قال رجل الأعمال الفلسطيني والمعروف عالميًا د. عدنان مجلّي أن الشعب الفلسطيني شعب حي مثقف وواع يمتلك روﺣﺎً ﺻﺎﺑرة مبدعة وإرادة صلبه لكنه يفتقر فرص الاستثمار الفعّالة.
وقال مجلي لصحيفه الصباح التركية: إن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة حلم كل فلسطيني حر (..) لكن يحب الاستعداد لها عن طريق بناء الإنسان الفلسطيني.وأوضح أن الاستثمار الحقيقي هو الذي يحقق التنمية وكذلك يجب أن تعود نتائجه على الشعب في مختلف المجالات، بمعنى أن يكون له جدوى تنعكس إيجابيا وبشكل ملموس على الجميع.
وقال: "استثمر في الأشخاص لأن الإنسان هو رأس المال الحقيقي، لافتا الى أن الاستثمار يختلف عن التجارة. وأضاف: لقد استثمرت في العديد من المشاريع لعدّة سنوات بدءًا من مشاريع الطاقة إلى الزراعة (..) يمكنني أن أرى أين هي الفرص وما هو الأمر المفقود. وزاد: لدينا مشاريع استراتيجية بقيمة تصل لأكثر من 2 مليار دولار، ولكن الصعوبة تأتي من عدم توفر المناخ المناسب في العثور على شركاء استراتيجيين والأفراد القادرين على إدارة هذه المشاريع ونقلها لمستويات أعلى.
وشدد مجلي على ضرورة أن تكون كافة المشاريع طويلة الأمد مصمّمة لبناء مؤسسات تعليمية وطبية واجتماعية واقتصادية، وأن يتم إطلاقها وتطويرها وامتلاكها من قبل الناس في فلسطين، لافتا إلى مشاركته بنشاط في المحرك الفلسطيني الاجتماعي الاقتصادي منذ عام 1989 من خلال الاستثمار وكذلك من أجل المساعدة على تحقيق الاستقرار في مختلف النواحي الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا الى تقديمه المنح الدراسية لآلاف من الطلبة وكذلك الأطفال الذين يتمتّعون بالذكاء والطموح ولكن ليس لديهم الامكانات للحصول على التعليم. وكذلك مساعدته في بناء المدارس والمؤسسات الاجتماعية والثقافية، موضحا بأن خطة التنمية من أسفل إلى أعلى مع الشراكات الاستراتيجية من شأنها أن تساعد على رفع مستوى حياة الفلسطينيين، وستمكّنهم في نهاية المطاف من الصمود بأنفسهم بدلاً من الاعتماد على مصادر دولية خارجية.
ودعا مجلي رجال الأعمال الفلسطينيين إلى ضرورة المشاركة في بناء الإنسان الفلسطيني ودعمه والاستثمار به وقال: هذا واجب وطني على كل فلسطيني مقتدر العمل على دعم أبناء بلده من خلال توفير التعليم وإقامه المشاريع لخلق فرص العمل وتوفير حياه كريمة.
وأضاف: هذا يصب في صالح الوطن ومن شأنه أن يعزز من صمود الشعب الفلسطيني في الداخل وبالتالي سيفشل المخطط الاستيطاني الذي يسعى إلى إخلاء الأراضي الفلسطينية وتهجير أهلها.
وعلى الصعيد الاقتصادي قال: وفق إحصائيات البنك الدولي: "لا تزال التوقعات الاقتصادية للأراضي الفلسطينية غير مشجعة مع توقعات بمستويات نمو متدنية وغير قادرة على تحسين مستوى المعيشة، وأنه من المتوقع أن يرتفع العجز المالي "قبل المنح" إلى 10 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي [1.35 بليون دولار] في عام 2017. بنفس الوقت فإن المعونة الخارجية يمكن أن تصل في عام 2017 إلى 640 مليون دولار، مما يترك فجوة تمويلية تتجاوز الـ 700 مليون دولار [5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي]، لافتا الى أن إجراءات السلطة الفلسطينية وحدها لن تكن كافية لسد هذه الفجوة.
وأوضح بأنه ما لم يتم زيادة المساعدات المقدّمة من المانحين، فعلى الأرجح أن يتم تمويل العجز من خلال القطاع الخاص ومن خلال الاقتراض من البنوك المحلية."
وحول مسار العملية السلمية قال: السلام الحقيقي لن يتحقق ويتجسد على أرض الواقع طالما هو فقط بين الحكومات(..) حبر على ورق، بل يجب أن يكون بين الشعبين.
وسئل حول ما يعنيه بذلك وعن مدى أهمية بناء طريق يربط بين الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني، ومن ثم يعمل على جمع شعوب المنطقة، فأجاب مجلي: "أكرر أن السلام ليس بين حكومتين فقط. لا يمكنك صنع سلام بين حكومتين وتفترض أن هناك سلام بين أمّتين.
