بدت آثار المقاطعة لشركات تحمل علامات تجارية أجنبية، وخاصة الأميركية منها وتعمل في الأردن، أكثر حدة، إذ ترتب عليها خسائر مالية كبيرة، ما اضطرها لإغلاق أبوابها، أو تخفيض طاقاتها الانتاجية، فيما رأت أخرى تغيير اسمها، في محاولة لاستعادة نشاطاتها التجارية والخدماتية في السوق الأردني.
ويرى مراقبون أن حملات المقاطعة في الأردن للسلع المنتجة في البلدان الداعمة للاحتلال الاسرائيلي، وأيدت عدوانه على قطاع غزة، وكذلك العلامات التجارية المملوكة لشركاتها حققت نجاحاً واضحاً، من خلال تراجع الإقبال عليها بدرجة كبيرة، ما أدى لتوقف بعضها عن العمل، أو إعادة برمجة عمليات الإنتاج، لتقليل ما أمكن من الخسائر.
وفي المقابل، يرى مراقبون أن المقاطعة لها انعكاسات سلبية، وخاصة من ناحية فقدان الآلاف من فرص العمل في الوقت الذي يعاني فيه الأردن من ارتفاع نسبة البطالة التي لا تزال فوق 21% رغم الجهود الحكومية المتواصلة لتخفيضها، إضافة إلى خسارة استثمارات مهمة بالأصل يملكها أردنيون وشركاء عرب وأجانب.
إلى ذلك، قال عضو غرفة تجارة عمان علاء ديرانية لـ"العربي الجديد" إن المقاطعة لها انعكاسات واضحة على العديد من القطاعات التجارية، وهذا ما نشهده على أرض الواقع من تراجع الطلب، انعكاساً للعدوان على قطاع غزة الذي ألقى بظلاله على جميع القطاعات في الأردن.
وأضاف أن المحلات التجارية والمنشآت التي شملتها المقاطعة شهدت انتكاسة في أعمالها وبعضها توقف عن العمل أو خفض عمليات الإنتاج، ما ترتب عليه تسريح أعداد كبيرة من العمال والموظفين، ولذلك آثار اجتماعية واقتصادية على المدى القريب.
وقال ديرانية إن بعض المنشآت في محاولة منها للخروج من بوتقة حملات المقاطعة وآثارها قامت بتغيير اسمها التجاري، والتخلي عن اسم العلامة التجارية الذي تعمل تحته، ومن ذلك سلسلة متاجر كارفور "العلامة التجارية الفرنسية"، وعدد الفروع التي تحمل اسمها في الأردن 51 فرعاً وهي مملوكة لمستثمر عربي. وأشار إلى أن الاسم الذي ستصبح عليه متاجر كارفور في الأردن، حسبما يجري تداوله هو "هايبر ماكس".
تداعيات المقاطعة في الأردن
وهنالك تقديرات بتراجع الطلب بنسبة كبيرة على هذه المتاجر، بسبب المقاطعة لا تقل عن 75%، وذلك في أعقاب العدوان على قطاع غزة، وما نتج عنه من حملات مقاطعة واسعة في مختلف البلدان، ومن بينها الأردن.
كما يجري تداول معلومات بتوجه صاحب سلسلة كارفور في الأردن، وهو مستثمر عربي، ببيع 11 فرعاً لمستثمر عربي آخر لتحمل اسماً جديداً مختلفاً عن الاسم الجديد لباقي الفروع البديلة لكارفور.
وأعلن مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية في استطلاع أجراه أخيراً أن 93% من الأردنيين التزموا بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية والأميركية، وتلك التي تنتجها دول داعمة للاحتلال على غزة، وأن نحو 95% من المقاطعين توجهوا نحو منتجات بديلة محليّة الصنع، في حين رأى نحو 72% من الأردنيين أن تلك الحملات لا تؤثر بالاقتصاد الوطني.
وشملت حملات المقاطعة محطات محروقات وسلع غذائية وكمالية ومولات كبرى ومطاعم وألبسة تحمل علامات تجارية لشركات عالمية لا سيما الأميركية منها.
وخفضت بعض الشركات المشمولة بالمقاطعة أسعار منتجاتها، وأعلنت عن عروض وحوافز لاجتذاب الزبائن، لكن الإقبال عليها بقي في حدود متدنية، ولا يغطي الكلف التشغيلية لها، وباتت تبحث عن حلول للهروب من المقاطعة.
ورأى القطاع الصناعي الأردني في حملات المقاطعة فرصة لزيادة إقبال الأردنيين على السلع المنتجة محلياً، وزيادة حصتها السوقية، ما ساهم في ارتفاع الطلب عليها بشكل واضح في الفترة الأخيرة.