أهداف إسرائيل من تصعيدها بمخيم جنين؟

علاء مطر

لم يتوقف الجيش الإسرائيلي عن مهاجمة مخيم جنين شمال الضفة الغربية خلال السنوات الأخيرة، فيما شهد المخيم تصعيدا كبيرا بين الجيش والفصائل الفلسطينية المسلحة، ليتحول مخيم اللاجئين إلى أيقونة للمواجهة وحدث فصل في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والتي كان آخرها مهاجمة الطائرات المروحية الإسرائيلية، قبل يومين، مركبات ومنازل داخل المخيم، ما أسفر عن وقوع أضرار مادية وبشرية جسيمة.

إن تصاعد الأحداث بعد سلسلة من الاشتباكات المسلحة بين قوات الجيش الإسرائيلي والمسلحين الفلسطينيين في مخيم جنين الذي أصبح يعد معقلًا للمقاومة الفلسطينية ومركزًا لأنشطة فصائل عدة، بما في ذلك ألوية جنين، ليست سوى المرحلة الأولى من حملة عسكرية أوسع تهدف إسرائيل الى تنفيذها في المخيم لاستهداف البنية التحتية لهذه الفصائل وتفكيك قدراتها القتالية.

والمتابع لتصريحات المسؤولين الإسرائيليين، يرى أن العملية تأتي في إطار مكافحة الفصائل الفلسطينية، وتقويض شبكات المقاومة المسلحة في جنين ومنع استخدام المخيم كقاعدة لانطلاق الهجمات ضد المستوطنات الإسرائيلية وقوات الجيش، غير أن التوقعات تشير الى أن التصعيد سيستمر ويزداد حدة في حال عدم استجابة المسلحين لمطالب نزع السلاح، وهي مطالب لطالما قوبلت برفض من الفصائل الفلسطينية التي تعتبرها مساسًا بحق الدفاع عن النفس.

الهجوم الجوي باستخدام الطائرات المروحية أدى إلى وقوع أضرار كبيرة في المنازل والممتلكات، إلى جانب الخسائر البشرية التي لم تُحدد حصيلتها النهائية بعد. المشهد داخل المخيم يوصف بأنه كارثي، مع تصاعد الدخان من المباني المدمرة وانتشار الخوف بين السكان، الذين أصبحوا في مواجهة أزمة إنسانية جديدة، وتزامنًا مع ذلك، أُغلق المخيم بشكل شبه كامل، ما زاد من معاناة السكان الذين يواجهون نقصًا في الإمدادات الطبية والغذائية.

وأدت هذه العملية الإسرائيلية الى ردود فعل محلية ودولية، حيث نددت الفصائل الفلسطينية بالعملية ووصفتها بأنها تصعيد خطير يهدف إلى كسر إرادة المقاومة. ودعت السلطة الفلسطينية المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري لوقف الاعتداءات، محذرة من أن استمرار الهجمات سيؤدي إلى تفاقم الوضع في المنطقة، فيما صدرت دعوات من الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان لضبط النفس وحماية المدنيين، وسط قلق متزايد من انزلاق المنطقة إلى دوامة عنف أشد.

مع استمرار العملية، يبدو أن المنطقة مقبلة على مرحلة من عدم الاستقرار. فإذا استمرت المواجهات دون حلول سياسية أو تهدئة، فقد تتوسع دائرة العنف إلى مناطق أخرى من الضفة الغربية وربما غزة. ومن جهة أخرى، فإن تعنت الأطراف في تقديم تنازلات سيزيد من تعقيد المشهد، مما يجعل الأفق السياسي لحل الصراع بعيد المنال.

إن ما يحدث في مخيم جنين يعكس حجم التوتر المتزايد في الأراضي الفلسطينية، ويؤكد أن الحلول الأمنية وحدها لن تؤدي إلى إنهاء الصراع، وإن الحاجة إلى معالجة جذرية لأسباب العنف، بما في ذلك إنهاء الاحتلال وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني، أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، وهو ما أشار اليه الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن في آخر تصريحاته..فهل تعي إسرائيل ذلك؟

يبدو أنه من الصعب أن تعي إسرائيل هذه الحقيقة، خصوصا في ظل حكومة يمينية متطرفة برئاسة نتنياهو وعضوية بن غفير وسموتريتش، ويبدو أن إسرائيل ستبقى تكابر وتعاند رأسها وتنفي وجود حق فلسطيني في الوجود وأن هذه الأرض خلقت فلسطينية وستبقى كذلك، وفي النهاية فإن هذه المكابرة ستعود سلبا على إسرائيل..هذه هي الحقيقة.