بدا الفلسطيني إبراهيم شكشك، خائفاً من اجراء عملية قلب مفتوح على أيدي أطباء فلسطينيين في قطاع غزة، لعدم ثقته في الإمكانيات الطبية المتوفرة في القطاع بسبب الحصار.
مخاوف المريض شكشك "66 عاماً" من تبددت بعدما سمع عن اجراء عمليات القلب المفتوح والقسطرة في قطاع غزة، على أيدي أطباء مهرة وتكللت معظمها بالنجاح، ما دفعه لإجراء هذه العملية، وتماثله بالشفاء.
رئيس قسم القسطرة في مستشفى الشفاء د. محمد حبيب ذكر أن أنواع عمليات القسطرة القلبية، ذات طابعان تشخيصي، وهو إجراء فحص للشرايين المصابة بالانسداد، والآخر علاجي يتم فيها استخدام البالونات والأسلاك للمعالجة.
وباشر حبيب العمل بإجراء العمليات التشخيصية في نهاية 2006 وبعد توفر بعض الامكانيات انتقل لإجراء العمليات العلاجية في أوائل 2008.
وبحسب الدكتور "محمد نصار" رئيس قسم جراحة القلب في مستشفى الشفاء فإن عملية القلب المفتوح هي عملية تقوم على فتح الشرايين المغلقة واستبدال صمامات عاطلة عن العمل في القلب، وأن أول عمليات القلب المفتوح في قطاع غزة كانت على يد وزير الصحة المصري الأسبق في تسعينيات القرن الماضي، وبعد توفر الامكانات استطاع قسم جراحة القلب في مستشفى الشفاء من رؤية النور مطلع 2010.
ويؤكد نصار وحبيب على أن الاسباب التي دفعتهم لإجراء هذه العمليات هي أن معظم أهالي القطاع ممنوعون من السفر وتلقي العلاج بالخارج، مشيرين إلى أن خدمة الجمهور أمانة في أعناقهم، ووفاء منهم بالعهد الذي قطعاه على نفسيهما لخدمة المرضى.
وبحسب نصار وحبيب فإن نسبة نجاح هذه العمليات عالية مقارنة بالدول المجاورة، ونسبة الوفيات مقاربة لنسبة الوفيات في الدول المتقدمة والمراكز العالمية، مؤكدين على أن ذلك ليس كما يزعم البعض باختيارهم للعمليات البسيطة؛ بل يعود لمهارات اكتسباها بالتجربة العملية والممارسة.
صعوبات ومعيقات
ويعد شح الموارد والحصار المفروض على قطاع غزة لأكثر من 10 سنوات من أكثر المعيقات التي تواجه تنفيذ مثل هذه العمليات في قطاع غزة، إضافة لقلة عدد الكوادر الطبية المتخصصة في جراحة القلب.
ويشكل الحصول على الدعم المادي لهذه العمليات عائقاً آخر أمام التقدم والتطوير في بداية الأمر، إلا أنهم يحاولون، توفير الدعم بمجهودات ذاتية من خلال التواصل مع جمعيات كقطر الخيرية والاغاثة الطبية ودولة قطر والمتبرعين من داخل القطاع المحاصر، فبهذه المجهودات القليلة والذاتية استطاع نصار وحبيب ان يخطوان نحو هدفهما ويحققانه.
تكلفة قليلة
وفيما يخص التكلفة المادية للعمليات الجراحية يقول حبيب إن تكلفة عملية القسطرة التشخيصية على المريض المؤمن هي 1000 شيكل داخليا فيما تكلف في العلاج بالخارج 10 الاف شيكل وأيضا في عملية القسطرة العلاجية تكلف على جيب المريض 2100 دولار داخلياً أما في العلاج بالخارج فتصل إلى 10 الاف دولار.
وبخصوص عمليات القلب المفتوح، يضيف نصار أن تكلفة العملية على المريض تصل الى 1000 شيكل اما في العلاج بالخارج فتصل الي 30 ألف دولار وهذا الفرق في التكلفة وفر الكثير على وزارة الصحة.
ففي عمليات القسطرة وفرت ما يقارب 51 مليون شيكل في 10 سنوات، وعلى صعيد عمليات القلب المفتوح فقد وفرت 6 مليون دولار في 5 سنوات، وحسبما قال نصار إن هذا المبلغ كفيل بإنشاء مركزين جراحة قلب متخصصين في قطاع غزة.
الجمهور راس مالنا
وبعد اجراء عدة عمليات بدا صدى هذه العمليات ينتشر بين الناس في قطاع غزة، شيئا فشيئا وصاروا يتداولون هذا النجاح بين اوساطهم، مؤكدين على ان الجمهور هو رأس مالهم في استمرار هذه العمليات.
وأجرى حبيب عن عملية صعبة لامرأة أربعينية كانت تعاني من تليف في الكبد وورم سرطاني فيه وكانت تعاني أيضا من انسداد في شريانين في القلب ورفضت الجراحة المجازفة، فأصر حبيب على اجراء العملية، وبعد سويعات قليلة خرج والبسمة مرسومة على وجهه بإعلانه نجاح العملية.
ورغم الظروف الصعبة التي خلقت عزيمة واصرار لمواصلة الطريق وتقديم خدمة تليق بالمواطن الغزي، هذه التحديات فجرت ابداع الأطباء، وزادت فيهم الأمل في صناعة الحياة لقلوب الذين صبروا، فيما تقف الظروف السياسية والانقسام الفلسطيني عائق أمام توفير المستلزمات لهذه الانامل المبدعة.