يوثق تقرير صدر اليوم، الخميس، عن 'الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال' فرع فلسطين، بعنوان 'نزفٌ حتى الموت'، جرائم قتل أطفال، في سن 17 عاما وما دون ذلك، ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة. ويؤكد التقرير على أن جنود الاحتلال يطلقون النار صوب الأطفال بقصد القتل، وفي بعض الحالات، التي لا يستشهد فيه الأطفال، يُتركون ويمنع تقديم الإسعافات لهم، لينزفوا حتى الموت.
وقال التقرير إنه في الأول من نيسان/أبريل الجاري، قتلت قوات الاحتلال الطفل أحمد غزال (17 عاما) في طريق الواد بالبلدة في القدس، بحجة تنفيذه عملية طعن. فقد أطلق عدد من عناصر شرطة الاحتلال الإسرائيلي، وحسب شهود عيان، ما يقارب من العشرين رصاصة صوب الطفل غزال، الذي ينحدر من مدينة نابلس، بعد أن حاصروه في مدخل عمارة لجأ إليها بعد مطاردته.
وأفاد شاهد عيان للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، بأن الطفل غزال ترك في مدخل العمارة ينزف ما يقارب من الثلاث ساعات، دون تقديم أي نوع من المساعدة له، بعد أن منعت شرطة الاحتلال الطواقم الطبية الاقتراب منه وتقديم الإسعافات الأولية له.
أغلقت شرطة الاحتلال المكان ومنعت المواطنين أو الطواقم الطبية من الاقتراب، وبعد مضي ما يقارب الثلاث ساعات على إطلاق النار على الطفل غزال، حضر جنديان وأنزلا الجثة عن درج العمارة جرا ووضعاها في كيس أسود قبل أن ينقلاها من المكان.
ويذكر أن شرطة الاحتلال صادرت كافة أشرطة تسجيل الكاميرات من المحلات الموجودة في المكان، واستدعت عددا من التجار لسماع أقوالهم.
أما الطفل مراد أبو غازي (17 عاما) من مخيم العروب بمحافظة الخليل، فقد قتله جنود الاحتلال في 17 آذار/مارس الماضي، بعد أن 'أطلقوا الرصاص عليه من مسافة قريبة وبطريقة مركزة، فأصابوه بعيار ناري حي اخترق ظهره وخرج من القلب مباشرة، وفق ما أفاد به الطبيب الشرعي، الذي رجح أن يكون الطفل أبو غازي قد استشهد على الفور نظرا لطبيعة إصابته'.
وأصيب في الحادث ذاته الطفل سيف أولاد عيسى (17 عاما)، الذي حاول الاقتراب من الطفل أبو غازي لدى إصابته لمساعدته. إلا أن أحد الجنود عاجله برصاصة من مسافة قريبة أصابته في ظهره وخرجت من صدره.
وقال الطفل المصاب أولاد عيسى، في إفادته للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، إنه كان متوجها مساء ذلك اليوم إلى صيدلية قريبة من مدخل المخيم، مقابل البرج العسكري الإسرائيلي، لشراء دواء لوالده، عندما سمع صوت إطلاق نار وفي الوقت ذاته شاهد شخصا يسقط أرضا، وكان يبعد عنه ما يقارب من 15 مترا. وأضاف أنه توجه نحو الشخص الذي سقط أرضا فورا وعند الاقتراب منه ظهر جندي إسرائيلي، وعندما استدار أطلق الجندي النار وأصابه في ظهره.
وقال الطفل إنه استطاع العودة جريا نحو المخيم رغم إصابته. 'ركضت حوالي 20 مترا باتجاه المخيم مبتعدا عن المكان، وكنت أشعر بضيق في التنفس، فسقطت على الأرض ولا أدري بعدها ماذا حدث حتى وصولي للمستشفى الأهلي في الخليل'.
أجريت للطفل أولاد عيسى عملية جراحية مستعجلة لإيقاف النزيف، بعد أن دخلت الرصاصة من ظهره وخرجت من صدره وأصابت رئته اليسرى مبتعدة عن القلب 2 سم فقط، تبعها ثلاث عمليات جراحية لإصلاح الرئة المصابة. وقال الطفل إنه 'تمكن الأطباء بعد جهد كبير من إصلاح رئتي المصابة دون اللجوء لاستئصالها'.
وفي قطاع غزة، قتل جنود الاحتلال الإسرائيلي الطفل يوسف أبو عاذرة (16 عاما) من حي الشابورة في رفح، بعد أن أطلقوا صوبه وصوب اثنين آخرين كانا برفقته، اقتربوا من الحدود، ما يقارب من 10 قذائف مدفعية، في 21 آذار/مارس الماضي.
