تقرير : اعتقال (3873) فلسطينياً خلال النصف الأول من العام 2022

اعتقالات في الضفة الغربية

اعتقل جيش الاحتلال الإسرائيلي من بداية العام الجاري وحتى تاريخ 30 حزيران/يونيو 2022، (3873) معتقلاً فلسطينياً، منهم (1896) من القدس، و(64) من قطاع غزة، وبلغت عدد أوامر الاعتقال الإداري الصادرة في الفترة ذاتها (862) أمر اعتقال إداري، من بينهم (398) أمراً جديداً.

وبلغت الحصيلة الاجمالية للاعتقالات خلال شهر حزيران/يونيو المنصرم، (464) مواطن/ة من الأراضي الفلسطينية المحتلّة، بينهم (70) طفلاً، و(18) إمراة ، وكان توزيع الاعتقالات خلال الشهر المذكور على النحو الآتي (159) من القدس والتي شهدت أعلى نسبة اعتقال، و(15) من قطاع غزة، ووصل عدد أوامر الاعتقال الإداري الصّادرة خلال الشهر ذاته (153) أمراً، بينها (58) أمراً جديداً، و(95) أمر تجديد.

جاء ذلك ضمن تقرير شهري مشترك صدر، عن مؤسسات الأسرى وحقوق الإنسان؛ (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، نادي الأسير الفلسطيني، مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان ومركز معلومات وادي حلوة- القدس)، أكّدت فيه أنّ عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين المحتجزين في سجون الاحتلال بلغ نحو (4650) أسيراً، وذلك حتّى نهاية شهر حزيران/يونيو 2022، من بينهم (30) أسيرة، و(180) قاصراً، ونحو (650) معتقل إداري، ومئات الأسرى المرضى من بينهم 23 أسيراً مصابون بالأورام والسرطان بدرجات متفاوتة أصعبها حالة الأسير ناصر أبو حميد.

ويوثق التقرير أبرز السياسات الممنهجة والانتهاكات التي تنفذها سلطات الاحتلال على عدة مستويات بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، بالإضافة إلى آخر المستجدات فيما يتعلق بواقعهم وظروفهم الاعتقالية داخل السجون.

استمرار عمليات التنكيل وسوء المعاملة بحق المواطنين خلال الاعتقال  

يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ عمليات التنكيل وسوء المعاملة بحق المعتقلين وذويهم، ويأتي ذلك كجزء من سياسة العقاب الجماعي التي يُمعن الاحتلال بتنفيذها بهدف استهداف المعتقل ومحيطه، ووفقاً لتقارير المتابعة، فقد تم رصد تفاصيل الاعتقال لمواطنيّن نُكل بهما وبعائلاتهما خلال عملية اعتقالهما وهما: المعتقل عبيدة كراكرة (30 عامًا) من مدينة البيرة، والذي اعتقل بعد اقتحام قوات الاحتلال منزله الكائن في منطقة الشرفة وتكسير باب المدخل، ووفقاً لافادة زوجته: "اقتحم الاحتلال المنزل بصورة وحشية وقاموا بنقل عبيدة إلى غرفة الطعام وبدأوا بالتحقيق معه ميدانيًا وسمعنا صوت صراخه، وبعد ذلك قاموا بإحضاره إلى غرفة النوم وتفتيشها وقاموا برمي ملابسه أمامه وهو مكبل، ثم نقلوه إلى الغرفة التي كنا نتواجد فيها وقاموا بالتحقيق معه وضربه أمامنا ومنعونا من الحركة أو الخروج، وعند انسحابهم قاموا بتفتيش سيارة الأجرة التي يعمل عليها زوجي عبيدة وشقيقه وعاثوا فيها خرابًا."

