الشتاء يقسو على غزة.. خيام النازحين تغرق والمواطنون يصرخون: “لمين نروح؟”

581006590_879407861275334_624385839915657608_n.jpg

فاقمت أمطار الشتاء الغزيرة التي هطلت على قطاع غزة، الجمعة، مأساة السكان الذين يعانون منذ أكثر من عامين من ويلات العدوان الإسرائيلي. ورغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار شهره الثاني قبل أيام، لم تنتهِ الأزمة الإنسانية بعد، مع تحذيرات من تفاقمها خلال فصل الشتاء، حيث اجتاح أول منخفضاته خيام النازحين، وأتلف الكثير منها وشرّد آلاف الأسر، في ظل نقص حاد في الخدمات الأساسية.

واشتكى السكان من غرق العديد من المناطق وتلف مقتنياتهم وملابسهم وأمتعتهم بعد أن غمرت الأمطار خيامهم، فيما هاجمت المياه المناطق التي طالها الدمار في مختلف أنحاء القطاع.

غرق الخيام والدمار المتواصل

بدأت الأمطار الغزيرة بالهطول صباح الجمعة، حيث تشهد المنطقة منخفضاً جوياً عميقاً، ما تسبب في سيول وبرك مياه حاصرت الكثير من الخيام، وتسربت مياه الأمطار إلى خيام أخرى مهترئة تحتوي على ثقوب كبيرة في الأعلى.

ولم تفلح التحذيرات السابقة ولا الاستعدادات البسيطة التي قام بها الأهالي في حماية الخيام من الأمطار، فغرقت الكثير منها وتشردت أسر كثيرة بعد أن أصبحت بلا مأوى. كما انهارت سواتر ترابية أقامها الأهالي قرب مناطق سكنهم لحرف مسار مياه الأمطار، ما أدى إلى دخول كميات كبيرة من المياه إلى الخيام، وغرقت المناطق المنخفضة أيضاً بما فيها خيام النازحين.

واشتكت العائلات من ابتلال جميع أمتعتها، وفقدانها لما يقي أطفالها من برد الشتاء، فيما تسببت الرياح الشديدة التي صاحبت المنخفض في تدمير واقتلاع العديد من الخيام، خاصة في المناطق المكشوفة وقرب سواحل بحر غزة، وتحديداً في مناطق مواصي خان يونس جنوبي القطاع.

شهادات النازحين

قال عبد الحكيم النجار، أحد النازحين في خان يونس، لـ”القدس العربي”: “خيمتنا التي نقيم فيها مع ستة أفراد من العائلة لم تصمد أمام الأمطار، وحاولت إغلاق الثقوب بقطعة بلاستيكية، لكن دون جدوى. اضطررت لنقل ما استطعت من أمتعتنا إلى خيمة أحد أقاربي مؤقتاً، إصلاح الخيمة وتجفيفها سيستغرق عدة أيام بعد انتهاء المنخفض”.

وأضاف النجار أنه لم يتمكن من الحصول على خيمة جديدة من المؤسسات الإغاثية، بسبب النقص الحاد في المخزون، وهو وضع يتكرر في مناطق النزوح الأخرى. ويحتاج قطاع غزة حالياً إلى نحو 300 ألف خيمة جديدة لتسليمها للعائلات النازحة التي فقدت منازلها، فيما لم تسمح سلطات الاحتلال إلا بدخول كميات محدودة من الخيام، لا تكفي الاحتياجات المتزايدة.

الخوف من الموت برداً

وعبّرت عبير “أم أيمن”، التي تسكن مع أسرتها في خيمة غرب دير البلح، عن مخاوفها من المنخفضات الجوية، مشيرة إلى أن الاشتياق للأمطار قبل الحرب تبدل تماماً، وأصبح مصدر قلق وخطر على السكان. وقالت: “جميع السكان يتأثرون بالمنخفض، حتى أقل العائلات تتعرض لتشرب المياه في الخيمة والشعور بالبرد الشديد، خاصة مع نقص الأغطية ووسائل التدفئة الكهربائية نتيجة انقطاع التيار الكهربائي”.

وتخشى عبير على صغار السن من أفراد أسرتها من التجمد ليلاً، مستذكرة حوادث العام الماضي حين قضى العديد من الأطفال من شدة البرد، لعدم توفر الملابس والأغطية الشتوية اللازمة.

وفي مناطق النزوح، يحاول السكان استغلال توقف زخات المطر المؤقت لإصلاح الخيام التي اقتُلعت أوتادها، وهو مشهد متكرر في كل مناطق القطاع. وقال خالد نصر، أحد النازحين: “أنا أراقب السماء وأنتظر انقشاع الغيوم لإصلاح الخيمة، لكن هناك سحب سوداء قادمة، وأمطار جديدة على الطريق”.

الدفاع المدني يحذر

بدوره، أعلن جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة، الجمعة، أنه تلقى نداءات استغاثة من أسر نازحة في مخيمات ومراكز إيواء بعدة مناطق في القطاع، بعد تضرر خيامهم جراء مياه الأمطار.

وقال الجهاز، في بيان، إن “حالات غرق الخيام تركزت في مدينة غزة بمناطق النفق والدرج واليرموك والزيتون شرقي المدينة، ومخيم الشاطئ غربها، وفي المحافظة الوسطى في منطقتي البركة والبصة بدير البلح، وفي محيط البنك الإسلامي على شارع صلاح الدين غرب مخيم البريج، إضافة إلى عدد من مخيمات النازحين في محيط سوق النصيرات”.

وناشد الدفاع المدني المجتمع الدولي والدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بـ”الاهتمام بمعاناة نحو نصف مليون أسرة نزحت بسبب العدوان الإسرائيلي، وتقيم في مخيمات ومراكز إيواء”، موضحاً أن الفلسطينيين “يعانون ظروفاً إنسانية صعبة للغاية”.

ودعا الجهاز إلى “الإسراع في إدخال البيوت الجاهزة والخيام لهذه الأسر النازحة للتخفيف من معاناتهم، لا سيما ونحن في بداية موسم الشتاء”.