أكدت حركة حماس، استئناف المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل في العاصمة القطرية الدوحة، بهدف التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط حديث إسرائيلي عن "تفاؤل حذر" في المفاوضات، بعد وصول وفد إسرائيلي إلى الدوحة حصل على تفويض من رئيس الوزراء الإسرائيلية.
وكررت حماس التأكيد "على جديتها وإيجابيتها وسعيها للتوصل إلى اتفاق في أقرب فرصة يحقّق طموح وأهداف شعبنا وأهمها وقف العدوان وحماية شعبنا في ظل الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي يمارسه الاحتلال"، وفق ما ورد في بيانها اليوم.
وأشارت حماس إلى أن هذه الجولة "ستركّز هذه الجولة على أن يؤدّي الاتفاق إلى وقف تامٍ لإطلاق النَّار، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزَّة وتفاصيل التنفيذ، وعوده النازحين إلى بيوتهم التي أخرجوا منها في كل مناطق القطاع".
وأكدت حماس على "ضرورة عدم التعاطي مع المعلومات والتسريبات مجهولة المصادر، التي تنشرها بعض الجهات؛ بهدف التشويش وزيادة الضغط وإرباك الحاضنة الشعبية".
قال مراسل موقع "واللا" الإسرائيلي، إنه "على الرغم من أن الفجوات لا تزال قائمة بين إسرائيل وحماس، إلا أن هناك تفاؤلًا حذرًا في إسرائيل بإمكانية جسر هذه الفجوات والتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة في الأسابيع المقبلة".
ويقول مسؤولون إسرائيليون إن وسطاء قطريين ومصريين، فضلًا عن أعضاء من فريق ترامب، يضغطون على الطرفين للتحرك نحو التوصل إلى اتفاق. وأضاف "واللا": "إذا تم التوصل إلى اتفاق، فقد يتضمن المرحلة الأولى منه إطلاق سراح أكثر من 30 رهينة، بعضهم أحياء وبعضهم ميتين. ومن المتوقع أيضًا أن تتضمن المرحلة الأولى وقف إطلاق النار في غزة لمدة 6-7 أسابيع".
وأكد الموقع الإسرائيلي، وصول فريق التفاوض الإسرائيلي، الذي يضم ممثلين عن الموساد والشاباك والجيش الإسرائيلي، إلى الدوحة بعد ظهر الجمعة، وأجراء جولة أولى من المحادثات مع الوسطاء، حسبما قال مسؤولون إسرائيليون. وعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو جلسة هاتفية، يوم الجمعة، مع وزير الأمن الإسرائيلي كاتس والوزير ديرمر ورؤساء فريق التفاوض الإسرائيلي لمناقشة مرونة إسرائيل في المحادثات.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير، إن "الفجوات لا تزال قائمة في كل القضايا تقريبًا في المفاوضات، بشأن تواجد الجيش الإسرائيلي في ممر نتساريم ومحور فيلادلفي/صلاح الدين، في قطاع غزة، وبشأن الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم في الصفقة، وبشأن وتيرة إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين بعد إعلان وقف إطلاق النار، وبشأن التاريخ الذي ستبدأ فيه المفاوضات للمرحلة الثانية من الصفقة.
وبحسب موقع "واللا" الإسرائيلي، قال المسؤول الإسرائيلي الكبير، إن المفاوضات تتقدم ببطء شديد، وأنه في الأسبوع المقبل سيكون من الممكن معرفة ما إذا كان من الممكن سد الفجوات المتبقية والتوصل إلى اتفاق.
وأضاف المسؤول الإسرائيلي: "سافر فريق التفاوض إلى الدوحة لصقل الاتفاق. وفي كل الفجوات المتبقية، يمكننا التوصل إلى حل وسط. نريد أن نفعل ذلك ونحقق صفقة، ونعتقد أن الطرف الآخر يريد ذلك أيضًا".
ووفق الموقع الإسرائيلي، قدمت إسرائيل لحماس قائمة بأسماء 34 أسيرًا تطالب بإطلاق سراحهم في المرحلة الأولى. وأشار مسؤول إسرائيلي إلى أن إسرائيل "تقدر أن بعض الرهائن الموجودين في القائمة لم يعودوا على قيد الحياة". وقال مسؤول إسرائيلي: "هدفنا هو إطلاق سراح أكبر عدد ممكن من الرهائن الأحياء الموجودين في هذه القائمة".
وتشير حماس إلى أن ثلث الأسرى في القائمة التي قدمتها إسرائيل هم رجال تحت سن الخمسين، وتعتبرهم جنودًا، ولذلك تطالب إسرائيل، مقابل إطلاق سراحهم، بالموافقة على إطلاق سراح عدد أكبر من الأسرى الفلسطينيين.
وأكد مراسل موقع "واللا"، أن "إسرائيل أعدت بالفعل قوائم بأسماء مئات الأسرى الفلسطينيين الذين قد تكون مستعدة للإفراج عنهم في إطار صفقة أسرى ووقف إطلاق النار في غزة، لكن عددهم النهائي وهويتهم لن تتحدد إلا على أساس المفاوضات وعدد وهوية الأسرى الأحياء الذين ستفرج حماس عنهم".