والمعتقل طاهر أكرم صالح (24 عامًا) من بلدة سلواد/ رام الله والذي اعتقل بعد أن أقدم جنود الاحتلال على الاعتداء عليه بالضرب المبرّح وعلى أفراد عائلته بما فيهم النساء، وبحسب رواية والدته" إنّ قوات الاحتلال تعمدت ضربه على إحدى قدميه حيث كان يعاني من إصابة بالكسر فيها قبل فترة وجيزة، وهو ما يزال في مرحلة العلاج، ورغم صراخه المتواصل لحظة الاعتداء عليه إلا أنهم واصلوا ضربه، وقاموا بالتحقيق معه ميدانيًا مع استمرارهم بالاعتداء عليه".

قراءة في الاعتقال الإداري خلال الشهور الستة الماضية

بلغت عدد أوامر الاعتقال الإداري الصادرة  خلال الشهور الستة الماضية (862) أمراً، من بينهم (398) أمراً جديداً، و(464) قرار تجديد، وبالمقارنة مع ذات الفترة الموثقة من العام الماضي 2021، يُلاحظ أن ارتفاعا ملحوظاً قد طرأ على حصيلة قرارات الاعتقال الإداري الصادرة بحق الفلسطينيين، حيث صدر في النصف الأول من العام الماضي نحو (680) قراراً بالاعتقال الإداري، فيما صدر خلال النصف الأول من العام الحالي (862)، أي بمعدل زيادة تتجاوز 27%، مما يؤكد على أن سلطات الاحتلال ماضية في جريمتها ومستمرة في سياستها المبنية على العقاب الجماعي بحق أبناء الشعب الفلسطيني، فهي لا تتوقف عن حرمانهم من حريتهم واحتجازهم داخل السجون بدون تقديمهم للمحاكمة وبدون الإفصاح عن التهم الموجهة ضدهم؛ وبدون السماح لهم أو لمحاميهم بمعرفة أسباب اعتقالهم، مما يدفعهم لإيجاد طرق سلمية يخوضوها احتجاجاً على ما يعانوه. 

ويعتقل الاحتلال داخل سجونه نحو (650) معتقلاً إدارياً من بينهم مرضى وكبار سن ونساء وحتى الأطفال دون سن الثامنة عشر لم يسلموا من هذا الاعتقال الجائر، ومن أبرز الحالات التي رُصدت خلال الفترة السابقة لأسرى إداريين نُكل بهم ونُفذ بحقهم إجراءات تعسفية، حالة المعتقل المريض جمال زيد (64 عاماً)  من مدينة البيرة، والذي يشتكي من فشل كلوي ويقوم بعملية غسيل الكلى ثلاث مرات أسبوعياً بالإضافة إلى معاناته من آثار جلطة سابقة، ومن اضطرابات في ضربات القلب، وقد أُجريت له عملية شبكية لكنه بحاجة لرعاية طبية، ويقبع حالياً داخل ما يسمى "عيادة سجن الرملة"، وخلال شهر حزيران الماضي كان قد أعلن الأسير زيد مقاطعته لجلسات غسيل الكلى لمدة معينة رفضاً لاعتقاله الإداري، مما شكل خطرًا حقيقياً على حياته، ورغم وضعه الصحي الصعب وتقدمه في العمر، رفض الاحتلال إنهاء الاعتقال الإداري بحقه، وجددت "محكمة عوفر العسكرية" قرار الاعتقال الإداري الصادر بحقه للمرة الثالثة على التوالي لمدة ثلاثة أشهر بتاريخ 28 يونيو/حزيران غير مكترثة لوضعه الصحي السيء، علماً بأن الأسير زيد معتقل إداري سابق كان قد أمضى عام كامل في الاعتقال الإداري خلال عام 2019، وأعاد الاحتلال اعتقاله بتاريخ 19 أيار/مايو 2021 ثم صدر بحقه أمراً بالاعتقال الإداري لمدة 6 أشهر وتم تجديده لاحقاً.

ولا بد من الإشارة بأنه عُقد مؤخراً جلسة حوار بين إدارة سجون الاحتلال وقادة الحركة الأسيرة حول مطالب الأسرى الإداريين، وبناءً عليها قام المعتقلون الإداريون بتجميد قرار الإضراب المفتوح عن الطعام الذي كان من المفترض خوضه بداية شهر حزيران، مع الاستمرار بمقاطعة محاكم الاحتلال والسماح لأي أسير يرغب بالتوجه إلى المحاكم، ابتداءً من موعد الاتفاق حتى تاريخ شهر أيلول/سبتمبر المقبل، على أن تكون هذه الفترة لدراسة وتقييم مدى التزام إدارة سجون الاحتلال بمطالب المعتقلين الإداريين.

