نيويورك تايمز: كيف اكتشف 3 طلاب فلسطينيين من مدرسة “الفريندز” أن أمريكا مثل الضفة ليست آمنة؟

406037229_738460801649045_4108954358183866057_n-730x438-1-730x438-1-730x438.jpeg

رام الله الإخباري

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا لكل من آنا بيتس وجينا راسل، حول الفلسطينيين الثلاثة الذين أُطلقت النار عليهم في بيرلينغتون بولاية فيرمونت الأمريكية.

وجاء في التقرير نقلا عن أحد الضحايا المصابين قوله إن عالمه قد تحطم عندما اكتشف أن أمريكا بلد ليس آمنا تماما مثل بلده فلسطين الذي يبعد 5000 ميل. ففي “الضفة الغربية لا نشعر بالأمن”، و”كفلسطيني- أمريكي، لست آمنا في أمريكا بسبب خروج أشخاص” كالذي أطلق النار عليهم.

وتقول الصحيفة: “بطريقة ما، فقد كان الشبان الثلاثة تحسين علي أحمد، وكينان عبد الحميد وهشام عورتاني، الذين أُطلقت النار عليهم وهم يتمشون على الرصيف يوم السبت في بيرليغتون بولاية فيرمونت، مثل أصدقاء قدامى التقوا في عطلة مريحة في يوم عيد الشكر”. و”ما جعلهم مختلفين وهدفا أنهم فلسطينيون أمريكيون يتنقلون بين الحياة الجامعية الهادئة في أمريكا، وعدم الاستقرار الخطير في وطنهم الذي يواجه النزاع ويبعد 5000 ميل”.

وفي لحظة يقول أحد الطلاب المصابين: “تحطم العالمان وأصبحا واحدا، حيث تهشم حسّه بأن أمريكا بلد آمن”. وفي أول مقابلة تجرى يوم الأربعاء، منذ حادث إطلاق النار وبعد يوم على خروجه من المستشفى، قال عبد الحميد إن الهجوم سيترك عليه أثرا طويل الأمد، ليس فقط بالنسبة له ولصديقيه، ولكن للفلسطينيين أيضا. وقال: “في الضفة الغربية لا نشعر بالأمن بسبب الاحتلال، وكفلسطيني- أمريكي، لست آمنا في أمريكا لأن أشخاصا كهذا قد يخرجون” و”هو أمر من الصعب التعامل معه”.

والمشتبه به هو جيسون جي إيتون (48 عاما) أنكر الجريمة بارتكاب محاولة قتل من الدرجة الثانية، ولم يتوصل المحققون إلى نتيجة أن المحاولة هي جريمة كراهية. لكن عبد الحميد يعتقد أنه وصديقيه تعرضا للهجوم، لأنهم كانوا يتحدثون مزيجا من اللغة العربية والإنكليزية “أرابيش” ويرتدون الكوفية الفلسطينية.

ويتطلع عبد الحميد لأن يصبح طبيبا وهو في المرحلة الأولى بكلية هيفرفورد ببنسلفانيا، وتساءل إن كانت عملية إطلاق النار ستجعل العائلات مترددة في إرسال أبنائها إلى الولايات المتحدة، وهو إنجاز جعل عائلته فخورة به. وقال: “لدينا هذه الصورة عن هذا المكان أنه أكثر أمنا من الضفة الغربية “، ومن “المحزن أنني أشعر بأن تلك الصورة تهشمت”.

عورتاني، الذي يدرس في جامعة براون وتميز بالرياضيات، وطوّر اهتماما بالتكنولوجيا في الآونة الأخيرة، يعاني من إصابة بالعمود الفقري قد تقود إلى شلل دائم، بحسب قول عائلته. أما علي أحمد، فهو في السنة الثانية بالجامعة، ووُصف بأنه كاتب موهوب، ومصمم على الإنترنت ومحاوِر، وتلقى رصاصة في الصدر، وكلاهما لا يزالان في المستشفى.

ويقع منزل خال عورتاني وجدّته في بيرلينغتون، وهي مدينة فيها 45000 نسمة على شواطئ بحيرة تشامبلين. وهي ملجأ محبب. وقضى الأصدقاء وقتا يعلبون الألعاب والتنس مع أبناء خال عورتاني الخمسة، ولم ينسوا وظائفهم الدراسية، وتمشوا في المنطقة وهم يتذكرون أيام الدراسة.

وقال ريتش برايس، خال عورتاني الذي استقبل الشباب أثناء العطلة: “أعتقد أنهم كانوا فرحين للقاء والحصول على الراحة بعد أسابيع محفوفة بالمخاطر”. وهم “شبان عاديون في سن العشرينات ولكنهم أيضا شبان استثنائيون”، مشيرا إلى جلدهم وقوتهم ومرحهم، وقال: “أعتقد أنك كفلسطيني بحاجة لهذه المزايا في هذا العالم، وتدربوا للحظات الصعبة والمتاعب وأظهروا هذا”.

