الوظيفة العمومية.
وفي المقابل يقول موظف آخر، إنه لم يحالفه الحظ في العثور على وظيفة أخرى، حيث يؤكد أنه عندما يتلقى راتبه المنقوص فإنه لا يعود إلى منزله بأكثر من 300 شيكل في أحسن الأحوال، بعد اقتطاع الديون والفواتير المستحقة كل شهر، كالكهرباء والماء والإنترنت.
وأضاف، أنه يضطر لاقتراض مبلغ لا يقل عن 600 شيكل من أحد أصدقاءه شهريا، والذي يعمل بوظيفة في القطاع الخاص براتب جيد، على يعيدها فور صرف الرواتب، قائلا: ربما كنت أوفر حظا من غيري، فهناك أصدقاء يدركون صعوبة الظروف التي أعيشها، ولا يترددون في مساعدتي بمبالغ مالية، وبعضهم يرفض استعادتها، وهذه المساندة هي ما يمنحني القدرة على الاستمرار.
تفاصيل يومية كشف حجم الأزمة
يقول الموظف (م.خ) الذي يسكن في مدينة رام الله، إنه خلال الأيام العشرة الأخيرة من الشهر، وحتى الأسبوع الأول أو أكثر ـمن الشهر الذي يليه، يضطر للذهاب إلى عمله سيرا على الأقدام لمسافة لا تقل عن خمسة كيلومترات، بسبب عدم توفر المال.
ويضيف، أنه ثلاجته في معظم أيام الشهر تكون شبه فارغة، ولا تحتوي سوى على بعض أرغفة الخبز المجمد، والقليل من الخضروات، فيما الفواكه اختفت تماما من بيته، ولا يجلبها إلا مرة أو مرتين خلال الشهر في أحسن الأحوال.
ويؤكد ذلك صاحب أحد محال الخضروات والفواكه في إحدى قرى رام الله، حيث يقول إن معظم الموظفين لا يشترون سوى الخضروات الأساسية كالبندورة والخيار والبطاطا فقط، بينما يعزفون تماما عن الفواكه بسبب ارتفاع سعرها من جهة، وعدم توفر المال لديهم من جهة أخرى.
ويشير إلى أنه اضطر للبيع بنظام الدين، إلا أن الديون تراكمت بشكل كبير على معظم الموظفين، بسبب أزمة الرواتب الحالية، ما دفعه إلى وضع سقف لا يزيد عن 300 شيكل شهريا لكل موظف.
وتصرف السلطة الوطنية الفلسطينية رواتبا منقوصة لموظفيها منذ نوفمبر 2021 بسبب الضائقة المالية التي تمر بها نتيجة استمرار قرصنة إسرائيل لأموال المقاصة وتراجع المساعدات الخارجية.
يشار إلى أن قيمة أموال الضرائب الفلسطينية المحتجزة لدى الجانب الإسرائيلي تجاوزت 12 مليار شيكل (3.7 مليارات دولار).
وتعتمد السلطة الفلسطينية اعتمادا أساسيا على عائدات الضرائب في تغطية رواتب موظفيها ونفقاتها التشغيلية، وذلك إضافة إلى الدعم الدولي الذي تراجع خلال السنوات الماضية بقدر كبير.
الاقتصادي