وقال الشاب عبد الله الرخاوي (30 عاما)، الذي كان برفقة الطفل أبو عاذرة وقت وقوع الجريمة بالإضافة إلى شخص ثالث، إنهم توجهوا إلى تلك المنطقة بعد أن راودتهم فكرة الدخول إلى إسرائيل من أجل العمل نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها.
وأوضح الرخاوي، في إفادته للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، أن ثلاثتهم اقتربوا من الحدود لحوالي 50 مترا، وكانت الساعة تقريبا 11:30 ليلا، عندما بدأت قوات الاحتلال بإطلاق قذائفها صوبهم بصورة كثيفة.
وأضاف أنه 'ربما تم إطلاق 10 قذائف باتجاهنا في دقيقتين، فكنت كلما رأيت القذيفة قادمة أنبطح أرضا حتى لا تصيبني شظاياها. حالة رعب وخوف عشتها لدرجة أنني لم أستطع رؤية الطفل أبو عاذرة وصديقنا الثالث، وماذا حدث لهما'.
استطاع الشاب الرخاوي النجاة بحياته والانسحاب من المكان تاركا خلفه صديقيه بعد أن فقد آثارهما، ووصل منزله في حوالي الساعة الثانية فجرا بعد أن سار مسافة طويلة على قدميه، في حين مكث الطفل أبو عاذرة وصديقهما الثالث مصابين بشظايا القذائف لحوالي ساعة، قبل أن تتمكن طواقم الإنقاذ من انتشالهما. وعند الفجر أعلن عن استشهاد الطفل أبو عاذرة جراء إصابته بعدة شظايا في أنحاء متفرقة من جسده، بينما أصيب صديقهما الثالث بشظايا في بطنه وقد تم علاجه، وتماثل للشفاء.
وبالعودة إلى الضفة الغربية، وفي مخيم الجلزون شمال مدينة رام الله، أطلق جنود الاحتلال الإسرائيلي الرصاص صوب مركبة خاصة كانت تقل عددا من الأطفال، في 23 آذار/مارس الماضي، بزعم قيامهم بإلقاء زجاجات حارقة صوب برج عسكري مقام في محيط مستوطنة 'بيت إيل' المقابلة للمخيم.
وأسفر إطلاق النار عن استشهاد الطفل محمد خطاب (17 عاما) وقتها، جراء إصابته بعدة أعيرة حية في صدره وكتفه، وإصابة ثلاثة أطفال آخرين وشاب كانوا في المركبة ذاتها، أحدهم الطفل جاسم نخلة (16 عاما) الذي وصفت حالته ببالغة الخطورة جراء إصابته في الرأس والقدم. وأعلن عن استشهاد الطفل نخلة في 10 نيسان/أبريل الجاري في إحدى المستشفيات الإسرائيلية متأثرا بإصابته.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت الطفل قصي العمور (17 عاما) من بلدة تقوع بمحافظة بيت لحم، في 16 كانون الثاني/يناير الماضي أمام الكاميرات، خلال مواجهات اندلعت في البلدة، ليكون بذلك أول طفل يقتله جنود الاحتلال في عام 2017. وباستشهاد الطفل جاسم نخلة، يرتفع عدد الأطفال الذين قتلهم جنود الاحتلال في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، منذ بداية العام الجاري، إلى ستة أطفال.
وقال مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، عايد أبو قطيش، إنه 'وفقا للقانون الدولي، فإنه يمكن استخدام القوة القاتلة ضد التهديد الوشيك بالموت أو الإصابة الخطيرة، أو لمنع ارتكاب جريمة بالغة الخطورة تتضمن تهديدا شديدا للأرواح، وذلك فقط عندما يثبت عدم كفاية الوسائل الأقل عنفا عن تحقيق هذه الأهداف، كما أنه يلزم بذل كل جهد ممكن لتحاشي استعمال الأسلحة النارية، خاصة ضد الأطفال'.
وأضاف أبو قطيش أن 'الحالات المذكورة أعلاه تشير إلى أن قوات الاحتلال ماضية في سياسة إطلاق النار صوب الأطفال بقصد القتل، سواء من خلال استهداف الأجزاء العليا من الجسد، أو من خلال ترك المصابين ينزفون حتى الموت ومنع تقديم أي نوع من المساعدة لهم، مشيرا إلى أن هذه الانتهاكات ما كانت لتجري لولا تفشي سياسة الإفلات من العقاب التي يتمتع بها جنود الاحتلال'.