تعقد تركيا، السبت، في الدوحة اجتماعا مع روسيا وإيران في محاولة لإيجاد مخرج سياسي وسلمي لتقدّم المعارضة السورية في الأراضي السورية.
وتشارك الدول الثلاث التي ستكون ممثلة بوزراء خارجيتها في صيغة أستانا التي بوشرت لإسكات صوت الأسلحة في سورية، من دون أن تكون منضوية في المعسكر نفسه على أرض المعركة.
فقد هبت موسكو وطهران لنجدة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وساعدتاه عسكريا للقضاء على المعارضة، فيما أنقرة التي لا تنخرط مباشرة في عمليات على الأرض، تنظر بعين الرضا إلى تقدم الفصائل المعارضة راهنا.
ويلخص هاميش كينير المحلل في "فيريسك مايبلكروفت" للاستشارات الوضع بقوله "بالنسبة لأنقرة يشكل تغير موازين القوى في سورية فرصة وخطرا في آن".
وكان الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان "تمنى" الجمعة أن يتواصل "تقدم المتمردين من دون مشاكل" متعمدا ذكر هدفهم النهائي "دمشق" بعدما سيطروا على حلب وحماه، داعيا الأسد "إلى التصالح مع شعبه".
في قلب هذه المعادلة، حدود مشتركة مع سورية تمتد على أكثر من 900 كيلومتر وثلاثة ملايين لاجئ سوري لا يزالون على الأراضي التركية.
وكتب الباحث المشارك في "أتلانتيك كاونسل" في أنقرة عمر أوكبليتش "لا يزال دور تركيا المحدد في الوضع (الراهن) موضع تكهنات. لكن المؤكد أن تركيا من دون أن تكون منخرطة مباشرة، أعطت الضوء الأخضر لهذا الهجوم".
ويوضح لوكالة "فرانس برس" أن الحكومة التركية كانت على علم بالاستعدادات الجارية مع أن علاقاتها "معقدة" عادة مع هيئة تحرير الشام التي تقود الهجوم الحالي في سورية.
وتشير غونول تول مديرة الفرع التركي من مؤسسة الشرق الأوسط في واشنطن إلى أن المهم بالنسبة لتركيا "هو الاستقرار في سورية ومنطقة آمنة يمكن للاجئين السوريين العودة إليها".
لكنها ترى أنه في إطار هذا الهدف قد تسعى روسيا وإردوغان إلى "طرح حكومة انتقالية من دون الأسد لكن مع بعض عناصر من نظامه والمعارضة".
في الأشهر الأخيرة، لم تلق سياسة اليد الممدودة التي انتهجها إردوغان مع الأسد وحتى دعوته لعقد لقاء أذانا صاغية، إذ اشترط الرئيس السوري مسبقا انسحاب القوات التركية من شمال غرب سورية التي نشرت لمكافحة المقاتلين الأكراد.
وتقول تول إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استاء من عدم تجاوب رئيس النظام السوري، بشار الأسد.
وتؤكد تول أن "إردوغان لا يدعو إلى الإطاحة بنظام الأسد ما يتسبب بفراغ قد يستفيد منه تنظيم الدولة الإسلامية والفصائل الكردية".
وتشدد على أن "الأسد أثار استياء الجميع حتى الإيرانيين والروس والأتراك لأنه يماطل في جهود التوصل إلى اتفاقات مع تركيا والآخرين".
وترى أن إيران من جهتها لاحظت دعم بشار الأسد الفاتر بعد مقتل الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، الذي كان هب لنجدته خلال الحرب السورية، مشيرة إلى أن إيران قد تكون مستعدة للتفاوض مع فريق جديد.
ويسأل سنان أولغن الباحث المشارك في مركز كارنيغي أوروبا في أنقرة "في حال كانت لا تزال روسيا وإيران ترغبان في مساندة سورية هل لا يزال بمقدورهما ذلك؟".
يرى محللون أن اجتماع الدوحة قد يبت بمصير الرئيس السوري مع جلوس وزير الخارجية الروسي سيرغي لافرورف قبالة نظيره التركي هاكان فيدان رئيس أجهزة الاستخبارات التركية سابقا والمقرب جدا من رئيس البلاد.
ويؤكد سنان أولغن "هاكان فيدان يعرف الملف السوري والميدان وخصوصا الأطراف الأخرى من دول وجماعات مسلحة وميليشات على الأرض".
وقد استقبل خلال الأسبوع الحالي خصوصا نظيره الإيراني عباس عراقجي الذي انتقل إلى أنقرة بعد زيارة قصيرة لدمشق.