اعتقلت سلطات الاحتلال خلال شباط 2022 (448) مواطنًا من الأرض الفلسطينية المحتلّة، من بينهم (71) طفلاً، و(10) نساء.
جاء ذلك ضمن تقرير شهري مشترك صدر، اليوم الثلاثاء، عن مؤسسات الأسرى وحقوق الإنسان؛ (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، نادي الأسير الفلسطيني، مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان ومركز معلومات وادي حلوة- القدس)، أكّد فيه أنّ عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال بلغ نحو (4400) أسير، وذلك حتّى نهاية فبراير/ شباط، من بينهم (33) أسيرة، و(160) قاصرًا، ونحو (490) معتقلًا إداريًا.
وكانت أعلى نسبة اعتقالات خلال فبراير في القدس، حيث بلغت (166) حالة، من بينها (56) طفلاً وقاصراً. وبلغ عدد أوامر الاعتقال الإداري الصّادرة خلال الشّهر (107) أوامر، بينها (32) أمراً جديداً، و(75) أمر تمديد.
ورصد التّقرير كافّة السّياسات والإجراءات والمُتغيّرات التي نفذتها سلطات الاحتلال فيما يتعلّق بالأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، بالإضافة إلى واقع وظروف الأسرى والمعتقلين داخل سجون الاحتلال، مستنداً على حصيلة الرّصد والتّوثيق والمتابعة القانونية والميدانية التي تقوم بها المؤسسات الأربع.
السياسات التنكيلية التي ينفذها جنود الاحتلال خلال عمليات الاعتقال
ضمن سياسات الاحتلال المستمرة بحقّ المعتقلين وعائلاتهم –سياستي التعذيب والعقاب الجماعيّ– استعرض التقرير حالة عائلة حامد من بلدة سلواد في رام الله، وعائلة السعو في القدس، وحالة الطفلة إيمان الكسواني في القدس، والشاب مالك معلا من رام الله.
وتعرضت عائلة المواطن ياسين حامد من بلدة سلواد لاقتحامات متكررة، حيث جرى خلالها اعتقال نجلهم محمد في تاريخ 9/1/2022 بعد اقتحام المنزل وتدميره أثناء التفتيش، ونُقل بعد اعتقاله لمركز تحقيق “عوفر” ليخضع لتحقيق قاسٍ ومتواصل خلاله تم حرمانه من لقاء محاميه، وفي إطار الضغط على المعتقل اقتحمت قوات الاحتلال وبأعداد كبيرة المنزل مرة ثانية في تاريخ 2/2، مصطحبة معها (محمد) ليشاهد اعتقال والده ياسين وشقيقيه عماد وأحمد.
ووفقًا لرواية خلود حامد (زوجة ووالدة المعتقلين): “أن جنود الاحتلال اقتحموا المنزل بأعداد كبيرة حوالي الساعة 3 فجراً، وفصل أفراد المنزل عن بعضهم البعض، وبدأوا في تفتيش الأغراض ونبش الخزائن وإلقاء كل ما فيها على الأرض، وقاموا بخلط المواد الغذائية والتموينية، وخلعوا المكيفات وكسروا الأثاث، وفتشوا المخازن والإسطبل والسلاسل والأسوار حول المنزل”، ويومها جرى الإفراج عن الوالد فقط، وإبقاء أولاده الثلاثة في المعتقل.
وفي تاريخ 14/2، اقتحمت قوات الاحتلال المنزل للمرة الثالثة مصطحبة معها الأبناء الثلاثة المعتقلين: محمد وأحمد وعماد، واقتادت معها “أحمد” إلى داخل المنزل مرتدياً زياً عسكرياً، وأبقت محمد وعماد في الجيب العسكري، وفتشت المنزل بصحبة كلب بوليسي بعد اقتحام مزرعة مواشي للعائلة في البلدة قبلها، محدثة دماراً فيهما.
يذكر أن الإخوة الثلاثة خضعوا للتحقيق في مركز تحقيق عوفر، حيث لم يسمح لمحمد وأحمد بلقاء محام منذ اعتقالهما، فمحمد منع من لقاء محاميه لأكثر من 30 يوماً منذ اعتقاله والتحقيق معه، فيما سمح لعماد في مقابلة محاميه أثناء جلسة تمديد التحقيق معه، وبحضور عائلته عبر الفيديو كونفرنس.
القمع والتنكيل بحق المعتقلين
mبتاريخ الثامن والعشرين من شباط/فبراير ، قمعت قوات الاحتلال الفلسطينيين خلال تجمعهم وتواجدهم في منطقة باب العمود لإحياء ذكرى الإسراء والمعراج، واستخدمت القوة المفرطة لإخلاء المنطقة والشوارع المحاذية والتي كانت تعج بالعائلات والأطفال والفتية، من خلال إلقاء القنابل بصورة عشوائية، ورش المياه، والضرب بالهراوات، وتنفيذ اعتقالات طالت أكثر من 20 فلسطينيًا معظمهم من الفتية الذين تراوحت أعمارهم بين 13-17 عاماً.
