في ظل الأزمة المالية المتفاقمة التي تعاني منها السلطة الفلسطينية، حذر الخبير الاقتصادي مؤيد عفانة من أن الحكومة تواجه تحديات حقيقية في توفير رواتب الموظفين خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أن السيناريو المالي أصبح أكثر تعقيدًا بعد نفاد الخيارات المتاحة.
وأوضح عفانة أن نسبة الـ60% التي تم صرفها الشهر الماضي للموظفين جاءت عبر قرض مجمّع من البنوك المحلية، استند إلى تسهيلات مالية واتفاقيات جرت مع شركات الكهرباء وهيئات محلية. لكن، بحسب قوله، فإن هذا الخيار لم يعد متاحًا مرة أخرى بنفس الكفاءة، في ظل التراجع الحاد للإيرادات المحلية، والتي انخفضت إلى حوالي 250 مليون شيكل فقط، إلى جانب محدودية الدعم الخارجي.
وأشار إلى أن أموال المقاصة، التي تمثل العمود الفقري للإيرادات العامة وتشكل ما نسبته 68% من دخل السلطة، لم تُحوّل منذ أكثر من ثلاثة أشهر، مما يجعل صرف 60% أو 70% من الرواتب في الأشهر القادمة أمرًا مستبعدًا، إلا في حال حدوث تطور سياسي أو مالي استثنائي، كتحويل طارئ من إحدى الدول المانحة أو الإفراج عن جزء من أموال المقاصة المحتجزة.
وأكد أن الأزمة ليست جديدة، حيث تحتجز إسرائيل قرابة 9.5 مليار شيكل من أموال المقاصة منذ عام 2019، وتقتطع بشكل شهري مبالغ تتعلق بمخصصات الأسرى وقطاع غزة وصافي الإقراض، والتي تصل بمجملها إلى نحو 275 مليون شيكل شهريًا. ورغم ذلك، كانت السلطات الإسرائيلية تقوم بتحويل ما يتبقى من الإيرادات، أو تجميدها بالكامل وفقًا لقرار سياسي.
وفي السياق ذاته، اعتبر عفانة أن استمرار احتجاز الأموال يجري دون غطاء قانوني من الكنيست أو الكابينت، بل يتم عبر صلاحيات فردية منحها رئيس الحكومة الإسرائيلية لوزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وهو ما وصفه بـ"رشوة سياسية" لضمان بقاء الائتلاف الحاكم.
وختم عفانة بالإشارة إلى أن هذه الأزمة تحتاج إلى تدخل دولي عاجل، لأن الوضع المالي للحكومة الفلسطينية لم يعد يحتمل المزيد من التأجيل أو الحلول المؤقتة، خصوصًا في ظل التزامات مالية متزايدة وضعف الإيرادات الذاتية.