قراءة في رد العلماء على الشيخ سلمان الداية

image_processing20230214-291924-ute7ri.jpg
في قراءة سريعة للرد على الشيخ سلمان الداية، الكثير من التساؤلات باتت تدور في ذهني تتعلق بالدور الحقيقي للعلماء والدعاة في أوقات الأزمات.
 
وأهم ما لفتني في فتواهم شعارات الجهاد والمقاومة دون الأخذ بعين الاعتبار ما يحدث على أرض الواقع وعليه ما يلي:
 
1_ هل كان نص الشيخ سلمان يستحق هذا الرد "الهجوم"؟
 
_ بداية جاء في نص الرد :"نُصح الشيخ سلمان الداية سرًا قبل الإعلان، ثم اضطررنا إلى هذا الإعلان، لما أدى إليه المقال من آثار بالغة الضرر على المجاهدين في الميدان، وعلى مسيرة الجهاد المباركة بشكل عام، وما نريد إلا الإصلاح ما استطعنا، وما توفيقنا إلا بالله، عليه توكلنا وإليه ننيب".
 
_ إذا كان الغرض الحقيقي للنقد هو الإصلاح، فلماذا لجأؤوا إلى الإعلان العلني والتشهير بدلًا من متابعة النصح والتوجيه الشخصي للشيخ سلمان؟
 
_ التوجه من النصح السري إلى الهجوم العلني يُظهر وكأن الهدف ليس الإصلاح بل إسكات الأصوات المعارضة التي تختلف مع الرؤية الخاصة بمن اجتمعوا ليردوا.
 
بعد قراءة نص الشيخ الداية كان واضحا أنه ينبع من دافع الحرص على أرواح الناس وحماية المدنيين، لا من منطلق التشكيك في شرعية الجهاد أو التقليل من تضحيات المجاهدين.
 
_ لماذا تم اتهام الشيخ بأنه ضد “مسيرة الجهاد”، بينما هدفه الأساسي هو الحفاظ على حياة الأبرياء؟
 
_ لماذا يستكثر هؤلاء الشيوخ على أهل غزة، الذين يعانون الويلات يوميًا، أن يكون لهم من يتحدث باسمهم ويحاول حمايتهم من الإبادة.
 
_ لماذا يرى هؤلاء الشيوخ أن هذه مطالبة الشيخ سلمان أضرت بالمجاهدين، فهل الأَوْلى حماية القضية أم حماية الأرواح؟
 
إذا كانت تصريحات الشيخ سلمان قد أثّرت على المجاهدين كما تزعمون، فإن الإعلان العلني الذي هاجمتموه فيه لا يقل ضررًا، بل قد يزيد من الشرخ والانقسام بين الناس، في وقت تحتاج فيه غزة إلى كل صوت يتوحد من أجلنا.
 
ألم يكن الأَوْلى أن تُحفظ وحدة الصف من خلال الاستمرار في الحوار السري والنصيحة البناءة، بدلًا من إحداث مزيد من الانقسام؟
 
فالمؤكد أن الهجوم العلني على الشيخ الداية لا يبدو مُبررًا، خاصة أنه شخص يعيش بين أهله في غزة ويتحدث من منطلق معرفته بالواقع المرير الذي يعايشه يوميًا.
 
2_ لماذا هذا الاهتمام في الرد على الشيخ الداية؟
 
_ يبدو أن هناك فجوة بين العلماء الذين يُصدرون الفتاوى من العواصم البعيدة وأهل غزة الذين يعيشون تحت القصف والجوع والحصار.
 
_ كيف يمكن لمشايخ يقيمون في أمان بعيد عن النار والجحيم، أن يُصدروا أحكامًا دون أن يشعروا بمرارة الحياة التي يعيشها أهل غزة؟
 
_ إذا كان الجهاد واجبًا كما يروّجون، أليس الأجدر بهم أن يكونوا في الصفوف الأمامية وليس مجرد منظّرين من بعيد؟
 
_ يظهر أن هناك تركيزًا على مهاجمة الشيخ سلمان الداية الذي يعيش واقع غزة ويدعو إلى وقف إراقة الدماء، في حين يغيب عن تلك البيانات أي طرح واقعي لإنهاء المعاناة.
 
_ الفتاوى التي تُصدر من الخارج قد تكون بعيدة عن الواقع اليومي الذي يعيشه أهل غزة من جوع ونزوح وتشريد، ما الذي قدمه العلماء في فتواهم لسد جوع الأطفال؟
 
في الختام…
 
_ لماذا يتجنب العلماء الحديث عن دور الأنظمة العربية التي تدير ظهرها لقضية غزة، أو تلك التي تمنع الدعم والمساندة؟
 
_ هل يجرؤ العلماء على إصدار فتاوى تُدين الظلم والفساد في بلدانهم؟
 
_ إذا كان الشيخ الداية يدعو إلى وقف الحرب لحماية المدنيين، ألا يُعتبر ذلك منطقًا إنسانيًا وشرعيًا؟ لماذا يُعتبر ذلك موقفًا مستهجنًا أو مُعارضًا للجهاد؟
 
_ ما يعيشه أهل غزة ليس مجرد عناوين عريضة تُتلى في المؤتمرات أو الفتاوى، بل هو واقع مؤلم ومرير لا يَفهمه من لم يعشه.
 
لذلك يجب على العلماء أن يكونوا أقرب إلى هموم الناس، وأن يتجاوزوا لغة الشعارات إلى أفعال حقيقية تُسهم في التخفيف من معاناة أهل غزة.