علاء مطر
لم يعد خافيا على أحد في العالم، تراجع نسبة تأييد حركة حماس في قطاع غزة خصوصا، وتأثر شعبيتها وقاعدتها الشعبية سلبيا، جراء الحرب المدمرة التي أدخلت القطاع وأهله فيها منذ 14 شهرا على التوالي، تسببت في عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى والمفقودين، حتى بات الأمر يثير مزيدا من التساؤلات حول مستقبل حماس في قطاع غزة بشكل كامل.
ومع اقتراب يوم تأسيسها في الرابع عشر من الشهر الجاري، تخشى حماس وقادتها من حدوث اتجاه تنازلي كبير في ظل نقص الدعم من السكان، ليبقى السؤال الذي يطرح نفسه، هل بقي من أنصار حماس في قطاع غزة من سيحتفل بيوم التأسيس كما في السنوات السابقة؟ وهل هذا يدل على نهاية عهد حماس؟
تاريخيًا، استفادت حماس من دعم شعبي واسع بسبب مقاومتها للاحتلال الإسرائيلي، وتقديمها خدمات اجتماعية في وقت كانت فيه السلطة الفلسطينية ضعيفة في هذا المجال. لكن على مدى السنوات الأخيرة، واجهت الحركة تحديات متزايدة، مثل التدهور الاقتصادي والمعيشي بسبب الحصار الإسرائيلي وسوء الإدارة الداخلية لحكومة حماس نفسها، بالإضافة الى التوترات السياسية الداخلية والانقسامات بين الفصائل الفلسطينية، وعدم تحقيق الوحدة الوطنية، قلّصت من رصيد الحركة بين الفئات المختلفة، وليس انتهاء بالاحتجاجات الشعبية التي شهدتها غزة في بعض الفترات ضد الأوضاع الاقتصادية والسياسية، مما يدل على استياء قطاعات من السكان من إدارة حماس.
وعلى الرغم من أن احتفالات انطلاقة حماس في السنوات السابقة، كانت تشهد حشودًا كبيرة، إلا أن المتوقع أن يكون هناك تغير ملحوظ في حجم المشاركين ومستوى الحماس، خاصة بين الأجيال الشابة التي نشأت في ظل أزمات مستمرة. ومع ذلك، قد تستغل حماس قدراتها التنظيمية وحشد الأنصار لضمان إبراز الدعم لها في هذا اليوم، حتى لو كان ذلك لا يعكس الواقع الشعبي بأكمله.
وبينما قد يشهد الدعم الشعبي لحماس تراجعا نسبيا، فإن قدرتها على البقاء تعتمد على مدى نجاحها في التعامل مع التحديات الداخلية، وتحقيق توازن بين المقاومة وتحسين حياة السكان. الأيام المقبلة، وخاصة حجم وشكل المشاركة في احتفالات التأسيس، ستعطي مؤشرات أوضح عن مكانتها في الشارع الغزي خصوصا.
لكن من الممكن تماما أن تلجأ حماس إلى الدين كملجأها الأخير، وهذا ليس جديدا على حركة تمتد جذورها الى جماعة الاخوان المسلمين، أن تدلّس في الدين، وتحاول حياكة ثوب من الاسلام على حسب مقاسهم، وفي كل أزمة على مدار تاريخها كانت تستخدم الدين عباءة لها لاسكات الناس والضحك على لحاهم، حتى لا يثوروا عليها، بعد سنوات طويلة من حكمهم المجحف للقطاع، والفقر والجوع والحروب والحصار والمعاناة التي كان الناس يعانونها، عبر دعوتهم الى الصبر والصمود وبأن ذلك من سير الأنبياء، في الوقت الذي يعيش قادتها حياة ترف وبذخ، سواء في داخل القطاع أو خارجه في الدوحة وأنقرة.
يدرك الحكماء في حركة حماس، إن كان فيها عقلاء وحكماء، أن ما حدث وما يجري في غزة منذ أكثر من عام وشهرين على التوالي، يثبت أن الأمور قد "فلتت" من أيدي الحركة، وأن ما كان يسمى "محور المقاومة" قد تفكك وخذلهم وضحك عليهم، وأن الأكيد هو أن الشعب الفلسطيني بغزة يدفع حتى الآن فاتورة من دمه، لمغامرة كبرى غير محسوبة العواقب، اتخذها بعض القادة المهووسون بـ"الأنا" ومجنونون بجنون العظمة.
شخصيا أدعم فكرة تراجع حماس وقيادتها التي أثبتت أنها غير حكيمة ولا مؤتمنة على حياة شعبها، المشهد بعد الحرب والى الأبد، وإتاحة الفرصة لقيادة جديدة قادرة على إعادة الاعمار وترميم ما دمرته الحرب نفسيا وماديا في القطاع، لأن غزة بحاجة الى 15 عاما من العمل الجاد والإدارة الناجحة لاعادتها الى الحياة..فلتتوقف الحرب المجنونة، ولنرتاح من قيادة مجنونة أيضا لم تأت لنا على مدار السنوات الماضية سوى بالدمار والخراب والحروب، جعلت من الولدان شيبا..