من الكواليس إلى الأضواء.. كيف احترق زعيم فاغنر في أتون الحرب الأوكرانية؟

عمل زعيم مجموعة القتال الروسية الخاصة، يفغيني بريغوجين، الذي لقي حتفه، مساء يوم الأربعاء، في تحطم طائرة شمالي موسكو، على تعزيز نفوذ موسكو بعدد من مناطق العالم طيلة سنوات، لكن دخوله غمار الحرب الدائرة بأوكرانيا كان بمثابة محطة مفصلية.

وكان بريغوجين البالغ 63 عاما، من بين ركاب طائرة تحطمت بعد إقلاعها في رحلة داخلية من العاصمة موسكو إلى مدينة سان بطرسبرغ، في حادث أسفر عن مصرع كافة الركاب، من بينهم أفراد الطاقم.

وظل بريغوجين يوصف بيد الروس الطولى في عدد من مناطق العالم، حيث تحدثت تقارير عن أنشطة المجموعة بعدة مناطق، وأحدثها منطقة الساحل الإفريقي، حيث تراجع نفوذ قوى تقليدية مثل فرنسا.

وبحسب تقديرات صادرة عن مجلس العلاقات الخارجية؛ وهو هيئة بحثية أمريكية، فإن مجموعة "فاغنر" عملت في نحو خمس دول بالقارة السمراء مثل إفريقيا الوسطى ومالي.

أما البداية اللافتة والقوية للمجموعة القتالية، فكانت بعد قيام روسيا بضم شبه جزيرة القرم في سنة 2014، ثم توالت المهام، وسط حديث عن وجود الآلاف من مقاتلي فاغنر في إفريقيا.

لكن بريغوجين الذي ظل يعمل في الخفاء، نظرا إلى طبيعة المجموعة القتالية، ونوع المهام التي تنفذها، انتقل إلى مرحلة جديدة "علنية" خلال حرب أوكرانيا.

ولم يكن بريغوجين حاضرا في مجريات الحرب مباشرة بعد بدئها في فبراير 2022، بل تنامى دوره في وقت لاحق، بعدما جرى الحديث عن "تعثر روسي" في تحقيق الأهداف، وعدم القدرة على حسم معارك ضارية في الشرق الأوكراني.

تدخل بريغوجين، وقتئذ، واستطاع أن يجعل الكفة تميل لصالح روسيا، ويُنسب له عدد من الروس الفضل في السيطرة على مدينة باخموت التي شهدت أكثر المعارك ضراوةً.

لكن النصر الكبير في معركة باخموت، لم يكن نهاية المتاعب، لأن زعيم فاغنر، صار يطل على نحو غير مألوف عبر منصة "تلغرام"، دون أن يجد حرجا في توجيه نقد علني للقيادة العسكرية في روسيا، بما في ذلك وزير الدفاع سيرغي شويغو.

اشتكى بريغوجين من قلة الإمدادات، وألمح إلى وجود تعمد من الجيش لأجل عرقلة ما تقوم به قواته في أوكرانيا، وذهب إلى حد الحديث عن قصف عناصره، فطفت مشاكل روسيا في أوكرانيا إلى السطح.

وجرى النظر إلى فيديوهات بريغوجين بمثابة "صوت نشاز"، لكن جرى تقبل ما صدر عنه لفترة، بحسب متابعين، نظرا لدوره في خدمة النفوذ الروسي، حتى وإن ظل صوته يعلو يوما بعد الآخر.

وفُهم الأمر أيضا على أنه تنافس بين مسؤولين عسكريين على من ينسب الفضل لنفسه في الحرب، لأن شرخا من هذا القبيل قد يقع وسط مختلف الجيوش.

أما المنعطف الحاسم، فهو التمرد القصير الذي قام به بريغوجين، أواخر يونيو الماضي، حين انطلقت قواته صوب العاصمة موسكو، بسبب وصول قائد المجموعة إلى نقطة النهاية مع قيادة الجيش التي اتهمها باستهداف مقاتليه.

ورغم طي الأزمة سريعا، بوساطة من الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، إلا أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، كان قد وصف تحرك "فاغنر" بالخيانة.

انتهت الوساطة، بثلاث خيارات أمام مقاتلي "فاغنر"؛ فإما الانضمام إلى الجيش الروسي ليصبحوا جنودا نظاميين، أو المغادرة إلى بيلاروسيا، وحتى العودة لعائلاتهم.

وبعد نحو شهرين ونصف الشهر من الأزمة، لقي طباخ الرئيس السابق، بريغوجين، حتفه في تحطم طائرة، وقد كان خروجه إلى العلن والأضواء بداية للمتاعب.