هل كانت عملية دهس ام قتل لمجرد الأشتباه ؟

رام الله الإخباري

في ساعة مبكرة من فجر اليوم الاثنين، استقل كل من أمير دراج، ويوسف العنقاوي، وهيثم علقم، سيارتهم الخاصة بعد الانتهاء من عملهم في مدينة بيتونيا غرب رام الله، متجهين نحو قرية كفر نعمة للوصول الى قراهم القريبة من المكان.

على منعطف خطير على مدخل القرية، وسط حالة جوية سيئة، وانتشار كثيف للضباب، انزلقت المركبة التي كانوا يستقلونها، وفوجئوا بجنود الاحتلال في المكان الذين أطلقوا النار عليهم بلا تردد، ليستشهد أمير من قرية خربثا المصباح، ويوسف من بيت سيرا، فيما أصيب هيثم من قرية صفا بجروح خطيرة.

وقال رئيس مجلس قروي كفر نعمة إن عملية إعدام الشابين وقعت حوالي الساعة الرابعة فجرا، وفي منطقة تضاريسها الطبيعية صعبة، ما يرجح أن ما وقع هو حادث سير، بسبب المنعطف الخطير في الشارع هناك

 حيث أطلق جنود الاحتلال النار على المركبة، وما يؤكد هذا الكلام قيام الجنود بالاستيلاء على تسجيلات الكاميرات الموجودة لأحد المحال التجارية القريب من مكان وقوع الجريمة، وذلك ليخفوا جريمتهم.

بدوره، لفت مدير مؤسسة الحق شعوان جبارين الى أن سلطات الاحتلال لديها سهولة واستسهال في مسألة إطلاق النار على الفلسطيني بهدف القتل دون وجود أي ضرورة عسكرية في هذا المجال، ما يعني أنه لا يوجد خيار ثان غير إطلاق النار، ولكن ما نراه اليوم من حالات لا يكون فيها أي وجود لخطر على الجنود، ولا يوجد منطق لإطلاق النار.

وبين أن هذا الأمر يعكس التعليمات التي يتلقاها الجندي بالقتل، والشعور بالإفلات من العقاب، والتغطية على جرائمهم بادعاءات التعرض للجنود ومحاولة القتل وغيرها، والذي يسهل على الجنود عملية قتل الفلسطيني، ويتحول الأخير بذلك وكأنه مجرد هدف للجنود. وهذا ما يحصل.

وقال، لم نعهد سابقا أن يكون مجموعة اشخاص بمركبة واحدة بنية تنفيذ عملية دهس، بدلا من شخص واحد، وبالتالي فإن المنطق الذي تتحدث عنه اسرائيل مخروق، ولا أساس له من الصحة بأن الشبان كانوا يريدون تنفيذ عملية.

وبين أن المؤسسة قامت برفع مئات التقارير لمحكمة الجنايات الدولية بخصوص موضوع القتل العمد.

إلى ذلك أضاف الخبير القانوني حنا عيسى، أنه لا يجوز لسلطات الاحتلال أن تستخدم القوة المفرطة ضد المدنيين الواقعين تحت الاحتلال، وأن تطلق الرصاص على شبان انزلقت بهم المركبة نتيجة الأمطار، وعدم الانتباه بسبب الضباب، وهذا يسمى بالقانون إعدام مباشر خارج القانون وخارج القضاء، مشيرًا الى أن من اقترف هذه الجريمة يعتبر مجرم حرب ويجب أن يخضع للتحقيقات اللازمة حسب ما تنص عليه القوانين الاسرائيلية أولا، وإذا تعذر هذا الأمر، أن نذهب للمحكمة الجنائية الدولية على اعتبار أن القضاء الجنائي الدولي، هو تكميلي للقضاء الوطني.