بدوره، قال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي إن إدارة بايدن ترحب بالقرار الإسرائيلي بإرسال مفاوضين إلى الدوحة، وأكد أن "الولايات المتحدة تعتقد أن التوصل إلى اتفاق بشأن أسرى غزة ووقف إطلاق النار أمر عاجل وممكن". وأضاف كيربي أن الولايات المتحدة "تدعو حماس إلى الموافقة على الاتفاق".
وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أن "الوفد الإسرائيلي حصل على تفويض كافٍ. ولا تزال هناك ثغرات في المحادثات، لكن في تل أبيب يزعمون بأن هناك تقدمًا بطيئًا في المحادثات، وهم ينتظرون إجابات من حماس".
وأضافت الصحيفة: "يطرح الوسطاء أفكارًا بشأن الطلب الإسرائيلي الحصول على قوائم المختطفين، لكن هناك فجوات في المحادثات، وهي تتعلق أولًا بأعداد المختطفين الذين سيتم إطلاق سراحهم. إذ حماس مستعدة للإفراج عن عدد كبير من المختطفين الأحياء، وإسرائيل تضغط من أجل زيادة هذا العدد. كما ترغب حماس في سد الفجوة بالعدد عبر إعادة المختطفين الذين تحددت وفاتهم في المرحلة الأولى".
وأشار وجود نزاعات بشأن "تواجد الجيش الإسرائيلي في منطقة فيلادلفي/صلاح الدين، وتصر حماس على انسحاب أكبر للجيش الإسرائيلي في المرحلة الأولى، وإسرائيل مستعدة لدراسة الانسحاب فقط في المراحل التالية من المفاوضات. وهناك ثغرات إضافية تتعلق برغبة حماس في إنهاء الحرب في مواجهة التصريحات المتناقضة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو".
وقال مصدر إسرائيلي لصحيفة "جيروزاليم بوست"، يوم الخميس، إن المحادثات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحماس حققت بعض التقدم، لكنها "تتقدم ببطء". وأضاف المسؤول أن حماس لم تسلم حتى الآن قائمة الأسرى الأحياء الذين سيتم الإفراج عنهم في الصفقة.
وأكدت حماس، أنها لا تستطيع الوصول إلى جميع الرهائن وأنها ستحتاج إلى عدة أيام بعد بدء وقف إطلاق النار لتجميع القائمة.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وافق مساء الخميس على استمرار المفاوضات بشأن صفقة الأسرى ووقف إطلاق النار في الدوحة.
أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أن "الوفد الإسرائيلي حصل على تفويض كافٍ. ولا تزال هناك ثغرات في المحادثات، لكن في تل أبيب يزعمون بأن هناك تقدمًا بطيئًا في المحادثات، وهم ينتظرون إجابات من حماس"
وقال مصدر مطلع على الأمر لصحيفة "جيروزاليم بوست": "إن الوسطاء منخرطون في جهد جاد ومتواصل لسد الفجوات. لقد تغيرت الديناميكية. هناك بعض الحركة وحتى بعض المرونة. لكن الأمر لم يتم الانتهاء منه بعد".
ورحب منتدى عائلات الأسرى بقرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بإرسال الوفد الإسرائيلي إلى قطر. وكتب المنتدى: "يجب ألا نفوت الفرصة السانحة. إن الرهائن المائة المحتجزين في أنفاق حماس في غزة ليس لديهم وقت للتباطؤ في المفاوضات. نطالب نتنياهو بمنح الفريق السلطة الكاملة لتأمين اتفاق يضمن عودة جميع الرهائن، دون استثناء - أولئك الذين ما زالوا على قيد الحياة لإعادة تأهيلهم والقتلى للدفن".
ماذا تقول التحليلات؟
وحول وضع المفاوضات والتحديات التي تواجهها، قال يارون أبرهام، مراسل الشؤون السياسية في القناة الـ12 الإسرائيلية: "الأمر صعب ويزداد صعوبة. لم تعد إسرائيل تتحدث عن طريق مسدود تمامًا، فهناك أصوات تفترض إمكانية تحقيق تقدم. لكن في الأيام الأخيرة، شهدت الاتصالات عبر الوسطاء بين إسرائيل وحماس تراجعًا كبيرًا. وفي اجتماعاته مع الوسطاء، يقول نتنياهو: 'لا تحاولوا إقناع حماس بكلام فارغ؛ فبعد المرحلة الأولى سأعود للقتال'. ويبدو أن الأفق أصبح أكثر قتامة، حتى أن إسرائيل لم تعد تقدم ما حاول الوسطاء إقناع حماس به سابقًا. حماس بدورها شددت مطالبها بشأن قائمة الأسرى، حيث سلمت قائمة تضم 250-300 من الأسرى ترفض التنازل عن الإفراج عنهم. لذلك، لا توجد أخبار مبشرة"، وفق قوله.