معارك الإضرابات الفردية لأسباب ودوافع مختلفة

لم يجد الأسير الفلسطيني عبر سنوات النضال الطويلة داخل سجون الاحتلال وسيلة أخرى لانتزاع حقه المسلوب والاحتجاج على ما يعانيه داخل أقبية الاحتلال، سوى خوضه معركة الأمعاء الخاوية، وقد لجأ الأسير لهذا الخيار الصعب والمجهد، ليس رغبة منه بتجويع نفسه وأذيه جسده وإنما كمحاولة أخيرة للانتصار لحقه مع الحفاظ على كرامته ومكانته النضالية، لتصبح معركة الإضراب المفتوح عن الطعام سلاح سلمي يستخدمه المعتقل الفلسطيني ضد السجان الإسرائيلي.

وخلال الأشهر الستة الماضية خاض أكثر من 10 أسرى إضرابات فردية مفتوحة عن الطعام لأسباب ودوافع مختلفة جُلها كان احتجاجاً على الاعتقال الإداري، وهناك من أعلن إضرابه رفضاً لعزله بظروف معيشية قاسية، وهناك من خاض معركته احتجاجاً على مشاكل بحسابه بالكانتينا، كما خاض بعض الأسرى إضرابات إسنادية دعماً لإخوانهم المعتقلين الإداريين المضربين عن الطعام رفضاً لاعتقالهم الإداري، وكان أطول إضراب أُعلن عنه خلال الفترة المذكورة إضراب الأسير خليل عواودة من بلدة إذنا قضاء الخليل، والذي استمر لـ 111 يوماً رفضاً لاعتقاله الإداري وقام بتعليقه بعد وعود بإنهاء اعتقاله لكن سلطات الاحتلال أخلت بالوعود وأصدرت بحقه أمر اعتقال إداري جديد لمدة 4 أشهر، ليستأنف إضرابه مجدداً  والذي أعلن عنه قبل عدة أيام رغم سوء حالته الصحية واحتجازه بأوضاع قاسية داخل مستشفى "أساف هروفيه" ، فيما لا يزال الأسير رائد ريان من بلدة بيت دقو شمال القدس، يخوض ذات المعركة احتجاجاً على اعتقاله الإداري منذ قرابة الثلاثة شهور، وتحتجزه سلطات الاحتلال داخل عيادة سجن الرملة بظروف صحية صعبة.  

بالإضافة إلى الإضرابات الجزئية الجماعية التي أعلن عنها أبناء الحركة الأسيرة خلال انتفاضتهم التي خاضوها خلال شهر شباط/فبراير الماضي، والتي بدأوها رفضاً لقوانين الإدارة التي أقدمت على تغيير نظام "الفورة" والذي تمثل بتقليص المدة التي يقضيها الأسرى في ساحة الفورة، وعدد الأسرى الذين سيسمح لهم بالخروج في الدفعة الواحدة.

 ملاحقة الأسرى المحررين واغتيالهم

لا تتوقف سلطات الاحتلال وأجهزتها العسكرية عن تنفيذ السياسية الانتقامية بحق الأسرى المحررين عقب إطلاق سراحهم من سجون الاحتلال، بل على العكس يتعرضون لمزيد من الملاحقة والتنغيص والاستهداف المباشر، فكثير منهم أُعيد اعتقاله وزجه في السجون  بدون أي مبرر يستدعي لذلك، وهناك تم تصفيته عقب تحرره واغتياله ميدانياً، وهناك من ارتقى شهيداً بعد الإفراج عنه نتاجاً لأمراض أُصيب فيها خلال فترة اعتقاله وتفشيها بجسده، وهذا يؤكد أن ملفات الأسرى بعد إطلاق سراحهم لا يتم إغلاقها من قبل أجهزة الاحتلال بل يبقون تحت التهديد طوال الوقت، بمعنى أن الجريمة بحقهم متواصلة دون توقف.