الطفلة إيمان خليل الكسواني (16 عاماً)، كانت إحدى المستهدفين في هذا اليوم، حيث متوجهة لزيارة قبر والدتها التي توفيت قبل حوالي شهرين ولدى وصولها منطقة باب العمود ووقوفها لدقائق لتشاهد التواجد والحركة النشطة في المنطقة، قام أحد أفراد “القوات الخاصة” بدفعها لإبعادها عن المكان وضربها على بطنها، حيث دافعت إيمان عن نفسها فحاصرها أفراد من قوات الاحتلال وأنهالوا عليها بالضرب المبرح مستخدمين الأيدي والهراوات، ثم نقلت إلى غرفة المراقبة المقامة في منطقة باب العمود ومكثت فيها لمدة ساعة، وخلال ذلك قامت القوات بتكبيلها “بالقيود الحديدية بالأيدي ومرابط بالأقدام” بقوة وضربها ودفعها وتوجيه الشتائم والألفاظ النابية لها، كما قامت شرطية بصفعها على وجهها، ثم نقلت إلى مركز التحقيق “عوز/جبل المكبر” واعتدي عليها داخل سيارة الشرطة.
وأضافت الطفلة إيمان: “بعد ساعات من التحقيق رافقني فيها التعب والأوجاع، نقلت إلى سجن “هشارون” لعدة ساعات ثم أعدت صباحا الى “المسكوبية” وعقدت لي جلسة طالبت فيها الشرطة بتمديد توقيفي، ثم تم الإفراج عني بشرط الإبعاد عن القدس القديمة ودفع كفالة مالية”.
ومن ضمن الحالات التي تابعتها المؤسسات، عائلة السعو من حي الشيخ جراح، وهي واحدة من عائلات الحي التي تعرضت للتّنكيل والملاحقة واُعتقل أبنائها الثلاثة، أفرج عن اثنين منهم فيما جرى تقديم لائحة اتهام للثالث.
ووفقًا لرواية رائدة السعو: “منذ منتصف الشهر الماضي نعاني من الاعتداءات اليومية، بعد نقل عضو الكنيست المتطرف “إيتمار بن غفير” مكتبه إلى وسط الحي، على بعد عدة أمتار من منزلنا”.
وأضافت: “اعتداءات من المستوطنين وقوات الاحتلال، باقتحام منزلنا والتواجد أمامه، التهديد باقتحامه على مدار الساعة، فصل منزلي والمنازل المجاورة عن محيطه بالسواتر الحديدية والتواجد الشرطي، ملاحقة المتضامنين الى داخل المنزل لإخراجهم بالقوة منه، إطفاء “نار التدفئة أمام المنزل”، إضافة الى نصب عضو الكنيست المتطرف “إيتمار بن غفير” طاولته أمام المنزل، واستفزازنا والمتواجدين معنا لمنعنا من الجلوس أمام منزلنا، ويتعمد “بن غفير” الجلوس خلال حضور المتضامنين أو تنظيم فعاليات مختلفة”.
وأوضحت السعو” أن القوات اعتقلت خلال شباط أبنائها الثلاثة، رمضان ومحمد بعد اقتحام المنزل، ومعتز خلال اقتحام المستوطنين الحي، واعتداءهم عليهم وعلى ممتلكاتهم، وبعد عدة أيام أفرج عن رمضان ومحمد، فيما تم تمديد توقيف معتز لتقديم لائحة اتهام ضده، كما استدعي للّتحقيق رائدة وزوجها بعد اقتحام منزلهما.”
كما تم رصد تفاصيل اعتقال الشاب مالك معلا (19 عاماً)، من حي أم الشرايط بمدينة البيرة، والذي جرى اعتقاله بعد اقتحام جيش الاحتلال لمنشأة صناعية بمدينة البيرة، حيث يعمل بها معلا كحارس ليليّ، وقد تفاجأ الشاب بوجود الجنود أمامه، وحينها بدأوا بتسليط أضواء الليزر تجاهه، ومن ثم أطلقوا كلب بوليسي نحوه والذي بدأ بنهشه دون توقف، وظهر ذلك عبر شريط فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث جرى نقله بعد عملية اعتقاله إلى مركز تحقيق “عوفر”.
