رحلة المساعدات إلى غزة.. 100 كيلومتر تقطعها الشاحنات المصرية “ذهابا وإيابا” للتفتيش عند إسرائيل

9-27-730x438.jpg

اتهمت وزارة الخارجية المصرية، الاحتلالَ الإسرائيلي بوضع عراقيل أمام وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

وقالت الخارجية المصرية على لسان المتحدث باسمها السفير أحمد أبوزيد، إن وصول المساعدات يواجه مشكلات لوجستية رئيسية فرضها الجانب الإسرائيلي، وإن الاحتلال يشترط ضرورة تفتيش الحافلات في معبر “نتسانا” الإسرائيلي المقابل لمعبر العوجة المصري، ثم تتوجه الحافلات بعد ذلك إلى منفذ رفح في رحلة تستغرق مسافة 100 كم قبل دخولها إلى القطاع عبر معبر رفح، الأمر الذي يخلق أعباء بيروقراطية ومعوقات تؤخر وصول تلك المساعدات بشكل كبير.

وكشفت الخارجية المصرية أنه قد لوحظ وجود تشدد كبير من الجانب الإسرائيلي في إجراءات التفتيش، بل ورفض دخول العديد من المساعدات لاعتبارات سياسية وإدعاءات أمنية مختلفة، فضلا عن البطء في إجراءات التفتيش والتصعيد العسكري المتكرر على الجانب الفلسطيني من المعبر.

وأكدت الخارجية على أهمية أن يدرك الجميع من هو الطرف المتسبب في تأخر دخول المساعدات إلى قطاع غزة، مطالبا الجانب الإسرائيلي بالتوقف عن تلك الإجراءات المعيقة، حتى يتسنى إدخال المساعدات بالسرعة المطلوبة لاستيفاء الاحتياجات الإنسانية الملحة لسكان القطاع.

وشددت الخارجية في بيانها على أن مصر لم ولن تدخر جهدا من أجل ضمان سرعة نفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة.

وعلى الرغم من أن المسافة الفاصلة بين البوابتين المصرية والفلسطينية في معبر رفح  حوالي 430 مترا، إلا أن شاحنات الإغاثة تضطر إلى خوض رحلة، تبلغ حوالي 100 كيلومتر في الذهاب إلى معبر العوجة والعودة منه إلى رفح مرة أخرى، للخضوع للتفتيش من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى تعمد الاحتلال تأخير تفتيش الشاحانات، حتى أن بعضها استغرق أكثر من 50 ساعة أمام معبر “نتسانا”.

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة “أوتشا”، قال إنه بموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين جميع أصحاب المصلحة، فإن الآلية المتبعة حاليا فى دخول المساعدات، هي دخول الشاحنات إلى معبر نيتسانا الإسرائيلي من أجل فحصها وتفتيشها ثم العودة إلى معبر رفح المصري ثم تسليمها إلى الأونروا والهلال الأحمر الفلسطيني في غزة.

وكانت “اتفاقية المعابر” التي وقّعتها السلطة الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي، في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005،  قبل سيطرة حماس على قطاع غزة، تنص على وجود بعثة مراقبين أوروبيين، وكاميرات مراقبة إسرائيلية في معبر رفح.

منذ منتصف عام 2006، في أعقاب أسر حركة حماس، للجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، منعت إسرائيل المراقبين الأوروبيين من دخول غزة، ومنذ ذلك الوقت يعمل المعبر المفتوح جزئيا دون الاعتماد على أي اتفاقية، حيث تفتحه السلطات المصرية على فترات للحالات الإنسانية.

في تقرير بعنوان “أزمة معابر غزة وصراع الإرادات.. من نجح في فرض أجندته؟”، نقلت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، عن مصادر قولها، إن الاحتلال الاسرائيلي رفض اقتراحا مصريا بوجود مراقبين أمريكيين أو تابعين للأمم المتحدة للإشراف على عملية إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح البري. كما رفضت إسرائيل أيضا وجود كاميرات مراقبة إسرائيلية داخل المعبر لمتابعة حركة دخول المساعدات، وأصرت على ذهاب الشاحنات إلى معبر نيتسانا للتحقق من حمولتها قبل دخولها إلى القطاع.

