رام الله الإخباري
شبت في أنحاء متفرقة وسط وشمال إسرائيل حرائق هائلة منذ يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، ساعدت الرياح القوية في توسع نطاق النيران التي امتدت إلى المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة.
وبينما اتهمت إسرائيل فلسطينيين بالوقوف وراء بعض تلك الحرائق، كتب حاخامات يهود أنها بسبب "غضب الرب".
واضطرت السلطات الإسرائيلية إلى طلب مساعدة دولية بعد أن فشلت في إخماد الحرائق التي زعمت أن بعضها متعمد، وقامت باعتقال العشرات من الفلسطينيين في الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر.
واشتعلت النيران في غابات غربي القدس المحتلة وحول حيفا وعلى سفوح التلال وسط وشمال إسرائيل، وفي أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، واشتدت رقعتها لوجود طقس جاف ورياح شرقية قوية.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن طواقم الإطفاء تعاملت مع حرائق اندلعت في عدة مناطق بينها القدس، "نهاريا"، "معلوت"، "الجليل" إلى جانب مناطق مفتوحة داخل إسرائيل، وفق ما ذكرت وكالة الأناضول للأنباء.
الخسائر
وخلفت الحرائق خسائر مادية كبيرة، فقد أتت النيران على آلاف الدونمات من الأراضي وأدت لتدمير عشرات المنازل بالكامل، مما اضطر الدفاع المدني إلى إجلاء آلاف الإسرائيليين عن بلدات وأحياء بأكملها، فقد تم إجلاء زهاء ثمانين ألف شخص من حيفا وحدها.
وأعلنت "الهيئة الإسرائيلية للطبيعة والحدائق" أن النيران أتت على أكثر من 13 ألف هكتار من الغابات والمساحات الخضراء في الأيام الأخيرة.ووفق التقديرات الأولية أصيب نحو سبعمئة منزل بأضرار أو دمر تماما جراء الحرائق. وذكرت بلدية حيفا أن الحرائق طالت 1784 مسكنا في المدينة بينها 572 لم تعد صالحة للسكن، وقدرت الأضرار بـ 120 مليون دولار .
كما تم إخلاء المدارس والجامعات، ونقل مرضى من مستشفى لأمراض الشيخوخة، وحتى نزلاء السجون نقلوا لزنازين أخرى، وفق ما أوردت وكالة رويترز نقلا عن متحدث باسم هيئة السجون.
وقالت متحدثة باسم الشرطة إنه تم إجلاء ألف من مستوطني "هلاميش" قرب رام الله ودمرت أو تضررت 45 وحدة استيطانية بالنيران، كما اندلعت حرائق في مستوطنات "دوليف" و"ألفي مناشه" و"كارني شومرون" بالضفة، لكن دون إخلاء مستوطنيها.
الاتهامات والاعتقالات
وبينما تشير العديد من المصادر إلى أن الأحوال الجوية والهواء القوي تسبب بهذه الحرائق، زعمت إسرائيل على لسان مسؤوليها أن بعض الحرائق متعمدة، فقد قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2016 أن "هناك أدلة على أن بعض الحرائق متعمدة" ووصفها بعبارة "إرهاب الحرق المتعمد" وقال إن المسؤولين عنها "عناصر تكن عداء كبيرا لإسرائيل".
بينما دعت وزيرة الثقافة والرياضة ميري ريغيف إلى شطب إقامة من يثبت تورطهم بالحرائق، حيث قالت في تصريح صحفي "أي شخص يتورط بإحراق هذا البلد لا يمكن أن يبقى ابنا لهذه الأرض".
وعلى خلفية تلك الاتهامات، أوقفت الشرطة الإسرائيلية 23 شخصا يشتبه في أنهم وراء "الحرائق الإجرامية" دون كشف هوياتهم. وقال وزير الأمن الداخلي جلعاد إردان إن المعتقلين من "الأقليات" في تلميح إلى أنهم إما من الفلسطينيين أو من فلسطينيي عام 1948.
وقالت المتحدثة باسم الشرطة لوبا السمري إنه منذ بداية موجة الحرائق حققت الشرطة مع ثلاثين مشتبها فيه.وفي المقابل رفض رئيس القائمة العربية بالكنيست (البرلمان الإسرائيلي) النائب أيمن عودة الاتهامات الإسرائيلية، وقال إن الشرطة الإسرائيلية شريكة في حملة التحريض تلك، وتقود حملة اعتقالات عشوائية للشباب العرب.
المساعدات
تهاطلت المساعدات والعروض على إسرائيل لمساعدتها بعد أن فشلت في إخماد الحرائق، إذ جاءتها طائرات أذرية وروسية وإسبانية وكندية وتركية ومصرية ويونانية وكرواتية. وقال نتنياهو في وقت سابق إنه قبل عروضا بالمساعدة من مصر والأردن.
ومن جهتها، أرسلت السلطة الفلسطينية مساعدات لمكافحة الحرائق خصوصا في حيفا، كما وصلت ناقلة ضخمة أميركية تحمل سبعين طنا من المياه وسوائل إخماد إلى إسرائيل.
وأجرى نتنياهو اتصالا هاتفيا يوم 26 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بالرئيس الفلسطيني محمود عباس ليعبر عن شكره لإرسال السلطة الفلسطينية ثماني سيارات إطفاء وأربعين فردا من عناصر مكافحة الحرائق للمساهمة في إخماد الحرائق.
التراشق والمسؤولية
في الوقت الذي اشتعلت فيه النيران في مناطق واسعة من إسرائيل وتحولها لخطر، اندلعت حرائق من نوع آخر -عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بين العرب والإسرائيليين- فقد أدلى المغردون والنشطاء بدلوهم، وتراشقوا بالاتهامات حول أسباب الحرائق ومن يقف وراءها.
ونشرت عدد من المواقع الإخبارية الإسرائيلية تقارير ادعت فيها أن المواطنين العرب في إسرائيل يبدون فرحتهم بالحرائق، ويعتبرونها ردا من السماء على مشروع قانون منع الأذان في المساجد.
الجانب الإسرائيلي، كتب عدد من الحاخامات أن سبب الحريق يعود إلى "غضب الرب" لعدم احترام الشعائر الدينية اليهودية. أما بعض السياسيين، فقد ألقوا باللوم على الحكومة التي لم تطور من قدراتها لمكافحة الحرائق ولم تتعظ من حريق الكرمل قبل سنوات.
ووفق وكالة رويترز للأنباء، فإن هذه الحرائق هي واحدة من أسوأ الحرائق في إسرائيل، وكان آخرها عام 2010 عندما لقي 44 شخصا حتفهم، وأكد المحققون آنذاك أن ذلك الحريق سببه إهمال ولم يكن متعمدا.
الجزيرة + وكالات