علاء مطر
منذ اليوم الأول لفوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية، حرص كثيرا على إنهاء حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، وضرورة إتمام صفقة التبادل بين إسرائيل وحماس، وإلا كان الثمن "جحيم في الشرق الأوسط"، وهو ما راهن عليه جميع المراقبين بالموقف الذي سينجح مفاوضات الصفقة وهو ما تم بالفعل، ولكن هل كان الموقف الأمريكي من انهاء الحرب واتمام الصفقة مبنيا على نية إنسانية أم سياسية بحتة؟
الجميع سيرى أن ترحيب ترامب باتمام الصفقة والإفراج عن مجموعة من الرهائن الإسرائيليين، من غزة وتأكيده على أهمية هذه الخطوة في تعزيز الجهود المبذولة نحو تهدئة الأوضاع المتوترة في المنطقة، هو موقف سياسي بحت، ونصرة لإسرائيل كما هي عادتها، دون النظر بعين الإنسانية إلى مئات الآلاف من أرواح الفلسطينيين التي ازهقت في "حرب اللاشيء" التي بدأتها حماس وللأسف عادت لتحكم القطاع من جديد في اليوم الأول لاتمام التهدئة.
وعلى الرغم من إشادة الرئيس الأميركي بهذه الخطوة ووصفها بـ"الإيجابية"، وإعرابه عن أمله في أن تكون بداية لعملية أوسع من التفاهمات التي قد تسهم في تحقيق الاستقرار في المنطقة، وتأكيده على أن إطلاق سراح الرهائن يمثل لحظة إنسانية بالغة الأهمية لعائلاتهم، ويمثل خطوة نحو بناء الثقة بين الأطراف المتصارعة، يبدو أنه نسي أن هناك أكثر من عشرة آلاف أسير فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي أغلبهم من قطاع غزة، دون أن يتطرق لهم ولو بكلمة واحدة، وهو ما يكشف عن دوافع ترامب من الصفقة وأنها ليست دوافع إنسانية، فالانسانية لا تميز بين إسرائيلي وفلسطيني، الإنسانية للعالم جميعا دون تفرقة.
وتأكيدا على هذا الموقف، جدد ترامب تحذيره لحركة حماس بلهجة شديدة، مطالباً إياها بالالتزام بالاتفاقيات المبرمة ضمن الصفقة، كما حذرها من أن أي تأخير في تنفيذ الخطوات اللاحقة قد يؤدي إلى تصعيد التوترات وعرقلة المساعي الدولية الرامية إلى تهدئة الأوضاع. وأكد أن الإدارة الأميركية ستراقب التطورات عن كثب وستعمل مع حلفائها في المنطقة لضمان التنفيذ السريع والشفاف للاتفاق.
ورغم، أن العديد من المراقبين يرون أن تصريحات الرئيس الأميركي تجمع بين البعدين الإنساني والسياسي. فمن جهة، تعكس التصريحات حرصا على دعم حقوق الرهائن الاسرائيليين وعائلاتهم، ومن جهة أخرى، تشير إلى رسالة واضحة لحماس مفادها أن المجتمع الدولي لن يتسامح مع أي خطوات تعرقل تنفيذ الاتفاق، فيما من جهة ثالثة تأتي هذه التطورات في وقت تسعى فيه الإدارة الأميركية لتعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط والعمل على تهدئة النزاعات المتفاقمة، لكن وجهة نظرنا واضحة، إنه موقف سياسي بامتياز، وان كان إنسانيا فهو للجانب الإسرائيلي ورهائنهم وليس للأسرى الفلسطينيين الذين يموتون في سجون إسرائيل دون أن نسمع همسا أمريكيا.
في النهاية، تظل التطورات المرتبطة بهذه الصفقة محط أنظار العالم، حيث تمثل خطوة نحو تخفيف حدة الصراع وإيجاد حل للأزمة الإنسانية التي تعصف بالمنطقة. ومع ذلك، فإن تنفيذ الاتفاقية بنجاح يتطلب التزاماً من جميع الأطراف المعنية، إلى جانب دعم دولي قوي يضمن استمرار الجهود الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار.