رام الله الإخباري
جلس دونالد ترامب في مكتبه البيضاوي في البيت الأبيض ليعلن ما لم يعتد إعلانه: الاعتراف بالفشل.فقد تحطم مشروعه لإصلاح النظام الصحي الذي يعتبر اقتراحه التشريعي الأساسي الذي كان من المفترض أن يقطع مع سنوات أوباما، على أبواب الكونغرس مع أن حزبه الجمهوري هو الذي يمسك بمفاتيحه.
قد يكون الرئيس الأميركي قد خبر انتكاسات في السابق، وأولاً إفلاس كازينوهات يملكها، إلا أنه عرف في السابق كيف ينهض من كبوته ويروج لنفسه ولأسلوبه حتى فاجأ الجميع بوصوله إلى البيت الأبيض.
خيبة أمل
وأمام النكسة التي مني بها من الكونغرس الجمهوري بغالبيته كان لا بد له من الاعتراف. وقال بلهجة ليست لهجته المعروفة، أنه أصيب بـ"خيبة أمل" و"فوجىء قليلاً"، قبل أن يضيف "كنا على وشك النجاح".
وبشكل لافت تجنب ترامب توجيه أي انتقاد إلى النواب الجمهوريين الذين رفضوا تأييد مشروعه رافضاً الكلام عن خيانة. وتسديد الحسابات قد يأتي في وقت لاحق عندما ينجلي غبار المعركة.
يبقى أن هذه الصفعة السياسية التي تلقاها الرئيس الأميركي تبرز مسألة يمكن أن تلقي بثقلها على كامل فترة رئاسته: هل يستطيع أن يحكم عبر استخدام الوصفات التي اعتمدها خلال حملته الانتخابية للوصول إلى البيت الابيض؟.
واعتبرت صحيفة نيويورك تايمز السبت في كلامها عن الصفعة التي تلقاها ترامب الجمعة "أن نتيجة الجمعة جيدة للبلاد لكنها مهينة للقادة الجمهوريين" قبل أن تنتقد بشدة الرئيس قائلة "بالنسبة للسيد ترامب. هذه النتيجة تشكل تذكيراً قاسياً بأن القيام بحملة، يشكل الجزء السهل" من العمل السياسي.
ويبدو أن تغريدات ترامب اليومية باتت تحرج بالفعل فريقه وبشكل أوسع معسكره الجمهوري، على غرار ما حصل عندما اتهم من دون أي دليل إدارة الرئيس أوباما بالتجسس عليه خلال حملته الانتخابية.
هشاشة
ويبدو أن اسلوب ترامب الذي يتميز بالتسرع وغياب التشاور كشف عجزه، خصوصاً بعد أن أراد إقفال الأراضي الأميركية أمام مواطني دول مسلمة، فتلقى الصفعة من القضاء الذي ألغى مرسومه.
وحاول ترامب أيضاً توجيه تحذيرات متكررة إلى الجمهوريين الذين كان يتوقع أن يقفوا بوجه مشروعه الصحي، إلا أن هذا الأسلوب لم ينفع أيضاً وتلقى الصفعة من قلب معسكره الجمهوري.
ومن الصعب القول اليوم ما إذا كان الرئيس السبعيني الحديث العهد بالسياسة قادراً على تغيير أسلوبه في الحكم.ويروي العديد من النواب والدبلوماسيين في مجالسهم الخاصة كم يتجنب الرئيس المحادثات المعمقة والدخول في تفاصيل مقترحاته.
بالنسبة إلى الإصلاح الصحي فإن أشخاصاً في فريقه يقولون بأن ترامب عمل كثيراً على "تسويق" مشروعه الصحي الجديد، إلا أنه تجنب الدخول في نقاشات حول مضمونه.
ولا يزال الرئيس في الخطوات الأولى لولايته التي تمتد لأربع سنوات، وقد يسعى الرئيس الأميركي الـ45 إلى تصويب أسلوبه في الحكم بعد النكسات الأولى.وإذا عدنا إلى الماضي فإن الرئيسين جورج بوش الأب وبيل كلينتون عرفا بدايات مضطربة في الحكم قبل أن يتماسكا ويعطيا زخماً جديداً لعهديهما.
إلا أن ترامب كان دائماً يتجنب تحميل نفسه مسؤولية أي فشل ويوزع الاتهامات، تارة على وسائل الإعلام، وتارة أخرى على العاملين في وكالات الاستخبارات لتسريبهم الأخبار عنه، من دون أن يوفر القضاة الذين يعتبرهم متحيزين.وقال جوليان زليزر الأستاذ في جامعة برينستون في مقالة له على موقع شبكة سي إن إن "بفشله في الموضوع الصحي يجد ترامب نفسه اليوم في موقع هش" مضيفاً "إن التحدي بالنسبة لترامب حالياً هي أن ناخبيه الذين دعموه باتوا يكتشفون أكثر فأكثر نقاط ضعفه مع كل مشكلة تواجهه.
أ ف ب