وحمل الشبان الثلاثة معهم الدروس التي تعلموها في الضفة الغربية حيث نشأوا والتقوا إلى أمريكا. ودرسوا في مدرسة  الكويكر “فريندز” برام الله التي تتجذر قيمها بالعدالة الاجتماعية واللاعنف، وتحدث اثنان منهم في حرم الجامعة عن معاناة الفلسطييين بعد هجمات حماس على إسرائيل والتي قادت لهجوم على غزة.

ومن سرير العلاج، كتب عورتاني الذي يصارع فكرة الشلل الدائم، رسالة قُرئت في وقفة احتجاجية بجامعة براون ليلة الإثنين، وطلب من زملائه تذكر أن الهجوم عليه لم يحدث من “فراغ” وأنه جزء من “قصة أكبر”، وقال: “أتفهم أن الألم عظيم وحقيقي ومباشر لأن الكثيرين منكم يعرفونني”،  “لكن أي هجوم مثل هذا مرعب، سواء كان هنا أم في فلسطين. وعندما ترسلون أمنياتكم أو تضيئون الشموع، يجب أن لا يتركز تفكيركم علي كفرد، ولكن على العدد الأكبر من الناس الفخورين الذين تعرضوا للاضطهاد”.

وطالب أصدقاء عورتاني مسؤولي جامعة براون بالتحدث نيابة عن الفلسطينيين بنفس الطريقة التي شجبوا فيها هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر. وقال زميل عورتاني وصديقه في جامعة براون، عبود أشهب، في مقابلة إنه وزميله وعدد آخر من الطلاب التقوا إدارة الجامعة وطرحوا مخاوفهم بشأن سلامة الطلاب العرب، وكان الرد مخيبا.

وفي كلية هيفرفورد في فيلادلفيا، تحدث عبد الحميد وقاد مناسبات لنشر الوعي عن المعاناة الفلسطينية. وقال جون ماكنايت، عميد الكلية في وقفة احتجاجية دعما لعبد الحميد، إن الأخير شاب ملتزم بقضية تعليم الناس الذين يعتقد أنهم “لا يعرفون أو مضللون عن وطنه”. ومع أنه يحمل الجنسية المزدوجة، إلا أنه كما قال ماكنايت “فلسطيني بالعمق”.

والتقى الشبان الثلاثة في مدرسة الفريندز برام الله، وظلوا على صداقة منذ السنة الأولى وطوال الدراسة الثانوية حتى تخرجوا عام  2021. والمدرسة مفتوحة الآن وسط إغلاق المدارس بالضفة الغربية، وتضم مسلمين ومسيحيين وأمريكيين وعائلات مختلطة.

ويقول عمر تيسدل، رئيس مجلس أمناء المدرسة إنها “مكان يعلمهم كيفية العيش وأن يعبّروا عن أفضل ما لديهم تحت الضغط وحالة عدم اليقين”. وعادة ما يذهب المتخرجون من المدرسة إلى جامعات في الخارج، بنسبة 40%.

وفي أعقاب حادث فيرمونت، عبّرت بعض العائلات عن مخاوفها مما قد يحدث لأبنائها في الولايات المتحدة، كما قالت مديرة المدرسة رانيا معايعة. وقال حمزة الشمري من العراق، الطالب في كلية ترينتي، وصديق علي الأحمد، إن صديقه كان يرتدي الكوفية داخل الجامعة وخارجها.

وتذكر عبد الحميد اللحظة السوريالية التي غيرت حياتهم، وقال إنه سمع صوت الطلقة وصوت ارتطام صديقيه بالأرض بعد خروج رجل من الشرفة التي كانوا يمرون من أمامها وتقدم منهم وأشهر بندقيته. وأصيب عبد الحميد في ظهره وهرب وقفز من على سياج واختبأ في حديقة خلفية لبيت غريب. وقال: “اعتقدت أن صديقي ماتا لأنه أطلق النار عليها من مسافة 10 أقدام”. وقرر المشي بعد دقيقة حيث خاف من ملاحقة القاتل له، ومر من بيت آخر لا تزال أضواؤه مشتعلة ودق على الزجاج وطلب من أصحابه الاتصال بـ911.

وكان يعرف من تدريبه الطبي أنه ينزف وبدأ يشعر بالدوار، وطلب من أصحاب البيت كيس ثلج، وفي الطريق إلى المستشفى علم أن صديقيه لا يزالان على قيد الحياة.

ومنذ الهجوم، بدأ يكافح الخوف، ويقول إنه سيواصل ارتداء الكوفية “كواجب”، وإن عدم ارتدائها يعني “التخلي عن ثقافتك”.

 

القدس العربي