رام الله الإخباري
على الرغم من التأكيدات المباشرة وغير المباشرة التي تصدر عن إسرائيل، والفصائل الفلسطينية، حول رغبتيهما باستمرار التهدئة في قطاع غزة، إلا أن بداية عام 2017 شهد توترا خطيرا، نجم عن إطلاق مجموعات مجهولة، لعدد من الصواريخ من القطاع، باتجاه إسرائيل.
ويرى محللون سياسيون، إن طرفا ثالثا داخل قطاع غزة، يعتقد أنه من التيار الجهادي المؤيد لتنظيم "داعش"، يسعى من وراء إطلاقه صواريخ تجاه إسرائيل، إلى جرّ المنطقة نحو المزيد من التصعيد العسكري.
وخلال الأسابيع الأخيرة، شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية عدة غارات على غزة، قالت إنها تأتي في إطار الرد على صواريخ أطلقت من القطاع.
ويقول إياد البزم، المتحدث باسم وزارة الداخلية في غزة، (تشرف عليها حركة حماس)، لوكالة الاناضول التركية إن الصواريخ التي أُطلقت –مؤخرا-من داخل القطاع، "كانت محاولة من البعض لخرق حالة التوافق الوطني لدى فصائل المقاومة، للمساس بحالة الاستقرار الميداني بغزة".
ونفى البزم، تأكيد أو نفي انتماء مطلقي الصواريخ للتيار السلفي الجهادي، لكنه قال:" عمليات إطلاق الصواريخ كانت تتم بشكل عشوائي وفردي ومحدود، من شبان لا ينتمون لفصائل المقاومة المعروفة، أو ممن يتبنّون أفكاراً بعيدة عن ثقافة العمل الوطني الفلسطيني".
وشدد على أن الأجهزة الأمنية بغزة تعمل على "حماية حالة التوافق الوطني بين الفصائل الفلسطينية التي تضع آليات مُتفق عليها بخصوص مقاومة إسرائيل".
واستكمل قائلاً:" أي مواطن يحاول الخروج عن حالة التوافق الفصائلي، أو يشكّل خطراً على الأمن في غزة واستقرارها، لن نتوانى في اتخاذ الإجراءات القانونية بحقّه".
ويعتقد الدكتور حسام الدجني، أستاذ "الإعلام والسياسة" في جامعة الأمة بغزة، أن تنظيما صغيرا يؤيد فكر تنظيم (داعش) الإرهابي، هو المسؤول عن إطلاق الصواريخ من غزة.
وتابع في حديث لوكالة الأناضول:" هذه الجماعة تتكون من بعض الأشخاص الذين يتبنون فكر تنظيم داعش، تقدّر أعدادهم ما بين (100-200) شخص فقط".
ويرجع الدجني إطلاق تلك الجماعات للصواريخ، إلى رؤيتها المتمثّلة بإمكانية إجبار الأجهزة الأمنية التي تديرها حماس بغزة، على الإفراج عن المعتقلين الذين يتبعون لها من داخل السجون، من خلال جرّ القطاع نحو حرب جديدة، على غرار ما كان يحدث خلال الحروب السابقة.
وتابع:" كانت وزارة الداخلية أثناء الحروب، تُخلي سجونها من كافة السجناء، ومن بينهم المعتقلين الذي يحملون أفكارا متشددة". واستكمل:" إطلاق الصواريخ يأتي خارج حالة التوافق الفصائلي إزاء قضية مقاومة إسرائيل".
وتتفق الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة على "صيغة محددة لمقاومة إسرائيل، كما أنها تُجمع حالياً على ضرورة التهدئة"، وفق الدجني. ويرى الدجني أن الجانب الإسرائيلي يستغل إطلاق تلك الصواريخ لضرب مواقع تتبع للفصائل الفلسطينية.