وفيما يتعلق بالتحديات الميدانية وتأثيرها على المفاوضات، أوضح عاموس هرئيل، محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس": "عدد 'المخطوفين' الذين ما زالوا في غزة 101، لكن الجميع يدرك أن نصفهم فقط ما زال على قيد الحياة. بعد ثلاثة أشهر من القتال في جباليا، والدمار الهائل الذي طال المستشفيات والقتل الواسع، من الصعب الحديث عن استسلام استراتيجي لحماس. لقد ضعفت المقاومة العسكرية للحركة، لكن العملية العسكرية لم تحقق نصرًا حاسمًا، ولم تدفع نحو صفقة 'المخطوفين'. اليوم، تُستأنف الاتصالات في لقاء يعقد في قطر بين الوفد الإسرائيلي ومندوبي الدول الوسيطة. ومع تعثر التوصل إلى صفقة، تتصاعد الدعوات في المنظومة السياسية لتوسيع العمليات العسكرية جنوب جباليا باتجاه مدينة غزة. هناك أبنية كثيرة لا تزال قائمة، كما أن أعداد المدنيين الذين بقوا فيها تقارب 100 ألف شخص، بينهم آلاف من عناصر حماس الذين يحافظون على النظام العام ويخططون للمواجهة المقبلة مع الجيش الإسرائيلي"، وفق زعمه.
وعن تأثير العمليات العسكرية الحالية ومدى فعاليتها في التأثير على المفاوضات، علق الخبير العسكري ألون بن دافيد في صحيفة "معاريف": "السيطرة على الجزء الشمالي من القطاع توفر ورقة مساومة لإسرائيل يمكن أن تدفع بعودة 'المخطوفين'، إذا كانت الحكومة مهتمة بذلك. كل يوم يقضيه الجيش في القطاع يفرض تكلفة بشرية باهظة. الجيش الآن يستعد لنشر فرقة رابعة للعمل في غزة. لا يمكن القضاء على كل من يتعاطف مع حماس، فعددهم في غزة لا ينتهي. إذا لم يُكمل الجيش إنجازه الآن، سنجد أنفسنا في مواجهة طويلة الأمد مع استمرار فقدان 'المخطوفين' الباقين على قيد الحياة".
وبخصوص الأدوات الدبلوماسية المستخدمة للضغط على حماس، أشار غاي عزرائيلي، مراسل الشؤون السياسية في قناة "i24": "إسرائيل تمارس الضغط على حماس ليس فقط بالوسائل العسكرية، بل أيضًا عبر الطرق الدبلوماسية، مستعينة بالإدارة الأميركية الحالية بقيادة بايدن، والتحذيرات المستقبلية من الرئيس القادم دونالد ترامب، لدفع حماس لإبداء بعض المرونة".
بشأن الدور الأميركي وتأثيره على المفاوضات، قالت غيلي كوهين، مراسلة الشؤون السياسية في قناة "كان": "عشية دخول ترامب البيت الأبيض، تحاول الدول الوسيطة الضغط على إسرائيل وحماس للعودة إلى مسار المفاوضات"
لكن اللواء احتياط غيورا آيلاند، رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي سابقًا، قال في تقييم استراتيجي للنتائج حتى الآن: "حددنا ثلاثة أهداف: تدمير القدرات العسكرية لحماس، واستعادة 'المخطوفين'، وتقويض حكم حماس. مر نحو 15 شهرًا ولم نحقق سوى نجاح جزئي في الهدف الأول، بينما فشلنا بشكل كبير في تحقيق الهدفين الآخرين. الضغط العسكري وحده ليس كافيًا لتحقيق الأهداف، كما أنه لا يتماشى مع نقاط ضعف غزة. نحن بحاجة إلى إعادة تقييم سياساتنا؛ وإلا فإننا سنفقد 'المخطوفين' في الأنفاق دون تحقيق أي صفقة".
وبشأن الدور الأميركي وتأثيره على المفاوضات، قالت غيلي كوهين، مراسلة الشؤون السياسية في قناة "كان": "عشية دخول ترامب البيت الأبيض، تحاول الدول الوسيطة الضغط على إسرائيل وحماس للعودة إلى مسار المفاوضات. من جهة إسرائيل، تشير إحاطات صحفية من مكتب رئيس الحكومة نتنياهو إلى أن إسرائيل تنوي العودة للقتال حتى لو تم التوصل إلى صفقة. لكن مسؤولين مشاركين في المفاوضات يؤكدون أن الصفقة لن تتم إلا بتعهد إسرائيلي بإنهاء الحرب بشكل أو بآخر".
بدوره، زعم اليئور ليفي، رئيس قسم الشؤون الفلسطينية في قناة "كان": "حماس مصممة على تعهد إسرائيلي ودولي بالاستمرار في المراحل الأخرى من الصفقة، التي تؤدي إلى إنهاء الحرب والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة. تعتبر حماس هذه الأسس الكبرى إظهارًا للمرونة من جانبها، لكنها لا تتطابق حاليًا مع المطالب الإسرائيلية، ولذلك لا زلنا بدون اختراق".