وضع رئيس الوزراء رامي الحمد الله، اليوم الخميس، حجر الأساس لمشروع محطة جنين لتوليد الطاقة الكهربائية، في محافظة جنين، بحضور المحافظ اللواء إبراهيم رمضان، ورئيس صندوق الاستثمار محمد مصطفى، ورئيس سلطة الطاقة عمر كتانة، وعدد من الشخصيات الرسمية والاعتبارية.
وقال رئيس الوزراء في كلمته: "نجتمع معا لنضع حجر الأساس لما سيكون أكبر وأول محطة لتوليد الطاقة الكهربائية في الضفة الغربية، والثانية على مستوى فلسطين، والتي تعمل بغاز فلسطيني طبيعي من حقل غزة، لتشكل بذلك لبنة أساسية في بناء قطاع كهربائي مستدام بل وبنية من بنى دولة فلسطين".
وأضاف الحمد الله: "نيابة عن فخامة الرئيس محمود عباس وباسمي، أهنئكم وأهنئ أبناء شعبنا جميعا بمباشرة العمل بمحطة توليد الطاقة الكهربائية في محافظة جنين الصامدة، وأحيي كل السواعد والعقول والخبرات الوطنية الأصيلة التي اجتمعت لتصنع من الحلم واقعا وحقيقة وصرحا وطنيا".
وتابع: "لقد عملت الحكومة وما زالت، وفي إطار استراتيجية وطنية طموحة، على تحقيق أمن الطاقة وتنويع مصادرها، وحشد الاستثمارات المحلية والأجنبية، لتوفير إمدادات كافية للطاقة بشكل مستدام، وبأقل تكلفة، وعلى نحو أكثر استقلالية وكفاءة. ويشكل "مشروع محطة توليد الطاقة الكهربائية في جنين"، تجسيدا لهذه الخطى، حيث يعتبر قفزة نوعية في مجال أمن الطاقة في فلسطين، إذ يغطي حوالي 40% من احتياجات الوطن من الكهرباء، ويعد أكبر مشروع بنية تحتية في الوطن، بقيمة استثمارية تبلغ حوالي ستمائة مليون دولار".
واستطرد الحمد الله: "بلادنا تواجه صعوبات مزدوجة وتحديات كبيرة للارتقاء بقطاع الطاقة وتلبية الاحتياجات المتزايدة والمضطردة إليها، فبالإضافة إلى ما نواجهه كما الكثير من دول العالم، من خطر الاعتماد بشكل حصري على الطاقة التقليدية وأخطار التلوث والتغير المناخي، فنحن نواجه أيضا، سيطرة إسرائيلية خانقة على أرضنا ومواردنا، إذ تمعن إسرائيل في تشديد حصارها الظالم على قطاع غزة وتتوسع في استيطانها العسكري، وتنتهك وتنهك البيئة الفلسطينية بكافة مكوناتها وعناصرها، وتعرقل حركة البضائع والأشخاص والتجارة، وتمنع جهود التنمية والبناء والمأسسة في المناطق المسماة (ج)، هذا بالإضافة إلى ما خلفه العدوان الإسرائيلي المتكرر على غزة من دمار هائل في البنية التحتية وبمصادر الطاقة والمياه والأراضي الزراعية".
وقال الحمد الله: "في ظل هذه الظروف والصعاب، تعد محطة توليد الكهرباء التي نضع اليوم أولى أسسها، أحد أهم المشاريع الريادية والاستراتيجية التي نعول عليها، حيث تلعب دورا محوريا في توفير طاقة مستدامة ومرنة لجزء كبير من أراضينا وقطاعاتنا، وتوفر الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، كما أنها تبنى على مقربة من منطقة جنين الصناعية الحرة، لتوسع النشاط الاقتصادي فيها وفي كافة أرجاء الوطن".
وأوضح: "لقد أريد لهذا المشروع أن يكون وطنيا متكاملا بامتياز، فإلى جانب قيمته الوطنية والاستراتيجية، فإنه أيضا يمكننا من إتباع أفضل المعايير المتطورة والصديقة للبيئة، حيث صمم ليستخدم أحدث المعدات والتقنيات والمكونات لحماية البيئة والتقليل من الانبعاثات الكربونية والحرارية. كما وأنه سيعمل على نظام التبريد الهوائي بدلا من المائي، مما يساهم في ترشيد استهلاك المياه إلى الحد الأدنى، وصون الموارد المائية المحدودة في بلادنا. وقد سعت سلطة الطاقة، وبالتعاون مع مطور المشروع، لإعداد وتجهيز الوثائق المطلوبة اللازمة لطرحه دوليا".
