تنطلق مساء اليوم الأربعاء 25 ديسمبر/كانون الأول الجاري، احتفالات اليهود بما يُسمى عيد الأنوار (الحانوكا)، وتنتهي يوم الثاني من يناير/كانول الثاني المقبل، فيما اقتحم المئات من المستوطنون المسجد الأقصى اليوم وسيقتحمونه على مدار 6 أيام منه، وهو الأمر الذي يزيد عدد عناصر الشرطة الإسرائيلية في البلدة القديمة، لمنع الاحتكاك بين المصلين الفلسطينيين والمستوطنين المقتحمين.
ومع اقتراب هذا العيد يصرّ قادة وأنصار "جماعات الهيكل" المتطرفة على الاحتفال به داخل ساحات الأقصى في مدينة القدس، وعلى تنفيذ الطقوس الخاصة به، خصوصا في الساحات الشرقية للمسجد، وفي المقابل تشتد الهجمة على المقدسيين وتفرض قيودا على دخولهم إليه.
بالمناسبة، زيادة تواجد الشرطة الإسرائيلية في القدس الشرقية قبل الأعياد اليهودية ليست بالأمر الجديد، وغالبا ما تكون مرتبطة بمحاولات السلطات الإسرائيلية تأمين المناطق الحساسة ومنع أي مواجهات قد تنشأ في ظل التوترات القائمة بين الفلسطينيين والمستوطنين، ونتيجة لذلك، يمكن رؤية العديد من الآباء وهم يدعون لمراقبة الأطفال الصغار على وسائل التواصل الاجتماعي حتى لا يقعوا في المشاكل.
وفي الوقت الذي ستُنصب عند مداخل المستوطنات والأحياء الاستيطانية في القدس شمعدانات ضخمة تُضاء مع مغيب شمس كل ليلة، واستفزاز المقدسيين بنصب شمعدانات في قلب الأحياء العربية وعلى أسطح العقارات التي استولوا عليها بالبقوة، فإن هناك دعوات الأهالي لمراقبة الأطفال تعكس المخاوف من تصاعد أي احتكاك قد يحدث مع الشرطة أو المستوطنين في البلدة القديمة، خاصة في ظل الحضور المكثف للقوات الإسرائيلية. عادة ما يتحول أي حادث صغير إلى مواجهة أوسع، وهو ما يحاول الأهالي تجنبه.
ولا يخفى على أحد الضغط النفسي والاجتماعي لدى المقدسيين جراء زيادة التواجد الأمني في الأحياء الفلسطينية، وهو ما يُنظر إليه عادة من قبل السكان على أنه أداة ضغط وتقييد لحركتهم، مما يضيف أعباء نفسية، خصوصاً مع الأجواء الاحتفالية للأعياد في المدينة التي تقتصر على الجانب اليهودي، بينما التوقيت الحساس، لاقامة مهرجان "الأضواء" اليهودي في القدس التي تحمل رمزية كبيرة لدى الفلسطينيين، بحيث يزيد من الشعور بالإقصاء أو الاستفزاز، خاصة إذا تم تنظيم فعاليات في مناطق قريبة من الأحياء الفلسطينية أو البلدة القديمة.
وعادة ما تتطور الأمور من تحول أي حادث عرضي أو احتكاك، حتى لو كان صغيراً، إلى تصعيد أكبر، خاصة مع الوضع الأمني المتوتر بشكل دائم في القدس، فيما يرى الفلسطينيون غالبا في هذه المناسبات الدينية محاولات لترسيخ السيطرة الإسرائيلية على القدس الشرقية، مما يزيد من حالة الغضب الشعبي.
وفي ظل الوضع الأمني الصعب، وارتدادات حرب السابع من أكتوبر بغزة على القدس والضفة الغربية، فإن السكان الفلسطينيين يتوخون الحذر ويبتعدون عن نقاط الاحتكاك المحتملة، فيما الأهم من ذلك هو الحاجة الملحة لضغوط دبلوماسية لتهدئة الأوضاع وضمان حرية الحركة للسكان المحليين خلال فترة العيد اليهودي.
الحقيقة، إن الوضع في القدس الشرقية دائماً حساس، وأي خطوة غير محسوبة يمكن أن تؤدي إلى تبعات خطيرة على الأرض، مما سيزيد بلا شك من حدة الصراع ويعقد أي جهود للسلام، خاصة أن الحلول الدائمة تتطلب احترام حقوق جميع الأطراف وإيجاد تسويات تضمن العيش المشترك، في ظل وجود واقع معقد ومتأزم، وخصوصا بعد عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سدة الحكم من جديد، وهو الذي اعترف بالقدس عاصمة إسرائيل، مما زاد من حدة الصراع والتوتر من الأساس.