بشكل غريب جدا، لم نعد نرى أي أثر، أو نسمع أي صوت للشيخ الدكتور سلمان الداية، وذلك بعد نشره للفتوى الناقدة لسياسة حركة حماس بقطاع غزة، والتي كتب الدكتور الفقيه من خلالها أن الحركة تخالف حكمة القرآن الكريم وأن سياستها تضر بشكل مباشر في سكان القطاع المحاصر والمجوع.
وعلى الرغم من أن الدكتور الدايه، العميد السابق لكلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية التابعة لحماس في غزة، يعد أحد أبرز العلماء الذين يمثلون السلطة الدينية في القطاع، وأن رأيه الشرعي له ثقل كبير بين سكان القطاع البالغ عددهم مليوني نسمة، إلا أن فتواه لقيت انتقادات واسعة من قبل حماس ومناصريها بسبب ما أسمته "انتهاك المبادئ الإسلامية التي تحكم الجهاد"، فيما كثرت في الآونة الأخيرة منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تشكك في حالة الشيخ، وصلت الى حد اتهامه بالردة والخيانة!!
لكن السؤال الأبرز الآن، هل واقع اختفائه يرمز لنا أن أقواله هذه أحرجت قادة حماس؟ أم أن المكتوب في رسالته هو بمثابة مرآة لمن وكلوا أنفسهم لقادة الشعب الفلسطيني في غزة؟ فها نحن نراهم يتلاكمون مع العدو الاسرائيلي في حلبة الصراع فقط من أجل مصالحهم الشخصية ومحاولاتهم لإنقاذ أنفسهم من الحكم الجنائي العالمي، ولا يعنيهم أمر الطفل الجائع في شمال وجنوب قطاع غزة ولا أمر الأسير المشتاق لعائلته في السجون الاسرائيلية!
لكن وإن ثبت اختفاء الشيخ الداية، فإنها ستكون دليلا قاطعا على أن كشف هذه الحقائق على يد الشيخ الدكتور سلمان هي سبب لاختفائه عن المنصات ولعدم سمع صوته عبر الشاشات، في الوقت الذي تتزايد الشكوك على وسائل التواصل الاجتماعي بأن حماس مرتبطة باختفاء الشيخ، لكن هذه القضية وما يثار حول اختفائه تعتبر شائكة وحساسة، خاصة في ظل اتهامات متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي تربط بين انتقاده لحركة حماس واختفائه. غير أنه من المهم في هذا السياق التفريق بين المعلومات الموثوقة والشائعات.
الحقيقة أن انتقاد الشيخ سلمان الداية لحركة حماس قد شكّل عاملاً حساساً، خصوصاً وأنه ألمح باتهامات مباشرة تتعلق بإدارة الحركة لقطاع غزة.
إن اختفاء شخصية دينية بارزة مثل الشيخ الداية يثير تساؤلات ويخلق مساحة لنظريات متعددة، ومع ذلك، ليس هناك دليل مباشر حتى الآن يربط حماس باختفائه، فقد يكون هناك أسباب أخرى غير معلنة، سواء اجتماعية، سياسية، أو أمنية.
كما أن تصاعد الشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يزيد من تعقيد الموقف ويضر بمحاولات الكشف عن الحقيقة، خصوصا وأن كثير من المنشورات تفتقر إلى المصادر الموثوقة، مما يعزز من حالة البلبلة.
ومن الضروري متابعة ما إذا كانت حماس قد أصدرت أي بيان رسمي يوضح موقفها من هذه الاتهامات أو يقدم معلومات عن حالة الشيخ.
أعتقد أن أهم خطوات مطلوبة الآن، هي التحقق من الحقائق، وجمع المعلومات من مصادر موثوقة، سواء من عائلة الشيخ أو جهات رسمية، وضغط شعبي وقانوني، لأنه إذا استمر الغموض، يمكن اللجوء إلى المنظمات الحقوقية الدولية للضغط من أجل الكشف عن مصير الشيخ، لكن مع الاخذ بالاعتبار بضرورة تفادي الشائعات، وتوخي الحذر من تداول الأخبار غير المؤكدة.
في الخلاصة، إذا استمرت هذه الاتهامات دون توضيح، فقد يكون ذلك سبباً لتصاعد التوترات بين الأطراف المختلفة، مما يجعل من الضروري تحقيق الشفافية حول هذه القضية، والكشف عن حقيقة مصير الشيخ سلمان الداية، سواء من الشيخ نفسه عبر مقطع مصور ينفي فيها الاخبار عن اختفائه، أو من حركة حماس نفسها التي من المفترض ان تثبت وجود الشيخ أو عدم وجود علاقة بينها وبين اختفائه..