وقال رئيس الوزراء: "لنا أن نفخر بأننا سويا نبدأ مرحلة بناء محطة توليد الطاقة الكهربائية في قلب محافظة جنين، والتي تبنى برأس مال وطني حر، ومن قبل شبكة من مؤسسات القطاع الخاص والمؤسسات الوطنية المالية، وغاز طبيعي فلسطيني، وبطاقات وكوادر وخبرات فلسطينية، ويتم إنجازها على مرحلتين تمتد إلى العام 2022 بقدرة إجمالية تصل إلى 450 ميغاواط، كما سيتم بناء محطة أخرى في جنوب الضفة الغربية، وعشر محطات توليد كهرباء باستخدام الطاقة الشمسية في مختلف محافظات الضفة الغربية بقدرة تتراوح من (5 -10) ميغاواط لكل محطة".
وتابع: "لقد وضعنا الأساس والبيئة التي ننطلق منها اليوم للتوسع في بناء محطات توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة والمصادر التقليدية، فتشغيل محطات الكهرباء، يحتاج إلى نظام نقل كهربائي إلى مراكز الاستهلاك في المدن والمحافظات، إذ باشرت الحكومة منذ سنوات، ببناء أول أربع محطات تحويل ضغط عالي، بقدرة إجمالية تصل إلى 550 ميغاواط، وأسسنا قبل نحو ثلاثة أعوام، شركة النقل الوطنية للكهرباء، لتتولى عملية تطوير وإدارة وتشغيل نظام النقل الكهربائي. كما أنه ومن ضمن الأساسيات التي نحتاجها ونحن نبني ونشيد محطات الكهرباء، هي الوقود الذي ستعمل به، مما يضعنا جميعا أمام مسؤوليات كبرى، لتأمين خط غاز يغذي المحطة، باحتياجاتها لإنتاج الطاقة الكهربائية".
وأضاف رئيس الوزراء: "لم يكن قطاع غزة ببعيد عن مسيرة بناء وتطوير قطاع الطاقة، فقد قامت سلطة الطاقة، وبالتعاون مع مؤسسات قطاعنا الخاص، ببناء أول محطة لتوليد الكهرباء في قطاع غزة بقدرة 140 ميغاواط، لتعمل بالغاز الطبيعي، ويتم زيادة قدرتها على مراحل حسب الاحتياجات، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي وعدوانه المتكرر عليه، أعاق خطتنا الرامية إلى تزويدها بالغاز الطبيعي، وفرض علينا أن تعمل بالوقود الصناعي، وباتت الحكومة الفلسطينية تتحمل أعباء مالية إضافية".
وقال: "رغم كل ذلك فإننا اليوم بإصرار قيادتنا الوطنية، وعلى رأسها فخامة الرئيس، على التصدي للوضع الخطير في البنية التحتية في غزة، خاصة في قطاعي المياه والكهرباء، وبمساعدة الدول الصديقة والشقيقة، نقف على أعتاب مرحلة جديدة نشرع فيها بتنفيذ مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي اللازم للمحطة، لنجدة أهلنا في قطاع غزة وتلبية احتياجاتهم".
وثمن رئيس الوزراء الجهود الكبيرة والبصمات التي يضعها صندوق الاستثمار الفلسطيني في الكثير من الإنجازات والبنى الوطنية، وحيا جميع شركائه الذين وضعوا خبراتهم ومصادرهم للشروع في تكريس هذا الإنجازِ الوطني. مضيفا: "بناء محطة توليد الطاقة الكهربائية في جنين، يحمل أهمية استراتيجية كبرى، إذ يسد العجز في إمدادات الطاقة، ويضع بلادنا على خارطة الدول المنتجة للكهرباء، ويقلل الاعتماد على مصادر الطاقة المستوردة، ويقربنا من تحقيق هدفنا في تكريس استقلالنا في قطاع الكهرباء عن المورد الإسرائيلي، وهو يمثل بالتأكيد وجها جديدا للبناء والمقاومة والتحدي".
إلى ذلك، افتتح رئيس الوزراء في مستهل جولته في محافظة جنين، صرح الشهيد، وساحة الشهيد ياسر عرفات، ووضع إكليلا من الزهور تخليدا لذكرى شهداء جنين وكافة شهداء الوطن، رافقه محافظ جنين اللواء إبراهيم رمضان ووزير الاتصالات علام موسى، وكان في استقباله حشد من المواطنين وفعاليات المحافظة وعدد من الشخصيات الاعتبارية.