بدأ حجاج بيت الله الحرام يتوافدون إلى مشعر منى منذ ساعات الصباح اليوم السبت، الموافق لـ 8 ذي الحجة 1437 هـ، لقضاء يوم التروية للمبيت في منى في طريقهم للوقوف بمشعر عرفة، ما يعتبر سنة مؤكدة من سنن الحج في مشعر منى الذي يعد أكبر مدينة من الخيام في العالم.
وسيعود الحجاج إلى منى لقضاء لقضاء أربعة أيام بدءا من اليوم العاشر الذي يوافق عيد الأضحى المبارك، وذلك لرمي الجمرات الثلاث، جمرة العقبة والجمرة الوسطى والجمرة الصغرى إلا من تعجل منهم.
وفي تقرير لوكالة الأنباء السعودية واس، فإن مساحة مشعر منى بحدوده الشرعية 16,8 كيلو متر مربعاً ، ويقع بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بعد 7 كيلو مترات شمال شرق المسجد الحرام، وهو حد من حدود الحرم تحيطه الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يُسكَن إلا مدة الحج ، ويحَدُّه من جهة مكة جمرة العقبة، ومن جهة مشعر مزدلفة وادي "محسر".
ويعد مشعر منى ذا مكانة تاريخية ودينية، به رمى نبي الله إبراهيم عليه السلام الجمار، وذبح فدي إسماعيل عليه السلام، ثم أكد نبي الهدى محمد صلى الله عليه وسلم هذا الفعل في حجة الوداع وحلق، وأستن المسلمون بسنته يرمون الجمرات ويذبحون هديهم ويحلقون.
معالم تاريخية
ويشتهر المشعر بمعالم تاريخية منها الشواخص الثلاث التي ترمى، وبه مسجد "الخيف"، الذي اشتق اسمه نسبة إلى ما انحدر عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، والواقع على السفح الجنوبي من جبل منى، وقريباً من الجمرة الصغرى، وقد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء من قبله، كما جاء في الآثار.
ومن الأحداث التاريخية الشهيرة التي وقعت في منى بيعتا العقبة الأولى والثانية، ففي السنة 12 من الهجرة كانت الأولى بمبايعة 12رجلاً من الأوس والخزرج للنبي، تلتها الثانية في حج 13 من الهجرة بايعه فيها عليه السلام 73 رجلاً وامرأتان من أهل المدينة المنورة.
وفي الموقع نفسه في الشمال الشرقي لجمرة العقبة، بنى الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور مسجد البيعة في عام 144هـ، الواقع بأسفل جبل "ثبير" قريباً من شعب بيعة العقبة، إحياء لهذه الذكرى التي عاهد حينها الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم بمؤازرته ونصرته.
أكبر مدينة خيام في العالم
ويعد مشعر منى من أكبر المشاعر المقدسة، بمساحة تقدر بـ 15% من مساحة السفوح الجبلية للمشعر، فيما المساحة المتبقية مستخدمة لنصب الخيام، الذي يعد أحد أكبر المشروعات التي نفذتها حكومة خادم الحرمين الشريفين لإيواء الحجاج بمساحة مقدرة بـ 2.5 مليون متر مربع وفق مواصفات تحقق المزيد من الأمن والسلامة، باستيعاب 2.6 مليون حاج، وبهذا يكون المشعر أكبر مدينة خيام في العالم.
ويشتمل مشروع الخيام على أسس الأمن والسلامة والملائمة للمحيط العام، حيث تمت صناعتها من أنسجة زجاجية مغطاة بمادة التفلون المعروفة بمقاومتها العالية للاشتعال، وعدم انبعاث الغازات السامة منها، ومزودة بالتكييف إلى جانب مقاومتها للعوامل المناخية، وملائمة شكلها للطابع الإسلامي، ومقاومتها للعوامل المناخية، ومرونة أجزائها للتشكيل والتركيب.
وزوّدت كل خيمة برشاشات للمياه تعمل بشكل تلقائي بمجرد استشعارها للحرارة، وبمجرد انبعاث المياه من هذه الرشاشات يتم صدور صوت جهاز الإنذار في خيمة المطوف، للتنبيه إلى الخطر.
جسر جمرات من 12 طابقا
ومن المشروعات الحكومية في مشعر منى مشروع جسر الجمرات الجديد بطول 950 مترا، ويتألف من خمسة طوابق بارتفاع 12 مترا لكل طابق، ويحتوي على 12 مدخلاً ، و 12 مخرجاً من الاتجاهات الأربعة، إلى جانب منافذ للطوارئ على أساس تفويج 300 ألف حاج في الساعة، ويحتوي على نظام تكييف معزز برشاشات مياه لتلطيف الجو والتقليل من حرارته إلى 29 درجة مئوية، فيما أضيفت في المستوى الخامس من الجسر مظلات كبيرة تغطي مواقع الجمرات الثلاث، بهدف تعزيز راحة الحجاج وحمايتهم من ضربات الشمس.
ويعد مشروع الجسر مشروع للحاضر والمستقبل، حيث صمم لتلبية احتياجات الحجاج الحالية والمستقبلية وإمكانية إيصاله إلى 12 طابقاً، إذ من المتوقع أن يستخدمه ما يزيد على 5 ملايين حاج سنوياً في المستقبل.
وفيما يخص المحافظة على أمن الحجاج أثناء تواجدهم بالمشعر لأداء مناسك الحج جندت قيادة قوات أمن الحج في منى جميع الطاقات الآلية والبشرية من رجال الأمن لتنفيذ خطة تصعيد الحجاج لمشعر منى لتيسير وتسهيل عملية التصعيد أمام قوافل الحجيج وتوفير الأمن والسلامة لهم.
كما ركزت الخطة على منع دخول السيارات الصغيرة إلى المشاعر المقدسة وإتاحة الفرصة لسيارات النقل الكبيرة التابعة للنقابة العامة للسيارات وشركات النقل لنقل حجاج بيت الله الحرام من وإلى المشاعر المقدسة.