مسؤول مصري: القاهرة لن توافق على تمرير البترول الجزائري إلى غزة

رام الله الإخباري

قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير عبد الله الأشعل، إن مصر، وهي المنفذ الوحيد إلى غزة، "لن توافق أبداً على تمرير البترول الجزائري إلى فلسطين من خلالها، فمصر لن تضحي مطلقاً بإسرائيل من أجل غزة أو من أجل إرضاء الجزائر".

وأضاف في حديث لصحيفة اللعربي الجديد أنه "قد يحدث بعض التوتر بين البلدين بسبب هذا الأمر لكن لن يكون هناك خلاف، لأن الجزائر تدرك جيداً طبيعة الموقف والدور المصري في الملف الفلسطيني".

ولفت الأشعل إلى أن الجزائر لا تقصد كشف أو إحراج مصر بمطلبها، "إنما القصد هو تقديم الدعم إلى قطاع غزة ومحاربة فكرة الحصار الذي تفرضه إسرائيل". وأشار إلى أن "مصر لا تغضب ولا تنزعج ولا تمانع من دخول دول أخرى لتقديم المساعدات والتبرعات إلى فلسطين، لكنها لا تقدم التبرعات والمساعدات بنفسها خوفاً من إغضاب الجانب الإسرائيلي".

وأضاف أن الدور المصري يختلف كلياً عن مسار الجزائر، "فالدور المصري يتمثل في التوفيق والوساطة بين الجانب الفلسطيني وذاك الإسرائيلي، إنما المسار الجزائري هو الانحياز لفلسطين ضد إسرائيل".

من جهته، قال دبلوماسي مصري معني بالملفات العربية،  إن القاهرة "غير مرتاحة لشكل تعاطي الجزائر مع هذا الملف"، معتبراً أنه "يتجاوز اعتبارات استقرت تاريخياً، ومرتبطة بدور مصر في هذا الملف".

وأشار إلى أن هناك "استعدادات تقوم بها مصر في الوقت الراهن، لتزويد قطاع غزة بالكهرباء اللازمة له عبر محطة ضخمة في مدينة العريش (شمال شرقي سيناء) خصصت لهذا الغرض".


في هذه الأثناء، قال مصدر مصري مطلع على جهود الوساطة التي يتولى الإشراف عليها جهاز المخابرات العامة، إن المسؤولين بالجهاز "بدأوا في تجهيز تصوّر جامع قابل للتنفيذ على أرض الواقع، لتوحيد الداخل الفلسطيني" بعدما "تلقوا تعليمات من مؤسسة الرئاسة، وبموافقة وترحيب الرئيس المصري، بالدعوة التي تلقاها من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، لعقد اجتماع موسع لمسؤولي الفصائل الفلسطينية في القاهرة، لبحث تطورات الأوضاع في الأراضي المحتلة، والتوصل لرؤية موحدة ومشتركة في التعامل مع ما يجري في الضفة الغربية، من جانب حكومة الاحتلال".

وتخشى دوائر سياسية عربية، من توتّر يلوح في الأفق مجدداً بين مصر والجزائر، هذه المرة عبر بوابة قطاع غزة. وبعد نحو أسبوع على انتشار أخبار عن طلب الجزائر من القاهرة السماح لها بإمداد قطاع غزة بمساعدات نفطية عن طريق مصر، تحدثت مصادر دبلوماسية عربية في القاهرة، عما وصفته بـ"استياء جزائري تجاه مصر".

ولفتت إلى أن القاهرة تجاهلت "الردّ على مطلب الجزائر بشأن السماح لها بتوجيه دعم بترولي مباشر، عبر نقاط تخصصها لها القاهرة في الأراضي المصرية على الحدود مع قطاع غزة".

وبحسب مصدر دبلوماسي في الجامعة العربية، فإن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون "طلب من نظيره المصري عبد الفتاح السيسي أخيراً، منح الفرصة للجزائر لتقديم الدعم لقطاع غزة، عبر إمداده بكافة احتياجاته من الوقود، بحيث تتحمل الجزائر الكلفة الخاصة بتلك المساعدات". وأشار الدبلوماسي إلى أن السيسي "لم يقدم أي ردود واضحة لنظيره الجزائري بشأن هذا المطلب، مُرجئاً الردّ لحين التباحث مع الأجهزة المعنية بهذا الملف في الجانب المصري".

وفي السياق، قال الباحث المتخصص في العلاقات الدولية والشؤون الأمنية شادي إبراهيم، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن ما يزعج مصر ليس تدخّل الجزائر في الملف الفلسطيني فحسب "إنما أي تدخل من أي دولة أخرى، فالملف الفلسطيني هو ملف حيوي ورئيسي للسياسة الخارجية المصرية". وأضاف أنه يمكن لمصر عن طريق هذا الملف أن تنال مكاسب من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، لافتاً إلى أنه "كان هناك تدخلات للسعودية من قبل ورفضتها مصر، وأعتقد أن مصر لن تسمح بأي تدخل في الملف الفلسطيني إلا من خلالها".

واعتبر إبراهيم أنه "من المحتمل أن تسمح مصر بدخول البترول الجزائري إلى الأراضي الفلسطينية عبر البوابات المصرية، في مقابل الحصول على بعض المنافع سواء المادية أو المكاسب السياسية والمعنوية".

وأشار إلى أنه "كانت هناك زيارة قريبة لإسماعيل هنية (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس) ووفد من حركتي فتح وحماس إلى الجزائر، وحاول الجانب الجزائري أخذ مسارات في الصلح بين الفصيلين، وهو الملف الذي تتبناه مصر بامتياز".


وبالتالي لفت إبراهيم إلى أن "التحركات الأخيرة للجزائر لا تؤكد أنها تأخذ خطوات أكبر أو تحركات قوية تجاه التدخل في الملف الفلسطيني، على قدر ما تؤكد على تعقّد وضع الموقف المصري على المستوى السياسي في ظل أزمة اقتصادية تضعف من موقفها". وأضاف أنه "لم يبق لمصر الوزن السياسي الحقيقي الذي يفرض على الدول الأخرى أن تضعه في الاعتبار".

العربي الجديد