أنا علاء مطر، فلسطيني من غزة، مصاب حرب 2008، أجريت 23 عملية جراحية.
أحدثك اليوم وقلبي مهموم، وصدري مخنوق، وعقلي مثقل بالحزن.
فقدت طفلتي الوحيدة، ووالدتها، وأخي، خلال حرب الإبادة الأخيرة. تهدمت شقتي وبيت أسرتي، ودُمرت بيوت أخواتي بالكامل.
أتحدث إليك لأطرح عليك سؤالاً بسيطاً:
هل أنت راضٍ عن أدائك في التحليل العسكري والاستراتيجي لما يحدث في غزة؟
هل ما زلت مقتنعاً بأن المقاومة قادرة على مواجهة هذا الجبروت؟
هل ترى أن غزة صامدة حتى اليوم؟ وأن لديها رفاهية الاختيار فاختاروا بإرادتهم العيش في الخيام، وتحمل الجوع والعطش تحت القصف؟
في لقائك على برنامج الاتجاه المعاكس، تحدثت عن حرب السردية للأجيال القادمة، لكنني أتساءل: عن أي أجيال تتحدث؟ إن كنت تقصد الفلسطينيين، فاطمئن، نحن لا ننسى، أجدادنا ما زالوا يحتفظون بمفاتيح بيوتهم منذ عام 1948، وننقل هذه الذكرى من جيل إلى جيل.
أما إذا كنت تتحدث عن الأجيال العربية، فماذا فعل الجيل الحالي لنا؟ هل استطاعوا إيصال شربة ماء أو كسرة خبز لنا؟ هل دافعوا عن دمائنا ونحن نحترق ونتمزق تحت القصف، ونموت جوعاً وعطشاً؟ هل تعتقد أن من شهد ذبحنا بصمتٍ سيخرج منه جيل يساندنا في التحرير؟ لا أعتقد ذلك.
أنت رجل عسكري، والعسكري لا يخشى الموت، لكنك قلت على شاشة الجزيرة إنك لست صاحب قرار. وأنا معك في هذا الرأي، ولكنك رجلٌ له جمهورٌ واسع، وصاحب خبرة، لماذا لم تقدم لنا خطةً عسكريةً تعرضها على قيادات بلادك لدعم غزة، خاصة وأن حدودكم المشتركة مع فلسطين تتيح ذلك؟ لماذا تخشى حتى تقديم النصيحة للحكومات العربية وبالأسماء حول كيفية دعم ونصرة غزة؟
ثم خرجت علينا مؤخراً بإعلانٍ لأحد محال بيع البدل الفاخرة، بينما غزة تحت الأنقاض وأطفالها يموتون تحت القصف. ألم تشعر بالخجل؟ كيف يمكنك أن تحلل صمودنا وقوتنا، بينما تروج لمنتجات ترفيهية؟ كيف تعيش حياتك بشكل طبيعي وأنت تعلم أن هناك من يموتون يومياً؟
قلت في برنامج الجزيرة: “الطوفان صحا فينا الضمير”، ولكنك بنفس الوقت ذكرت أن الضفة قبل الطوفان كانت تشهد مقتل الفلسطينيين يومياً. ألم يستيقظ ضميرك من قبل؟ هل احتجت إلى 100 ألف شهيد كي تصحو؟ وهل صحا فعلاً؟ لأننا لم نر أي رد فعلٍ ملموس.
أقول لك، وقد يطول الحديث، لكنني سأختصر: كفاكم تلاعباً بمشاعر المشاهدين، دعونا نموت وحدنا. ليس لديكم الحق في التعليق على صمودنا أو مقاومتنا، جميعكم سنختصمكم أمام الله.
وعلى الصعيد الشخصي، أرى أنك جعلت من مأساتنا مصدر رزق لك.
علاء مطر