إسرائيل لديها معاهدة سلام مع الحكومة المصرية، وعملت معاهدة سلام مع الحكومة الأردنية. ولكن بعد 40 عامًا لا تجد أي سلام بين الشعب "الإسرائيلي" والشعب المصري أو الشعب الأردني… لا ترى شخصًا "إسرائيليًا" يسير في شوارع القاهرة ويتصرّف باعتياد."
ودعا مجلي إلى أهمية التركيز حاليا على المشاريع ودعم المشاريع التي يقوم بها الفلسطينيون وقال: "على الفلسطينيين الاعتماد على أنفسهم (..) هم متميزون في حقل التعليم، وحققوا ومازالوا يحققوا الكثير من النجاحات في مجالات كثيره لافتا الى أن الإسرائيليين كذلك برعوا في مجالات اخرى مختلفة، لافتا الى ضرورة أن يعمل الفلسطينيون على بناء مؤسساتهم الخاصة، والاستثمار في القضايا التعليمية والاجتماعية والثقافية. وقال: بهذه الطريقة، عندما يكون هناك سلام فسيكون الفلسطينيون في حالة استعداد. وعندما يتأخر السلام، فإن الفلسطينيون لن يكونوا في حالة صدمة أو تعب أو خيبة أمل."
وفيما يتعلّق باتفاق المصالحة الذي وقع أخيرا بين حماس وفتح القاهرة أجاب: "أنا متفائل. لكن إذا لم يتفقوا خلال الأيام القادمة ويصلوا إلى حل، أعتقد أنهم سيشعرون جميعًا بالخجل محذرا من أنه إذا لم يتم طي صفحه الانقسام، فإن التاريخ سيسجل ذلك ولن يرحم، معرباً عن أمله أن يتم إنجاز المصالحة وإنهاء 10 أعوام من الانقسام السياسي الفلسطيني الداخلي العميق، لافتا إلى أنه بموجب الاتفاق، فإن حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية في رام الله ستتحمل المسؤولية السياسية والإدارية لقطاع غزة مطلع الشهر المقبل.
ورأى مجلّي أن الفلسطينيين خسروا الكثير وأضاعوا الوقت بسبب الخلافات حول القضايا السياسية مما تسبب في صرف النظر بعيدًا عن القضية الحقيقية وهي عمليه السلام والسعي من أجل إقامة دوله فلسطينية مستقله.
واعتبر أنه من العار استمرار الحوار بين حركتي فتح وحماس على مدى السنوات السبع إلى الثمانية الأخيرة دون نتيجة.
وقال: هذا عار كبير يجب إعلاء مصلحه الوطن العليا والذهاب إلى مفاوضات مع إسرائيل ونحن موحدين بغض النظر عن أي تجاذبات أو خلافات، معتبرا أن مسؤولية القيادة هي استرداد اللحمة الفلسطينية مهما كانت الخلافات السياسية، خاصه أن "إسرائيل" تعزّز الانقسام جغرافيًا. لافتا إلى أن هذا يمنح القيادة مسؤولية أكبر تجاه شعبها للتصرّف بحكمة والتخلّي عن الخلافات السخيفة. مؤكدا على أن الهدف الذي ينشده جميع الفلسطينيين هو الحرية، والنمو الاقتصادي والاجتماعي.
وطالب بإيقاف الاعتماد على النشرات من وكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدة، ومن الأوروبيين. وقال: مدارسنا وطرقنا السريعة بُنيت بناء على هذه النشرات
وأردف: الناس تريد الحصول على التعليم وهو مشروع تنمية اقتصادية استراتيجية يملكها فلسطينيون شركاء مع قوى إقليمية. وأعرب عن أمله في رؤية استثمارات استراتيجية من بعض دول الخليج وتركيا ودولا أخرى، والتي كانت فعالة ومفيدة للفلسطينيين لعدة سنوات للاستثمار في الأفكار والمشاريع، بحيث يكون هناك عائد على الاستثمار للفلسطينيين والذي يمكن أن يعززهم في قطاعات التعليم والزراعة والبنية التحتية. وهذا سيكون له تأثير عميق على الناس أكثر من مجرد تقديم المعونة.
وزاد: إضافة لكونك قائدًا فإن أولويتك القصوى ستكون "البدء بمشاريع استثمارية مخططة استراتيجيًا لمساعدة الفلسطينيين للتحضير لدولة فلسطينية عندما تأتي، وسوف تأتي." وأعرب مجلّي عن تفاؤله وقال: رغم أنني أمتلك العديد من الاستثمارات في أمريكا إلا أنني متفائل بالمستقبل هنا في وطني فلسطين، منذ ثلاثة سنوات أخذت قرارا بنقل إقامة معظم أفراد أسرتي من أمريكا إلى الضفة الغربية.