رام الله الإخباري
موقع رام الله الاخباري :
تتواصل أزمة أسعار البيض مع ارتفاع وتيرة التهديدات التي وجهها المزارعون إلى مجلس الوزراء، عبر تنظيم اعتصام مفتوح، يحضرون إليه دجاجهم ومنتجهم من البيض في حال لم تتدخل الحكومة في حل الأزمة القائمة، والتي دخلت شهرها الخامس.
جذور الأزمة الحالية تعود إلى ارتفاع كميات المنتج من البيض، وإلى منع سلطات الاحتلال الإسرائيلي إدخال البيض الفلسطيني إلى القدس أو مناطق أراضي 1948، وهو القرار الذي بدأ عبر تشديد سلطات الاحتلال على إدخال البيض الفلسطيني أواخر شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، كما يقول مدير عام التسويق الزراعي في وزارة الزراعة طارق أبو لبن.
ويوضح أبو لبن في حديث لــ"وفا" أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي شرّعت قانونا في عام 2005 منعت بموجبه الجانب الفلسطيني من إدخال البيض أو أي منتج حيواني إلى إسرائيل أو القدس، لكنها رغم ذلك كانت تغض الطرف عن عمليات تهريب لآلاف كراتين البيض لتجار فلسطينيين، الأمر الذي كان يعمل على الموازنة بين كميات الإنتاج الفلسطيني والطلب عليها، قبل أن تعود للتشديد على منع دخول البيض الفلسطيني.
وأضاف أن الجانب الآخر للأزمة يتعلق بعمليات تهريب "فراخ الدجاج البياض" من إسرائيل إلى مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، حيث إن أعداد الطيور المسجلة لدى وزارة الزراعة هي 1200 مليون دجاجة، لكننا نجد أن حصيلة ما لدى المزارعين من "دجاج بياض" يصل إلى 1700 مليون دجاجة، ما شكل سببا ثانيا من أسباب الأزمة القائمة حاليا، عبر زيادة منتج البيض عن حاجة السوق.
بلغة الأرقام يقول أبو لبن، إن ثلث الإنتاج الفلسطيني كان يصدر لإسرائيل. ولكن من أين كان يأتي هذا الثلث؟ بالنظر إلى الرقمين السابقين، نجد أن الفارق بين ما هو مسجل من طيور لدى الوزارة وبين ما هو موجود لدى المزارعين فعليا هو 500 ألف دجاجة وهي تقريبا نسبة الثلث، وهو الثلث ذاته الذي يفاقم الإنتاج والذي كان يصدر لإسرائيل.
هذا الحديث يدعونا إلى السؤال عن رقابة السوق، وتدخلات وزارة الزراعة لإنقاذ الأسواق. يقول أبو لبن إن وزارة الزراعة طالبت المزارعين بوقف إدخال فراخ جديدة إلى الأرض الفلسطينية، وإنها ستصدر قرارا ملزما بذلك، هذا إلى جانب تدخلها مباشرة للحد من تفاقم الأزمة، ومخاطبة عدة دول وجهات مانحة في محاولة منها لتصدير المنتج الفلسطيني الزائد عن حاجة السوق المحلية من البيض، لكن بعض طلبات من الدول التي تمت مخاطبتها، وهي دول خليجية بكل الأحوال، حالت دون إتمام عملية التصدير.
رغم ذلك قال أبو لبن إن الوزارة والمزارعين "جاهزون للتصدير في أي لحظة يتم إبلاغنا بها، فالشاحنات جاهزة، للمغادرة فورا، وهو الأمر الذي في حال إتمامه سيعني انتهاء الأزمة فعليا، وعودة أسعار البيض إلى وضعها الطبيعي".
وأوضح أبو لبن أن الوزارة، بكل الأحوال، تقف إلى جانب المزارعين، حيث طالبت وزارة المالية بإعادة النظر بقضية صرف الاسترداد الضريبي للمزارعين، كما حاولت فتح خطوط لتصدير منتج البيض للمزارعين، إلى جانب قرارها بمنع استيراد أي فراخ جديدة.
وبالعودة إلى سبب الأزمة الحالية نجد أن سببا آخر ساهم فيها وهو ارتفاع سعر تكلفة إنتاج كرتونة البيض الواحدة. ويوضح المزارع محمد أبو نمرة أن تكلفة إنتاج الكرتونة تصل إلى 11 شيقل، إذا ما احتسبنا أسعار العلف وكلفة الأيدي العاملة وتشغيل المزارع، بينما يبيع التاجر الكرتونة، بسعر الجملة، بأربعة شواقل أو خمسة في أحسن الأحوال، أي أقل بــ6 شواقل عن سعر التكلفة.
وشرح أبو نمرة أن معدل بيع طن العلف يتراوح بين 1600 -1900 شيقل، بينما تحتاج الدجاجة الواحدة يوميا إلى 120 غراما من العلف، وبكل الأحوال "الدجاجة لا تنتج إلا بيضة واحدة في اليوم". وبين أن خسارة مزرعته تفوق مبلغ 200 ألف شيقل شهريا.
من جهته، طالب المدير التنفيذي لاتحاد المزارعين الفلسطينيين عباس ملحم، مجلس الوزراء بالعودة إلى دفع الاسترداد الضريبي للمزارعين، ووضع قاعدة بيانات تشمل أعداد الدجاج البياض ومدخلات ومخرجات هذا القطاع ودراسة حاجة السوق، بالإضافة إلى سن القانون الناظم لعمل المجالس الزراعية، وفتح أسواق جديدة أمام المزارعين لتصدير منتجاتهم أو فائض المنتج لديهم.
كما طالب ملحم بسن قانون ضد المخاطر والكوارث الطبيعية، ينص على حماية المزارع عبر صندوق تعويضات ضد الكوارث.وقال ملحم، إن الحكومة، وهي التي تملك كل أدوات الرقابة والملاحقة، يجب عليها ملاحقة المزارعين المهربين وتوقيفهم وتغريمهم، وزيادة الرقابة على هذا القطاع الذي يتعرض لعمليات تهريب كبيرة فيما يتعلق بإدخال الدجاج البياض أو تهريب منتج البيض إلى إسرائيل، لأن "من أدخل الصيصان هو مهرب والمزارع ليس مخولا بالرقابة وضبط المهربين، من يملك أدوات الملاحقة يلاحق المهربين".
وختم ملحم بالقول إن قطاع الزراعة بحاجة لتدخلات حكومية مباشرة وسريعة، "اليوم أزمة البيض، وقبلها سعر اللوز المرتفع، وقبله زيت الزيتون المستورد، وقبله قطاع الثروة الحيوانية، فالقطاع الزراعي وهو أهم قطاع في الدخل القومي بحاجة لتدخل سريع، نحن نتحدث عن 150 ألف أسرة تعتاش من هذا القطاع في الضفة الغربية فقط".
ورغم استمرار الأزمة، إلا أن أشد المتشائمين من المعنيين بالقضية، لا يتوقع استمرارها طويلا، بل على النقيض من ذلك فإن الحل بات قريبا وفقا لهم.
وفا