من خلال المصادر التي تحدثت إليها مؤسسة سيناء، يبدو أن الجانب الإسرائيلي لديه رغبة في إظهار نفسه كطرف متحكم في دخول المساعدات الإنسانية الملحّة التي يحتاجها قطاع غزة المحاصر والذي يعيش ظروف إنسانية قاسية، من أجل استخدام المعابر كورقة في أي مفاوضات سياسية لوقف إطلاق النار أو مفاوضات الأسرى من الجانبين، كما تريد اسرائيل من إحكام الحصار على المدنيين في غزة، أن تضعف من الجبهة الداخلية في القطاع من أجل الضغط على حماس للقبول بالشروط الإسرائيلية.

وتحدثت المؤسسة مع أحد التجار المصريين الذي يعمل في مجال الاستيراد والتصدير عبر معبر “العوجة/ نيتسانا” من أجل الوقوف على طبيعة الإجراءات الأمنية داخل المعبر والمدة الزمنية التي يستغرقها. وأفاد المصدر أن المعبر في الظروف العادية لا تستغرق فيه إجراءات التفتيش والجمارك أكثر من 5 ساعات. فيما تحدث أحد السائقين الذي قاد شاحنة خلال الأيام الماضية عبر معبر نيتسانا أن “الجنود الإسرائيليين يتعمدون إطالة وقت الانتظار في المعبر”.

ونشر حساب إليؤور ليفي، محرر الشئون الفلسطينية في قناة “كان” الإسرائيلية تغريدة عبر موقع “إكس”، مرفق بها صورة تظهر عمليات تفتيش يدوي يقوم بها جنود الاحتلال في معبر نيتسانا لصناديق تحتوي على مساعدات إغاثية قبل دخولها إلى قطاع غزة، فيما أكد رجل الأعمال المصري أن عمليات التفتيش داخل معبر نيتسانا تتم عبر أجهزة تفتيش إلكترونية.

وبلغ عدد الشاحنات التي دخلت القطاع بالفعل حتى الآن 84 شاحة، بحسب المدير التنفيذي للهلال الأحمر المصري، الدكتور رامي الناظر، وبيّن أنه عدد قليل بالنسبة إلى احتياجات القطاع.

وقال الناظر خلال مؤتمر صحافي مع المدير الإقليمي للاتحاد الدولي للهلال والصليب الأحمر الدكتور حسام الشرقاوي، أن هناك أكثر من ألف شاحنة جاهزة لإدخالها إلى القطاع، مطالبا بفتح ممرات إنسانية لأيام وليس لساعات.

ولفت إلى أن الهلال الأحمر المصري يتواصل مع نظيره الفلسطيني لتحديد الاحتياجات التي يحتاجون إليها على مدار الساعة لإيصالها، مؤكدا أن من يتسلم المساعدات في الجانب الآخر هو الهلال الأحمر الفلسطيني والأونروا، مؤكدا على استعداد الهلال الأحمر لإدخال فرق طبية إلى قطاع غزة.

واستقبل مطار العريش، منذ تقرر فتحه أمام حركة طائرات نقل المساعدات الدولية، 53 طائرة نقلت أكثر من 1100 طن من المساعدات.

وتوضح بيانات حركة استقبال الطائرات، أن المساعدات التى وصلت لمطار العريش قادمة من: منظمة الصحة العالمية، ومنظمة اليونيسيف،  ومنظمة برنامج الغذاء العالمي، والهيئة الخيرية الأردنية، والهلال الأحمر العراقي، والصليب الأحمر الدولي، والمملكة الأردنية الهاشمية، وتركيا، والإمارات العربية المتحدة، وتونس، وقطر، وفنزويلا، والبرازيل، وروسيا، وباكستان، والهند، والجزائر، والكويت، والبحرين، والمغرب، وبريطانيا، وكولومبيا، وبلجيكا.

رئيس فرع الهلال الأحمر المصري في شمال سيناء، بيّن أنه فور هبوط الطائرات في مطار العريش، يتم استلام  المساعدات الطبية والغذائية ومواد الإغاثة العاجلة، ونقلها إلى مخازن الهلال الأحمر بمدينة العريش، بينما تنقل الأدوية للمخزن الإقليمي التابع لوزارة الصحة بالعريش، ويتم تباعا نقل المساعدات بعد تجهيزها على شاحنات تتجه بها لمعبر رفح ومنها يتم تسليمها للهلال الأحمر الفلسطيني بالتتابع.

ولفت إلى أن أكثر من 500 متطوع من شباب محافظة شمال سيناء يقومون تحت مظلة الهلال الأحمر بدور بطولي في نقل وتجهيز المساعدات لتصل تباعا لقطاع غزة.