إساءات لمسجد قيد الإنشاء في كوريا الجنوبية برؤوس الخنازير

رأس خنزير مقطوع فوق كرسي صغير في نهاية زقاق سكني، وعلى بعد خطوات قليلة رأس آخر فوق دلو تحت لافتة كتب عليها: "نعارض بشدة بناء مسجد هنا". هكذا عارض سكان أحد أحياء مدينة "دايغو" الكورية الجنوبية، تشييد مسجد في المنطقة. 

وفي التفاصيل، اشترى طلاب مسلمون عقارا في المنطقة وشرعوا في بناء مسجد، إلا أن بعض المعادين للإسلام بعدما عجزوا عن منع إتمام المشروع بالطرق القانونية، لجؤوا لإجراءات "متطرفة" لتدنيسه.

وقال الطالب الباكستاني المسلم في جامعة "كيونغ بوك الوطنية" معاذ رزق، 26 عاما، إنه وجد رأس خنزير يوم الثلاثاء الماضي أمام المكان الذي من المقرر بناء جامع فيه، بينما شاهد قبلها رأسا آخر بداية نوفمبر في الممر ذاته.

وقال مرزوق: "نعرف تماما من وضع هذه الرؤوس.. ونعرف سبب وضعها أيضا".

وتابع الطالب الذي يدرس علوم الكمبيوتر: "يطهو الجيران الكوريون هنا لحم الخنزير لإزعاج الطلاب المسلمين، وبعضهم يشغل موسيقى صاخبة وقت الصلاة، ويوقفونها بمجرد أن ننتهي".

وقال الطالب: "من المعروف أن الخنزير حيوان "نجس" ويحرم الإسلام تناوله. إن طهي لحم الخنزير بالقرب من المسجد يعتبر عملا تخريبيا، في مكان مقدس للمسلمين".

وأضاف: "إن الأعمال التخريبية العدائية ضد المسلمين مستمرة هنا منذ أكثر من عام".

ومنذ عام 2014، يستخدم الطلاب المسلمون في جامعة "كيوغنغ بوك" أحد المنازل في الحي كمصلى، وفي ديسمبر 2020 بدأ تشييد مبنى مسجد بموافقة سلطة المنطقة. ومن المقرر بناء مسجد من طابقين بارتفاع 20 مترا، مع مئذنة. وتعود ملكية الأرض التي يُبنى عليها المسجد إلى 6 مسلمين من باكستان وبنغلادش.

وأكد رزق أن الغرض الرئيسي من بناء المسجد، هو جعل المكان أكثر أمانا وهدوءا لإقامة الصلاة"، وفسر قائلا: "المبنى السابق، كان يستخدمه أكثر من 150 مصليا، معظمهم من الطلاب، لكنه لم يكن مناسبا للصلاة، كان يعاني من مشاكل عدة، منها عدم وجود نظام تبريد أو تدفئة أرضية، كما كانت مساحته صغيرة جدا، ما أجبر عددا من المصلين على الوقوف في الخارج".

وأشار رزق إلى أن الجيران الكوريين علموا بخطة بناء المسجد، وعارضوها بشدة، زاعمين أن المسلمين على وشك السيطرة على الحي بأكمله.

وبعد تلقي مكتب المنطقة شكاوى عدة من السكان، عكس موقفه الأولي وفرض أمرا إداريا في فبراير 2021، بوقف بناء المسجد، لكن في ديسمبر 2021، فاز الملاك المسلمون بأمر إلغاء قرار مكتب المقاطعة، وفي سبتمبر من هذا العام، أيدت المحكمة العليا قرار المحكمة الإدارية، ما مهد الطريق لبناء المسجد.

ومع استئناف العمل، بدأ السكان بعرقلة عمليات البناء، من خلال سد المدخل بسياراتهم.

من جانبه، قال أحد سكان الحي ويدعى "جانج، 62 عاما: "تخيل حشودا كبيرة من الناس تمر من أمام باب منزلك عدة مرات في اليوم، صوتهم وهم يتجاذبون أطراف الحديث ويمشون ويركبون دراجاتهم وسياراتهم، هذا سيدفعك للجنون".

وأضاف: "عدواننا على المسلمين هو الملاذ الوحيد لنا لحماية بيئتنا المعيشية".

وتابع: "احترمنا الجالية المسملة في الحي لسنوات، كنا نتشارك معهم الطعام والهدايا، وتحملنا ضوضاء صلاتهم ولم نتقدم بأي شكوى بشأن تجمعاتهم، لكن بناء مسجد سيجذب المزيد من المصلين إلى هذا الحي الصغير، وهذا تجاوز للحدود".

وأضاف: "أعيش هنا منذ 6 سنوات، وفي حال اكتمل بناء المسجد فمن المؤكد أنني سأترك الحي، وانتقل لمنزل آخر".

وقال الطالب رزق، إن الجالية المسلمة قدمت عدة اقتراحات للسكان لتخفيف مخاوفهم، مثل تجهيز المسجد بجدران ونوافذ عازلة للصوت، إلا أنهم لم يقبلوا.

وأنهى حديثه قائلا: "المشاعر المعادية للإسلام متأصلة وواضحة في سكان هذا الحي، فبعضهم يصفوننا بالإرهابيين ويلومون ديننا بدلا من الحديث ومناقشة الأمر معنا".  

وقال مسؤولون في مكتب المنطقة، إنهم كافحوا من أجل العثور على موقع يلبي مطالب المسلمين، الذين طلبوا أن يكون قريبا من الجامعة، وكبيرا بما فيه الكفاية لاستيعاب 100 من المصلين على الأقل.

وأضاف المكتب :"لا يوجد بديل عملي في الوقت الحالي".

يذكر أنه ورغم احتدام المواجهة بين الكوريين والمسلمين، إلا أنه تم إنجاز نحو 60% من أعمال بناء المسجد، ومن المتوقع أن يصبح جاهزا نهاية العام الجاري.