ورأى أن رد حركة "حماس" على حالات إطلاق الصواريخ من غزة يختلف من وقت لآخر، حيث تعتبرها في بعض الأحيان "تأتي في الوقت الخاطئ، وخروجا عن حالة الإجماع بين الفصائل"، بينما تلتزم الصمت في أحيان أخرى، وتكتفي بتحذير إسرائيل من مغبة التصعيد، وأنها لن تقف "مكتوفة الأيدي أمام أي عدوان".
ولفت الدجني إلى أن أطراف أممية تدخلت من أجل تثبيت التهدئة في قطاع غزة، خلال الأسبوع الماضي. وكان المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، قد زار قطاع غزة، في 28 شباط/ فبراير الماضي، في زيارة مفاجئة، لم تُعرف أسبابها.
وأدان ملادينوف، في 2 مارس/ آذار الجاري، حادثة إطلاق صاروخ من غزة باتجاه إسرائيل، قائلاً:" هذا الحادث هو الثالث من نوعه خلال الشهر الماضي (فبراير/شباط) بعد فترة ما يقرب من أربعة أشهر من الهدوء".
ودعا ميلادينوف جميع الأطراف المسؤولة إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب التصعيد ومنع الحوادث التي تعرض حياة الفلسطينيين والإسرائيليين للخطر.
وأكد الدجني على أن الفصائل الفلسطينية، وإسرائيل، غير معنيين بتصعيد الوضع الميداني والعسكري في قطاع غزة. ويستبعد أن تحاول تلك الجماعات السلفية الجهادية من خلال إطلاقها للصواريخ جرّ القطاع لحرب جديدة مع إسرائيل، أو توسيع نشاطها داخل غزة، نظراً لـ"قلة الأعداد التي تنتمي إليها".
بدوره، يضع المحلل السياسي وديع أبو نصار، مدير المركز الدولي للاستشارات في مدينة الناصرة شمال إسرائيل، ثلاثة احتمالات لتحديد هوية مطلقي الصواريخ من قطاع غزة تجاه إسرائيل.
ويقول" الاحتمال الأول، وهو المُرجح، أن إطلاق الصواريخ كان يتم من قبل بعض الجهاديين في القطاع والمعنيين بتأزيم الوضع الميداني". ويتابع:" الاحتمال الثاني أن يكون إطلاق الصواريخ بسبب خلافات داخلية من بعض المقاتلين في الفصائل المختلفة، أو الثالث أن يكون بإيعاز غير مباشر من حركة (حماس) لإيصال رسائل للجانب الإسرائيلي، وهذا غير مرجح".
ويرجح أبو نصار الاحتمال الأول، قائلاً:" إسرائيل معنية بإضعاف السلفيين الجهاديين في سيناء، الذي يُطلقون الصواريخ كما يبدو تارةً من سيناء وأخرى من غزة".
ويرى أبو نصار أن الأجهزة الأمنية التي تديرها حركة "حماس" في القطاع تمارسُ نوعاً من الضغط على الجماعات السلفية في غزة، كي لا يورّطوا القطاع بمشاكل سواء مع مصر، أو إسرائيل.
ويلفت المحلل السياسي إلى أن الجماعات الجهادية بغزة تهدف من خلال إطلاقها للصواريخ، لإيصال رسالة لـ"حماس" بأنها قادرة على تورطيها، في تصعيد جديد مع إسرائيل.
ويستكمل قائلاً:" إلا أن تلك الجماعات تُدرك أنها لا تملك قوة عسكرية كافية للاستمرار في عملية إطلاق الصواريخ، كما أنهم يريدون الاحتفاظ بما تبقّى لديهم لأي مواجهة مقبلة". ويستبعد أبو نصار نجاح الجماعات الجهادية الصغيرة بغزة في جرّ القطاع نحو حرب جديدة مع الجانب الإسرائيلي.
وأوضح أن هناك قنوات دولية يتم من خلالها تبادل الرسائل بين الطرفين (الفصائل الفلسطينية وإسرائيل)، تؤكد أن كليهما غير معنيّ بالتصعيد في الوقت الحالي، على الأقل.
وكالة الاناضول