يؤكد قياديون في الجالية العربية الأمريكية بميشيغان، في حديث خاص لـ"إرم نيوز"، أن الولاية تشهد صعود نجم سياسي جديد بين أبنائها، وهو مسعد بولس، والد صهر الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
ومنذ عام، أصبح بولس لاعبًا رئيسيًا في البوصلة الانتخابية للرئيس السابق، حيث نجح في بناء شبكة علاقات قوية مع أبناء الجالية العربية والمسلمة في أكبر معقل لها بالولايات المتحدة.
عندما يتحدث عرب ميشيغان عن الانتخابات الرئاسية، لا تكاد تخلو أي جلسة من ذكر ذلك الرجل الذي يوصف بالهادئ والمتواضع.
في تلك الأحاديث، يبرز التوجه الدائم نحو دعم المرشح الجمهوري آنذاك، دونالد ترامب، لاعتقادهم أنه الأقدر على فهم مشاكلهم ووضع حلول عاجلة لها. وهذا المطلب يعتبر أساسيًا لهؤلاء الناخبين، خاصة من مرشحي الحزبين.
بولس، الذي هاجر إلى الولايات المتحدة مع عائلته، درس في جامعة بوسطن قبل أن يلتحق بإدارة شركة عائلية تعمل في مجال الاستيراد والتصدير من وإلى إفريقيا.
ومع توسع عمله الخاص ليصل إلى أربعة مليارات دولار، دخل بولس عالم السياسة الأمريكية مبكرًا.
في فترة دراسته الجامعية بمدينة بوسطن، التي تُعد أحد أكبر معاقل اليسار الديمقراطي في الولايات المتحدة، كان دعم بولس للسياسات الجمهورية واضحًا، وهو ما يبرز توجهه السياسي المبكر نحو الحزب الجمهوري.
وشارك في حملات انتخابية سابقة لمرشحين جمهوريين للرئاسة والكونغرس. وفي عام 2009، أعلن عن طموحه السياسي الشخصي، حيث حاول العودة إلى وطنه لبنان والتقدم للانتخابات النيابية.
ورغم عدم نجاحه في تلك المحاولة، إلا أن بولس حافظ على علاقات قوية مع أبرز الشخصيات السياسية في لبنان، خاصة من خلال صداقة شخصية تجمعه بالمرشح الرئاسي اللبناني سليمان فرنجية، الذي يُعد أحد الوجوه المسيحية البارزة التي قد تصل إلى رئاسة لبنان، والمدعوم من قبل "حزب الله" في لبنان.
يتحدث بولس في ديربورن بثقة عالية عن قدرته على إيجاد حلول للأزمة اللبنانية الراهنة في وطنه الأم، ويُشير إلى التكليف الذي أُسند إليه في فريق الرئيس ترامب الانتقالي، حيث تولى مسؤولية ملف لبنان في الإدارة الجديدة.
تعود علاقة بولس بعائلة ترامب إلى العام 2019، عندما كان ابنه على علاقة بابنة الرئيس ترامب الصغيرة حينئذ، في البيت الأبيض. بدأ التواصل بين الرجلين خلال احتفال بعيد ميلاد ترامب، بينما كانت علاقة الابن تتوثق مع ابنة الرئيس؛ ما أثمر في نهاية الأمر عن الزواج.
من هناك، أصبحت العائلتان في انتظار حفيدهما الأول، كما أعلن ترامب شخصياً.
يعتقد العديد من أصدقاء بولس في مدينة ديربورن، من العرب الأمريكيين ذوي الأصول اللبنانية، أن بولس يملك القدرة على التفاوض والحوار مع مختلف الطوائف اللبنانية.
فهو يعد وسيطاً جيداً بين الرئيس ترامب وشيعة لبنان، خاصةً في ظل العلاقة القوية بين جناح سليمان فرنجية وشيعة لبنان.
كما أصبح بولس يشكل واجهة مهمة للمسيحيين اللبنانيين في الولايات المتحدة، ليس فقط بسبب نجاح عائلته المالي، ولكن أيضاً من خلال علاقته الشخصية القوية بعائلة ترامب، والتي تعززت عبر المصاهرة بين العائلتين.
يقول لبنانيون أمريكيون لـ"إرم نيوز" في مدينة ديربورن إن الرئيس ترامب يفضل الاعتماد على دائرة عائلته الضيقة في إدارة الملفات المعقدة، خاصةً تلك التي تتطلب تركيزاً كبيراً وعملًا مستمرًا على المدى الطويل. ويسترجع هؤلاء التجربة السابقة مع ترامب في اعتماده على صهره جاريد كوشنر لإدارة ملف الشرق الأوسط خلال إدارته السابقة.
لذلك، هم على ثقة كاملة أن هذا السيناريو سيتكرر مجددًا مع الصهر الجديد لترامب، خاصة بعد قرار الابنة إيفانكا الانسحاب من المشهد السياسي وعدم المشاركة في ولاية والدها الثانية في البيت الأبيض.
يقول هؤلاء أيضًا إن مسعد بولس يملك جميع الأدوات اللازمة التي تجعله رجل ترامب الجديد في الشرق الأوسط بشكل عام، وليس في لبنان فقط.
فإتقانه للغة العربية تحدثًا وكتابة سيكون عاملاً محوريًا في تسهيل التواصل المباشر مع الشركاء في المنطقة. زيادة على ذلك، فإن إدراكه العميق لقضايا المنطقة، وطبيعة تحالفاتها، وحجم مشكلاتها وتطلعات شعوبها، يجعله الوسيط المثالي بين ترامب ومنطقة الشرق الأوسط، كما أن الثقة الواضحة بين الرجلين خلال فترة الحملة الانتخابية تعزز من هذه الصورة.