وأشار الى أن كل ما تقوم به سلطات الاحتلال هو ترهيب وتخويف الفلسطينيين بالقتل العمد، وذلك بهدف إفراغ فلسطين من مواطنيها من خلال هذا الرعب الاجرامي وهو "القتل العمد" الذي تمارسه بحق المواطنين الفلسطينيين، لافتًا  الى أن اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949  وجدت لحماية السكان المدنيين الواقعين تحت الاحتلال.

وشدد على أن اسرائيل كسلطة احتلال قائم للأراضي الفلسطينية لا تراعي قواعد القانون الدولي الانساني المتعلق بحماية المواطنين وممتلكاتهم.

وأضاف "علينا أن نحضر الملفات اللازمة بما يتعلق بهذه الجريمة وغيرها، لعرضها على المحكمة الجنائية الدولية، لأن الجرائم لا تسقط بمرور الزمن، استنادا لاتفاقية الأمم المتحدة لسنة 1968 ولنفس المادة 29 من نظام المحكمة الجنائية الدولية لسنة 1998، كما يحق لأهالي الضحايا أن يتوجهوا الى المدعية العامة الدولية بن سودا استنادا لنصوص المواد الواردة في نظام روما من 12-15 وتقديم شكوى في هذا الخصوص، ونحن نعلم أن المحكمة الجنائية ستباشر التحقيق في ذلك.

وفي السياق، قال مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الانسان عمار الدويك، إن اسرائيل لديها سياسة الاصبع الخفيفة على الزناد، والمطبقة في جيش الاحتلال، لتعطي الصلاحية للجنود والضباط في الميدان، باتخاذ قرار بإطلاق النار باستخدام القوة النارية واستخدام السلاح المميت، وذلك في حال اشتباههم بأن حياتهم تعرضت للخطر.

وتابع،  هذا يعطي صلاحية تقديرية كبيرة للجندي، وهو الذي يقدر مستوى الخطر الذي يتعرض له، والنتيجة أنه يقتل الكثير من الفلسطينيين دون أن يكون هناك أي خطر حقيقي على حياة الجنود، وهذا شيء أشارت له لجنة التحقيق الدولية المستقلة في مسيرات العودة، حيث انتقدت تعليمات اطلاق النار، واعتبرت أن هذه التعليمات تتيح للجنود قتل الفلسطينيين دون أن يكون هناك أي خطر حقيقي على حياة الجنود، وطالبت اللجنة اسرائيل بتغييرها.

وبين أن الهيئة قدمت تقارير للمقرر الخاص في الأمم المتحدة بموضوع الاعدام خارج نطاق القانون، وتم تقديم شهادة شفوية في مجلس حقوق الانسان في مجال الاعدامات الميدانية قبل عام، مشددا على أن دولة فلسطين أحالت عدة مواضيع من بينها الإعدام الميداني، يعني التحرك القانوني موجود على الصعيد الدولي من المستوى الرسمي أو الأهلي الفلسطيني، لكن الإجراءات القانونية الدولية بطيئة وفاعليتها بطيئة. وتأخذ وقتا، ولكن بحاجة لنفس طويل، ويجب أن نستمر في استخدام ادوات القانون الدولي، بالإضافة الى الادوات السياسية الأخرى.

وأوضح أن الاعدامات الميدانية يرافقها الإفلات من العقوبة بالنسبة للجنود الاسرائيليين الذين يقومون بقتل الفلسطينيين، أو ينالون عقوبات مخففة جدًا كما حدث مع قاتل الشهيد عبد الفتاح الشريف الذي حكم 8 أشهر، ايضا يرافقها حملة تحريض من المستويات السياسية على الفلسطينيين وتمجيد للجنود الذين يقومون بقتل الفلسطينيين.

وتشير إحصائيات مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق الى أن سلطات الاحتلال أعدمت خلال 2018 الماضي، 312 مواطنا في الضفة الغربية وقطاع غزة، والقدس، من بينهم 57 طفلا، وثلاث سيدات.

 

وفا