صفقة القرن الجديدة: العفو عن نتنياهو مقابل السلام مع الفلسطينيين

has938mg_donald-trump-netanyahu_625x300_26_July_24.webp

هآرتس - كارولينا ليندسمان

ما يحاول دونالد ترامب ان يفعله واضح: استغلال القوة الفريدة الموجودة لدى بنيامين نتنياهو، فقط له على قاعدته، من أجل ان يقوده إلى تحقيق حلم سياسي متماه مع اليسار، الذي في أساسه كيان سياسي على شاكلة أوسلو. ترامب يبحث عن صفقة تاريخية على اسمه؛ نسخة محدثة لـ”صفقة القرن”. هو لا يغني أغنية “تخيل”، لكنه بالتأكيد شخص مصاب بجنون العظمة على الصعيد الجيوسياسي، ويريد أن يكون أكثر شهرة من ييشو والبيتلز. ومن أجل فعل ذلك فهو بحاجة إلى شريك يمكنه حشد “الشعب” له.

ترامب يعرف ان نفوذ نتنياهو على معسكر اليمين هو كبير جدا عندما يدور الحديث عن الحرب، لكنه غير كاف عند الحديث عن السلام. ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش شريكان في الحرب وليس في السلام. إذا كان الأمر يتعلق باحتلال غزة فعندها سيتساوقان معه باندفاع. إطلاق سراح مروان البرغوثي وإقامة كيان سياسي فلسطيني في القطاع؟ سيقولان له، سنراكم في صناديق الاقتراع.

وبصفته شخص يتمتع بنفوذ سياسي مشابه وله جمهور مخلص لا يعاقب عن تناقضات سياسية، يدرك ترامب أن قوة نتنياهو الحقيقية ليست أيديولوجية، بل قبضته على الشعب. هو الوحيد في النظام السياسي الحالي الذي يقدر على قيادة مؤيديه إلى أي مكان. أفضل الاقتباسات ضد نتنياهو هي اقتباسات نتنياهو نفسه ضد خصومه السياسيين في مواقف مشابهة (“هذا رئيس حكومة غارق حتى رقبته في التحقيقات”؛ اذا كان مفهوم المسؤولية له أي معنى فيجب على رئيس الحكومة الذهاب). ولكن قاعدته تنسى كل شيء.

مريام ادلسون في الواقع صديقة لنفتالي بينيت، وقد يكون بينيت أكثر يمينية من نتنياهو، لكن الشعب لن يتبع بينيت أبدا. الأمر ليس مسألة يمين أو يسار، بل مسألة فيسيولوجية سياسية، ثقة تنبع من الداخل. هكذا يعرف ترامب أن الشخص الوحيد القادر على اقناع مؤيدي نتنياهو بخطوة سياسية بروحية حل الدولتين هو نتنياهو، ولذلك وبخ ترامب يئير لبيد في خطابه في الكنيست. في أوقات الحرب لا حاجة إلى لبيد. أما في أوقات السلام – ماذا يهمك يا بيبي، ما رأيك ان تكون لطيفا معه أكثر قليلا. أنظر كيف احمر وجه الصبي خجلا، حتى إن نتنياهو ضحك. وأشار ترامب لهما: ستكونان معا في طاقمي للسلام.

هو يدرك أن لبيد والرؤساء المناهضين لبيبي لا يمكنهم تسويق الانضمام إلى نتنياهو للناخبين. انظروا الجثة السياسية الملقاة جانبا لبني غانتس. من هنا نحن سنصل إلى العفو. ترامب لا يحاول مساعدة صديق، بل يحاول هندسة مصالحة وظيفية، ليس عاطفيا أو أيديولوجيا، بين المناوئين لبيبي والبيبيين، من أجل تشكيل حكومة بدون اليمين المتطرف، تستطيع أن تدفع قدما السلام مع الفلسطينيين.

مثلما أدرك أن الرهائن قد تحولوا من رصيد لحماس إلى عبء يبرر استمرار الحرب، هو يدرك أيضا ان محاكمة نتنياهو قد تحولت من رصيد سياسي للمعارضة إلى عبء على كل النظام. ليس بسبب إدانة وشيكة أو لأن المحاكمة تستهلك وقت نتنياهو الثمين، بل لأنها تغلق مجاله السياسي للمناورة وتقيده باليمين المتطرف. وبالتالي تغلق أيضا المجال امام الفرص السياسية.

ترامب يعرض دعما رئاسيا ورعاية دولية للعفو، وساطة أمام معارضة ووقود سردي لـ “تغيير الاتجاه”، ومساعدة سياسية لنتنياهو في كسر ارتهانه للمتطرفين اليمينيين. العفو ليس منة شخصية لنتنياهو، بل ثمن لتغيير التوجه السياسي. ليس ثمنا للتقاعد، بل ثمن لوقف الانقلاب وفتح مساحة سياسية جديدة. هل سيحدث ذلك؟ الأمر يعتمد على ترامب وحده. فإذا نجح في إقناع هرتسوغ بأن ما هو موجود على المحك هو السلام مع الفلسطينيين.