وخلال النصف الأول من العام الجاري ارتقى العديد من الشهداء من الأسرى المحررين ولاقوا حتفهم بعد استهدافهم بشكل مباشر، وكان من بينهم المحرر نهاد البرغوثي (20 عاماً) من قرية كفر عين قضاء رام الله والذي استشهد بعد إصابته بالرصاص الحي في البطن عند مدخل قرية النبي صالح،  كذلك المحرر إيهاب زيد الكيلاني (40 عاماً) من نابلس، والذي  استشهد جرّاء إصابته بمرض السرطان خلال اعتقاله ومعاناته من سياسة الإهمال الطبي، ونتاجاً لما تعرض له ارتقى شهيداً بعد  أقل من شهر من الإفراج عنه من معتقلات الاحتلال، والمحرر داود الزبيدي (40 عاماً) والذي أُعلن عن استشهاده في مستشفى رمبام بحيفا في الداخل المحتل، متأثراً بجراحه الخطيرة التي أُصيب بها خلال اشتباكات مع الجيش الاسرائيلي في مخيم جنين خلال شهر أيار الماضي، حيث تعرض داوود لعملية تصفية حقيقية ولا زالت جثمانه محتجزة لدى سلطات الاحتلال وترفض تسليمها لذويه.

كما شهد شهر حزيران المنصرم عمليات إعدام ميدانية نفذها جيش الاحتلال في الأراضي الفلسطينية وكان ضحيتها أسرى محررين، ومن بينهم المحرر أيمن محيسن (29 عاماً) من مخيم الدهيشة في بيت لحم، والذي ارتقى شهيداً بعد أن قامت أفراد الوحدات الخاصة الإسرائيلية باغتياله أمام منزله. وارتقت بذات الشهر المحررة غفران وراسنة (31 عاماً) من مخيم العروب شمالي الخليل، وذلك بعد أن استهدفها جيش الاحتلال بالرصاص الحي مما أدى إلى إصابتها بجروح حرجة في الجزء العلوي من جسدها واستشهادها، ولم تكتف سلطات الاحتلال بذلك بل تعمدت أيضاً اعتراض تشييع جثمان الشهيدة وراسنة وعرقلة دخوله إلى مسقط رأسها، مما أجبر المشيعين على حمل الجثمان على أكتافهم واستكمال مراسم التشييع في المخيم إكراما لروح الشهيدة. 

قائمة عمداء الأسرى بتصاعد دائم

ارتفعت قائمة عمداء الأسرى - وهو مصطلح يُطلقه الفلسطينيون على من مضى على اعتقالهم أكثر من 20 عاماً على التوالي - مع نهاية شهر حزيران/يونيو الماضي لتصل إلى (233) أسيراً، وبالمقارنة مع مطلع العام الجاري كان عدد الأسرى بتلك القائمة يبلغ (112) أسير، ومن المتوقع أن تزداد أعداد الأسرى بتلك القائمة خلال الأيام القادمة، وذلك بسبب عمليات الاعتقال العديدة  التي نفذها جيش الاحتلال بحق مئات الفلسطينيين خلال انتفاضة الأقصى عام 2000 وخلال ما سُمى بـعملية "السور الواقي" عام 2002، حيث صدر بحق المئات منهم أحكاماً جائرة وظالمة إستناداً لما أسمته دولة الاحتلال "سياسة الردع".

4 أحكام بالسجن المؤبد بحق 4 أسرى خلال المنتصف الأول من العام الجاري

مع مطلع العام الجاري بلغ عدد الأسرى المحكومين بالسجن المؤبد (547) أسيراً، فيما وصل عددهم مع نهاية النصف الأول من العام الجاري نحو (551) أسيراً  بعد أن انضم إليهم 4 أسرى جدد صدر بحقهم أحكاماً بالسجن المؤبد خلال الشهور الماضية وهم: منتصر شلبي ومحمد كبها وخليل دويكات وأحمد عصافرة.