تصاريح "00" الأمنية.. بدائل مرة تحاصر عمال الضفة

 كشف تحقيق صحفي بعنوان "تصاريح 00 الأمنية... بدائل مُرّة تحاصر فلسطينيي الضفة بحثاً عن لقمة العيش"، عن تورط سماسرة فلسطينيين وإسرائيليين في المتاجرة بتصاريح خاصة تُعرف باسم "00"، تُباع للعمال الفلسطينيين بمبالغ باهظة مقابل السماح لهم بالعمل داخل إسرائيل في ظل منع العمال منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

بحسب التحقيق، تُمنح تصاريح "00" أصلاً لأشخاص متنفذين إسرائيليين أو عرب ممن خدموا سابقاً في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، حيث يحصل كل منهم على حصص تتراوح بين 20 و30 تصريحاً كنوع من المكافأة، ليُعاد بيعها لاحقاً لوسطاء في الضفة الغربية، مقابل مبالغ تصل إلى 60 ألف شيكل (نحو 18,360 دولاراً) في فترة الحرب، مع أقساط شهرية تتراوح بين 2,500 و2,600 شيكل (نحو 780 دولاراً).

يروي العامل صبري محمد (50 عاماً) من مدينة طولكرم أنه اضطر لشراء تصريح "00" مقابل 45 ألف شيكل (حوالي 13,770 دولاراً) بعد عام من البطالة، ليتمكن من العودة إلى عمله في قطاع البناء داخل الخط الأخضر. قصته ليست استثناءً، إذ تشير بيانات الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين إلى أن أكثر من 25 ألف عامل يحملون تصاريح من هذا النوع، يتركز معظمهم في الخليل وبيت لحم، بعد أن تراجع عدد تصاريح العمل القانونية من أكثر من 200 ألف إلى أقل من 8 آلاف تصريح فقط منذ اندلاع الحرب، وفق ما ورد في التقرير.

التحقيق الذي نشره موقع العربي الجديد، يوضح أن هذا النوع من التصاريح لا يمنح حامله أي حماية قانونية أو ضمان اجتماعي، إذ يمكن للسلطات الإسرائيلية إلغاؤه إلكترونياً في أي وقت من دون إشعار أو تعويض. كما لا يتمتع العامل بأي تأمين صحي أو تعويض نهاية خدمة، ما يجعله عرضة لخسارة أجره وجهده بالكامل.

في المقابل، يفتح غياب الرقابة القانونية الباب أمام عمليات احتيال متزايدة، إذ تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي صفحات وهمية تبيع تصاريح عمل "زراعية" أو "صناعية" مقابل دفعات أولية تتراوح بين 1000 و1500 شيكل، قبل أن يختفي السماسرة تماماً.

وتعترف الجهات الرسمية الفلسطينية بضعف المتابعة لهذه الظاهرة، رغم تشكيل لجان حكومية منذ عام 2020 لمكافحة تجارة التصاريح. ويؤكد محافظ طولكرم عبد الله كميل أن إعادة تفعيل هذه اللجان بات ضرورة لحماية "العمال المغلوبين على أمرهم".
أما قانونياً، فتشير المحامية رنا عبيد إلى أن التشريعات الفلسطينية لا تتضمن نصاً يجرّم تجارة تصاريح "00"، ما يجعل ملاحقة السماسرة شبه مستحيلة.

ويخلص التحقيق إلى أن تصاريح "00" تحولت إلى رمزٍ جديد للاستغلال الاقتصادي في ظل الأزمة المعيشية الخانقة، حيث يُضطر آلاف العمال الفلسطينيين إلى دفع مبالغ تفوق قدرتهم مقابل تصريحٍ مؤقتٍ قد يُلغى في أي لحظة، تاركاً خلفه المزيد من الديون واليأس.