رام الله الإخباري
بدأت البنوك العاملة في فلسطين منذ مطلع شهر أيار/مايو الجاري تطبيق قيود جديدة على الإيداعات النقدية بعملة الشيكل، حيث تم تخفيض سقف الإيداع الشهري للأفراد إلى ما بين 5 و7 آلاف شيكل فقط، بعد أن كانت بعض البنوك تسمح بإيداعات يومية تصل إلى 20 ألف شيكل.
وتأتي هذه الخطوة في ظل أزمة متفاقمة تعاني منها البنوك الفلسطينية بسبب تراكم كميات هائلة من الشيكل في خزائنها، في وقت يرفض فيه الجانب الإسرائيلي استقبال هذه الأموال عبر القنوات المصرفية المعتادة.
ورغم أن سلطة النقد الفلسطينية نفت إصدار أي تعليمات رسمية بهذا الخصوص، إلا أنها أقرت بوجود أزمة فعلية في السيولة النقدية بالشيكل، مشيرة إلى أن القيود المفروضة من الجانب الإسرائيلي على عمليات التحويل البنكي حالت دون تصريف هذا الفائض، الذي يُقدر سنويًا بحوالي 20 مليار شيكل.
انفلات في سوق الصرف
هذه القيود أدت إلى خلل واضح في سوق صرف العملات الأجنبية، وعودة السوق السوداء، حيث ارتفع الطلب على الدولار والدينار، وظهر فارق كبير بين الأسعار الرسمية والسوقية.
على سبيل المثال، بلغ سعر الدولار في نشرة سلطة النقد الأخيرة 3.55 شيكل، بينما يباع فعليًا في السوق بـ 3.62 شيكل أو أكثر.
وفي المقابل، تبدي البنوك مرونة أكبر في استقبال العملات الأجنبية مقارنة بالشيكل، لكنها تفرض قيودًا على السحب النقدي، وتطلب من العملاء استخدام التحويلات البنكية أو إصدار شيكات.
مخاوف من العودة إلى “الكنز المنزلي”
تزايدت مؤخرًا مخاوف المواطنين من اللجوء إلى الاحتفاظ بالنقد خارج البنوك، ما يُنذر بعودة ظاهرة "تحت البلاطة"، التي شهدت انتشارًا في فترات سابقة من عدم الاستقرار المالي.
لكن سلطة النقد حذرت من هذا التوجه، مؤكدة أن القطاع المصرفي الفلسطيني آمن، وأن الودائع محفوظة، وأن حل أزمة الشيكل جارٍ من خلال جهود إقليمية ودولية لفتح قنوات تصريف آمنة للعملة.
وتبقى هذه الأزمة مثالًا صارخًا على هشاشة المنظومة النقدية الفلسطينية أمام القيود الإسرائيلية، وغياب السيادة المالية، في وقت تُحاول فيه البنوك إدارة سيولة غير متوازنة وسط تحديات اقتصادية متصاعدة.
مايو الجاري، بدأت البنوك العاملة في فلسطين بتطبيق قيود جديدة على سقف الإيداع النقدي بعملة الشيكل للأفراد، حيث تم خفض السقف الشهري إلى ما بين 5 و7 آلاف شيكل، بعد أن كانت بعض البنوك تسمح بإيداع ما يصل إلى 20 ألف شيكل يوميًا.
ووفق ما أفادت به مصادر مصرفية لموقع الاقتصادي ، فإن هذه الإجراءات جاءت نتيجة تفاقم أزمة فائض الشيكل، في ظل رفض البنوك الإسرائيلية استقبال المزيد من العملة المتراكمة، التي تُقدّر قيمتها بمليارات الشواكل، ما تسبب بتكدسها في خزائن البنوك الفلسطينية.
من جانبها، نفت سلطة النقد الفلسطينية إصدار أي تعليمات بهذا الخصوص، مشيرة إلى أنها تتابع الأزمة وتكثف اتصالاتها مع جهات إسرائيلية ودولية بهدف فتح المجال أمام شحن الفائض النقدي للخارج.
وأوضحت سلطة النقد أن استمرار القيود الإسرائيلية على عمليات شحن الأموال من البنوك الفلسطينية إلى نظيرتها الإسرائيلية يمثل تحديًا حقيقيًا، مشيرة إلى أن متوسط فائض الشيكل السنوي يبلغ نحو 20 مليار شيكل (5.47 مليارات دولار)، ما يحمّل البنوك تكاليف عالية في التخزين والتأمين.
عودة السوق السوداء
تطبيق القيود الجديدة على الإيداع النقدي تسبب بعودة السوق السوداء لتحديد أسعار صرف العملات الأجنبية، حيث لم تعد الأسعار الرسمية المعلنة من سلطة النقد مرجعية حقيقية في السوق.
وأكد صرّافون وجود طلب مرتفع على الدولار والدينار، ما أحدث فجوة واضحة بين السعر الرسمي وسعر السوق، إذ بلغ سعر صرف الدولار الرسمي الخميس الماضي 3.55 شيكل، بينما لم يكن متاحًا في السوق بأقل من 3.62 شيكل.
وتقبل البنوك الإيداع بالدولار والدينار بسهولة نسبية، لكنها تفرض قيودًا على السحب النقدي، وتُطالب العملاء بتحويل الأموال إلكترونيًا أو إصدار شيكات بنكية، فيما أبلغ عدد من المتعاملين عن رفض البنوك تحويل أرصدتهم من الشيكل إلى الدولار وسحبها نقدًا بدعوى نقص العملة.
واعترفت سلطة النقد بوجود تقلبات في أسعار الصرف ناتجة عن نقص العملات الأجنبية وزيادة المخاوف بشأن فئات العملة، مشيرة إلى أنها تعمل على ضخ كميات إضافية من العملات الأجنبية في السوق ومعاقبة الجهات التي تتجاوز هوامش التسعير الرسمية.
مخاوف من العودة إلى حفظ الأموال خارج البنوك
أمام هذه التطورات، أعرب مواطنون عن مخاوف من العودة إلى حفظ الأموال نقدًا خارج الجهاز المصرفي، وهي الظاهرة المعروفة محليًا بـ"تحت البلاطة"، إلا أن سلطة النقد حذّرت من هذا التوجه، معتبرة أنه يعرّض الأموال لمخاطر ويحرم الاقتصاد من استثمارها.
وأكدت أن البنوك لن تتوانى عن استقبال الإيداعات بمجرد توفر القدرة على تصريف الفائض النقدي المتراكم، مشيرة إلى أن القطاع المصرفي الفلسطيني آمن، وأن الودائع مضمونة بموجب القوانين المعمول بها.
وتعكس هذه الأزمة المالية حجم الضغوط التي تمر بها السوق الفلسطينية، في ظل تفاقم مشكلة السيولة وتقييد التعاملات النقدية، مما دفع باتجاه تصاعد الأنشطة غير الرسمية وعرقلة المعاملات اليومية للمواطنين والقطاعات الاقتصادية على حد سواء.
الاقتصادي