ويقول المقربون من مسعد بولس إن الرجل قد عزز موقعه بشكل كبير في دائرة الرئيس الضيقة خلال انتخابات الثلاثاء الماضي، وذلك بفضل نجاحه الباهر في جذب الناخبين العرب والمسلمين الأمريكيين للتصويت لصالح ترامب. كما تمكن بولس من ترتيب لقاءات مباشرة بين قيادات عرب ومسلمين والرئيس المنتخب خلال حملته الانتخابية.
وأشاروا إلى أن بولس كان له دور أساسي في التفاوض على اللقاء الشهير بين ترامب وإمام الجامع الكبير في هامترامك، الذي شمل المطالب الخمسة، حيث كانت مفاوضاته التمهيدية أحد الأسباب الرئيسة للوصول إلى الاتفاق الذي أُعلن عنه في تجمع انتخابي ضخم في الولاية، قبل أيام من الانتخابات.
هذا الإعلان حقق مشاهدات قياسية على منصة "إكس"، حيث تمت متابعته من قبل 26 مليون أمريكي؛ وهو ما جعله الحدث الأكثر متابعة على شبكات التواصل الاجتماعي في فترة الحملة الانتخابية. وقد أظهر ترامب في هذا اللقاء كمرشح قادر على فهم مطالب الأقلية المسلمة؛ ما ساعد على تحسين صورته لدى الأقليات في المجتمع الأمريكي وساهم في سحب صفة "حزب دعم حقوق الأقليات" من الحزب الديمقراطي لصالح الحزب الجمهوري.
يرى العديد من العرب الأمريكيين في مدينة ديربورن، التي تُعتبر عاصمة العرب في الولايات المتحدة، أنه سيكون لهم للمرة الأولى في حياتهم وسيلة اتصال مباشرة وفعّالة في البيت الأبيض.
ويعزون ذلك إلى العلاقة القوية التي بنّاها الرئيس الجمهوري السابق مع أبناء الجالية العربية، من خلال زياراته المتكررة للمدينة ولقاءاته المباشرة في مقاهيها ومطاعمها. كما أعلن ترامب استعداده للعمل على تحقيق مطالب الجالية العربية بالكامل خلال فترة رئاسته الثانية؛ ما جعل العديد منهم يشعرون بأنهم أصبحوا جزءًا من أولويات السياسة الأمريكية.
وقال قيادي في الحزب الجمهوري من أصول لبنانية مسيحية في ولاية ميشيغان لـ"إرم نيوز"، طالبًا عدم ذكر اسمه، إن توجهات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجديدة تجاه الشرق الأوسط تختلف هذه المرة عن الإدارة السابقة.
وأوضح أن ترامب أصبح أقرب إلى فهم طبيعة وطموحات العرب بشكل عام، واللبنانيين على نحو خاص، خصوصًا فيما يتعلق بمسألة إعادة ترتيب المشهد السياسي الداخلي في لبنان، وتوزيع عناصر القوة في المجتمع.
وأضاف أن ترامب يسعى إلى دعم التوافق الطائفي بين اللبنانيين وتمكين الجيش اللبناني ليصبح قوة داعمة للوحدة الوطنية، فضلًا عن تعزيز سيادة الدولة على كامل التراب اللبناني. وأكد أنه يعمل أيضًا من أجل التوصل إلى تسوية دائمة في المنطقة تضمن عدم العودة إلى الوضع الذي كان قائمًا في لبنان قبل اندلاع الحرب الحالية.
بولس، الذي لا يخفي على مقربيه في ولاية ميشيغان أنه سيكون المسؤول الأول في الإدارة الجديدة عن ملف لبنان أولًا وبالتالي عن الشرق الأوسط، يعتقد أنه قادر على تقديم إضافة جديدة للإدارة في المنطقة.
يطمئن الرجل أقرانه من العرب الأمريكيين في الولاية بتقديم ضمانات تلغي مخاوفهم بشأن قضايا الهجرة ودخول العرب والمسلمين إلى الولايات المتحدة، خصوصًا بعد الحظر الذي فرضه الرئيس ترامب في ولايته الأولى. كما يتعهد بتسوية قضايا حساسة أخرى مثل التربية والتحول الجنسي للأطفال في المدارس الحكومية.
يُعرف بولس بأنه يفضل إنجاز أعماله في هدوء بعيدًا عن الأضواء، وهو شخص طويل النفس كما يصفه أصدقاؤه. وخلال فترة عمله مع حملة ترامب في ولاية ميشيغان، نجح في ترتيب مئة لقاء مع قيادات عربية ومسلمة؛ ما ساعد على حل العديد من العقبات التي كانت تقف في طريق إعلان دعم مسلمي الولاية للمرشح الجمهوري.
ولا يزال بولس مصممًا على إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع الجانبين، ويعمل على تعيين مزيد من العرب والمسلمين الأمريكيين من ولاية ميشيغان في فريق ترامب خلال ولايته الثانية.
يقول مقربون من بولس إن الإنجاز الذي تحقق للعرب والمسلمين الأمريكيين خلال الحملة الانتخابية يجب ألا يُقلل من قيمته، بل يعتبر خطوة أولى نحو قلب الطاولة على التاريخ التقليدي الذي شهد دعم العرب الأمريكيين للحزب الديمقراطي وسياساته الداخلية.
ووفقًا لهم، فإن انتخاب ترامب هذه المرة سيشكل نقطة تحول كبيرة في تاريخ العرب الأمريكيين؛ إذ سيتجهون إلى الانضمام إلى القواعد المؤيدة للحزب الجمهوري. وكل هذا سيُحسب لرجل ترامب الجديد في الشرق الأوسط، مسعد بولس، الذي أدى دورًا محوريًا في هذا التحول السياسي.