سياسات الاحتلال داخل السّجون والمعتقلات ومراكز التّحقيق
(حوارة وعتصيون)
تُشكّل مراكز التوقيف وتحديدًا مركزيّ (حوارة، وعتصيون) إحدى أبرز أدوات الاحتلال التّنكيلية، فيها يُمارس بشكل ممنهج جملة من الانتهاكات التي تندرج ضمن سياستي سوء المعاملة والتّعذيب، فبنية هذه المراكز قائمة أساسًا على فرض أكبر قدر من أشكال التّنكيل على المعتقل، فالغرف فيها رطبة وباردة، والشبابيك مفتوحة على مدار الساعة، والإنارة مشبوكة خارج الغرف وهي عبارة عن كشافات تصدر إنارة مزعجة على مدار 24 ساعة، تخلو الغرف من كل شيء تقريباً، ولا يوجد بداخلها سوى أبراش (أسرة) حديدية، وحمام شبه مكشوف، وبطانيات تعج بالرطوبة، والعفن باردة جداً، وقطع خفيفة من الفلين التالف والبلاستيك تستخدم كفرشة.
أما فيما يتعلق بالطعام المقدم للمعتقلين، فهو في غاية السوء من حيث الكمية والنوعية، والوجبات الثلاث التي تقدم لكل معتقل لا تكفي وجبة واحدة لطفل بعمر 6 أو 7 أعوام، فوجبتي الفطور والعشاء عبارة عن حبات قليلة من الخيار والبندورة أو اللبن، والمعتقل يجب أن يختار صنف واحد فقط لأنها تأتي على عدد المحتجزين وغالباً يكون هناك نقص، يقدم معها الشاي الخالي من السكر بواقع ربع كاسة صباحاً والربع الآخر مساءً ، أما وجبة الغداء يقدم فيها البيض والجبن والسميد أو البرغل المطحون والمطبوخ، توضع كافة الأصناف مع بعضها في وعاء حديدي كبير، ويطلب من الأسرى تناولها، حيث لا يوجد صحون ولا معالق ونادراً ما يوفر الخبز، مما يجبر المعتقلين على سكب الطعام بأيديهم على قطع بلاستيكية وتناوله للتغلب على الجوع.
ويقضي الأسرى 22 ساعة على الأقل داخل غرفهم المغلقة عليهم، ويسمح لهم بالخروج إلى “الفورة” ساحة المعتقل، والمحددة في وقتها الإجمالي ساعتين، مقسمة: نصف ساعة صباحًا، ومثلها مساءً، وساعة منتصف النهار، ولا يُسمح بالاستحمام إلا في الفورة الثانية، ويبقى المعتقلون طوال فترة احتجازهم بذات الملابس التي يرتدونها، ولا يقدم لهم شيء سوى منشفة وملابس داخلية لمرة واحدة فقط.
“عقاب“ مضاعف بحق أسرى “نفق الحرية“
تواصل إدارة سجون الاحتلال تنفيذ “عقوبات” مضاعفة بحق الأسرى الستة الذين تمكّنوا من تحرير أنفسهم من نفق أسفل معتقل “جلبوع” ، خلال شهر أيلول/سبتمبر 2021 ، حيث تحتجزهم بزنازين عزل تفتقر من أدنى مقومات الحياة الآدمية، وتواصل فرض سلسلة من الإجراءات التّنكيلية بحقّهم، كعمليات نقلهم من عزل إلى آخر بهدف إرهاقهم واستهدافهم جسدياً ونفسياً.
وقد صنفت سلطات الاحتلال منفذو عملية “نفق الحرية” الأسرى الستة ( محمود عارضة، ومحمد عارضة، وأيهم كممجي، ومناضل نفيعات، وزكريا زبيدي، ويعقوب قادري) كأسرى “على درجة عالية من الخطورة”، ويشكل هذا الإجراء (التصنيف) ضمن أبرز السياسات التي تحاول إدارة السّجون التصعيد منها مؤخرا، والتي لم تعد تقتصر على أسرى “نفق الحرّيّة”.
ووفقاً لمتابعة المؤسسات الحقوقية، فقد تم رصد ظروف عزل الأسير زكريا الزبيدي، في سجن ريمونيم”، حيث يتم تقييده يديه إلى الخلف وكذلك قدميه عند إخراجه من الزنزانة إلى ساحة الفورة، عدا عن إبقائه مقيداً بهذا الشكل طوال تواجده بالساحة “الفورة”، وكرد على ذلك امتنع الزبيدي الخروج للساحة لمدة 20 يوماً على التوالي احتجاجاً على ذلك.
وتسببت الظروف القاهرة التي يحتجز بها بتراجع وضعه الصحيّ، وعدا عن ذلك فإنّ الزنزانة التي يقبع بها مجرّدة من أيّ احتياجات أساسية، فقط بها بطانية وزجاجة ماء وكتاب الله ( القرآن الكريم)، وبدون أدوات كهربائية، كما أنّه محروم من زيارة ذويه، ومن “الكانتينا”، ومن إرسال رسائل لأهله.
يذكر أن 21 أسيرًا يواجهون العزل الإنفراديّ، حيث صعّدت إدارة السجون من عمليات العزل مؤخرًا، وتحديدًا بعد عملية “نفق الحرية”، حيث تُشكّل سياسة العزل الإنفراديّ، أبرز أدوات التنكيل وأخطرها على مصير الأسير.