ضم الضفة الغربية.. مخطط "خطير" وتداعيات "كارثية"

تثير نيات الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو لإعادة طرح مخطط ضم الضفة الغربية مخاوف عميقة على الصعيدين المحلي والدولي.

يأتي هذا التوجه مع استعداد إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لتولي السلطة، ما يعيد إلى الأذهان "صفقة القرن" التي روجت لها إدارة ترامب الأولى، والتي تضمنت قرارات مفصلية مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان.

وفقًا لهيئة البث الإسرائيلية، يجري رون ديرمر، وزير الشؤون الإستراتيجية والمستشار المقرب من نتنياهو، اجتماعات مكثفة في واشنطن مع فريق ترامب لتهيئة الدعم الأمريكي لإعادة إحياء ملف الضم.

هذه الخطوة تعكس طموحات إسرائيلية لاستغلال فرصة الدعم السياسي الذي قد توفره الإدارة الجديدة لتحقيق أهداف طالما روجت لها القوى اليمينية في إسرائيل.

التداعيات الداخلية

إسرائيليًّا، قد يؤدي الإقدام على ضم الضفة الغربية إلى تصعيد الانقسامات داخل إسرائيل، حسب ما ذكرته تقارير عبرية.

فبينما يدعم اليمين الإسرائيلي هذه الخطوة بعدِّها تحقيقًا لحلم "دولة إسرائيل"، تعارضها أحزاب اليسار والوسط، محذرة من تداعياتها الكارثية على استقرار إسرائيل وعلاقاتها الدولية.

تاريخيًّا، كانت هناك أصوات تحذر من أن ضم الضفة الغربية سيعني ضمًا فعليًّا لعدد كبير من الفلسطينيين، ما يثير أسئلة حول مستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية.

وسيؤدي ذلك إلى توتر داخلي، إذ ستجد إسرائيل نفسها أمام 3 خيارات صعبة: منح الفلسطينيين في المناطق المضمومة حقوقًا متساوية، ما قد يغير التوازن الديمغرافي، أو فرض نظام تمييز عنصري سيواجه انتقادات دولية لاذعة، والخيار الأخير الأكثر خطورة اعتماد خطة تهجير عدد كبير من الفلسطينيين إلى دول الجوار، لا سيما الأردن.

أثر الضم في العلاقات الدولية

الضم الإسرائيلي للضفة الغربية سيشكل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي، بما في ذلك قرارات الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف، من المتوقع أن يواجه المجتمع الدولي، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والدول العربية، هذه الخطوة بإدانة شديدة، وفق مراقبين.

على الرغم من أن إدارة ترامب قد تقدم دعمًا سياسيًّا لهذه الخطوة، فإن علاقات إسرائيل مع حلفائها الأوروبيين قد تتدهور بشكل كبير، بناء على تقارير رصدت عقوبات أوروبية بحق مستوطنين ومنتجات زراعية تنتجها المستوطنات غير الشرعية في الضفة.

وقالت التقارير، إن الدول الأوروبية، التي تؤيد حل الدولتين، قد تلجأ إلى فرض عقوبات أو اتخاذ خطوات دبلوماسية للضغط على إسرائيل للتراجع عن هذا القرار.

نهاية حل الدولتين

إقدام إسرائيل على ضم الضفة الغربية يعني فعليًّا نهاية أي أمل في تحقيق حل الدولتين، وهو الإطار الذي توافق عليه المجتمع الدولي بوصفه سبيلًا وحيدًا لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

ورأى مراقبون أن ذلك سيؤدي إلى تصعيد التوترات مع الفلسطينيين، الذين سيرون في هذه الخطوة تأكيدًا لعدم وجود شريك إسرائيلي للسلام، قد يتبع ذلك تصعيد ميداني في الضفة الغربية وقطاع غزة، بما في ذلك انتفاضات جديدة وموجات عنف واسعة.

علاوة على ذلك، قد تمتد التوترات إلى الدول المجاورة مثل الأردن، الذي يعدُّ الضفة الغربية جزءًا من أمنه القومي، الخطوة قد تدفع الأردن لإعادة تقييم علاقاته مع إسرائيل، على حين أن الدول العربية الأخرى التي وقعت اتفاقيات سلام مع إسرائيل مؤخرًا، مثل الإمارات والبحرين، قد تجد نفسها تحت ضغط شعبي وسياسي لإعادة النظر في تلك الاتفاقيات.

مكاسب قصيرة الأمد

رغم أن الضم قد يمنح نتنياهو مكاسب سياسية قصيرة الأمد على الصعيد الداخلي، فإن الخسائر الإستراتيجية طويلة الأمد قد تكون أكبر بكثير.

فبالإضافة إلى العزلة الدولية المحتملة، قد تجد إسرائيل نفسها في مواجهة تصعيد مستمر مع الفلسطينيين، ما يزيد تكاليف احتلالها الضفة ويضعف أمنها واستقرارها الداخليين.

كما أن مخطط ضم الضفة الغربية يمثل تحديًا كبيرًا ليس فقط للإسرائيليين والفلسطينيين، بل للمنطقة بأكملها.

وهذه الخطوة، إذا ما تم تنفيذها، قد تشعل موجة جديدة من الصراعات، وتدمر أي أمل في تحقيق سلام شامل وعادل.