قال الخبير الاقتصادي د. طارق الحاج، إن الوضع المالي المعلن للسلطة الفلسطينية لم يشهد أي تحسن ملموس حتى الآن، رغم التقارير التي أشارت إلى التزام الاتحاد الأوروبي بتقديم دعم مالي لمجالات مختلفة.
وأوضح الحاج في حديث خاص لـ"الاقتصادي"، أن المرحلة الأولى من الدعم الأوروبي بلغت نحو 400 مليون دولار صُرفت على مراحل، فيما تبلغ المرحلة الثانية ملياراً و600 مليون دولار، إلى جانب أموال خصصتها دول مثل فرنسا وإسبانيا وعدد من الدول العربية.
وأضاف: "هذه الأموال من المفترض أنها وصلت، لأن الشروط المفروضة من الجهات المانحة يجري تطبيقها على مراحل، وبالتالي تُدفع الأموال تباعاً مقابل تنفيذ هذه الشروط."
وأشار الحاج إلى أن وزارة المالية الفلسطينية ما زالت متمسكة بثلاث ممارسات تثير الغموض في المشهد المالي، وهي: عدم إعداد موازنة عامة سنوية وفق الأصول، وغياب الحساب الختامي، والامتناع عن الإفصاح عن تفاصيل الإنفاق، إذ تقتصر البيانات المعلنة على فاتورة الرواتب وأموال المقاصة فقط، وغياب الشفافية حول الإيرادات المحلية، سواء تلك المتعلقة بأملاك الدولة أو الرسوم والجمارك والمكوس وإيرادات المؤسسات الرسمية.
ولفت إلى أن هذا الغموض يجعل الصورة المالية ضبابية، ويطرح تساؤلات حول أولويات الإنفاق وإدارة الموارد.
وفي ما يتعلق بإمكانية تحسن الأوضاع المالية، قال الحاج: "الأصل أن يكون هناك تحسن، وأن تُدفع الرواتب بانتظام"، داعياً إلى إعادة النظر في نسب صرف الرواتب بحيث يحصل من تقل رواتبهم عن 5000 شيكل على رواتبهم كاملة، بينما تُطبّق نسب متفاوتة على من يتقاضون أكثر من 7000 شيكل.
وأكد أن الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الداعمة الأخرى "يريدون أن يروا نتائج للإصلاحات التي تم الالتزام بها مقابل الدعم المالي"، محذراً من التلكؤ في تنفيذها.
ويرى الحاج، أن الوضع في قطاع غزة سيكون "مؤشراً لما سيجري في الضفة الغربية"، قائلاً: "تجربة غزة ستكون مقياساً، وإذا نجحت هناك، قد يُنقل المشهد ببعض التعديلات إلى الضفة، ما قد يعني إدارة مالية أكبر من قبل جهات خارجية على حساب القرار الداخلي."
وفيما يتعلق بأزمة أموال المقاصة، أوضح أن الحكومة الفلسطينية قد تستخدم سياسة الشكوى كوسيلة ضغط على الدول المانحة لدفعها نحو الضغط على إسرائيل للإفراج عن الأموال المحتجزة. لكنه شدد على أن ذلك "لا يجب أن يكون مبرراً لعدم الوفاء بالالتزامات تجاه الموظفين".
وختم الحاج، بالتأكيد على ضرورة ترتيب سلم أولويات الإنفاق بما يضمن توجيه الموارد المحدودة نحو القطاعات الحيوية، قائلاً: "إذا كانت مواردنا شحيحة واحتياجاتنا عالية، فالأولوية يجب أن تكون للتعليم والصحة، وليس لمؤسسات غير إيرادية تأتي في مراتب متأخرة، وعندها يمكننا دفع رواتب كاملة لمن تقل رواتبهم عن 5 آلاف شيكل."
