خبير اقتصادي: الأزمة المالية للسلطة ليست جديدة والقروض لن تحل المشكلة

رام الله الإخباري

قال أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح د. بكر اشتية إن الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية أزمة قديمة لم تبدأ باقتطاع الاحتلال مستحقات ذوي الشهداء والأسرى.

وكان رئيس الحكومة محمد اشتية أعلن بمستهل الجلسة الأسبوعية للحكومة، الإثنين، أن الاحتلال سيقتطع 51 مليون شيقل من أموال المقاصة بشكل شهري، على خلفية الالتزام بدفع مستحقات أسر الشهداء والأسرى.

وأوضح الخبير الاقتصادي اشتية لوكالة "صفا" أن مستحقات ذوي الشهداء والأسرى ليست هي وحدها ما يقتطعه الاحتلال بدون وجه حق، وهناك اقتطاعات أخرى تصل بمجموعها إلى نحو 1.1 مليار دولار سنويا، وهي نفس مقدار العجز بالموازنة.

وتخسر السلطة ما مقداره 150 مليون شيكل شهريا على شكل تسرب ضريبي ناتج عن الاستيراد عبر المعابر الإسرائيلية، أي نحو نصف مليار دولار سنويا.

كما تقتطع "إسرائيل" 100 مليون شيكل شهريا فيما يعرف بصافي الإقراض، وهي الخصومات على بعض البلديات المتأخرة عن تسديد أثمان الكهرباء والمياه، و20 مليون شيكل هي نسبة الـ3% التي تقتطعها مقابل جباية أموال الجمارك للسلطة.

ويبلغ العجز في موازنة العام 2021 مليارا و700 مليون دولار، وفي حال وصلت أموال المساعدات الخارجية سينخفض العجز إلى 1.1 مليار، بأحسن الأحوال.

وهذا يعني أن هناك عجزا وضائقة كبيرة تعاني منها السلطة حتى بدون اقتطاع مستحقات ذوي الشهداء والأسرى.

ولفت إلى أن خصم مستحقات ذوي الشهداء والأسرى ليس بالجديد، إذ بدأت به "إسرائيل" منذ أكثر من سنتين، ولجأت السلطة للامتناع عن استلام أموال المقاصة، ثم عادت لاستلامها.

ورجّح أن تنعكس آثار هذه الأزمة على رواتب موظفي الحكومة، إلا إذا استطاعت الحكومة الحصول على قروض لصرف الرواتب.

لكن هذا لن يكون سهلا، إذ إن الحكومة سعت في الفترة الماضية للحصول على قروض أو مساعدات من الدول العربية، ولم تنجح.

كما فتحت الحكومة باب الاقتراض من المصارف الأجنبية ولا يوجد تجاوب منها حتى الآن، بحسب اشتية.

وأكد أن الاحتلال معنيّ بخلق أزمة مالية للفلسطينيين من أجل ممارسة الضغط السياسي عليهم، ودفعهم للقبول بالحلول التي يطرحها الاحتلال والولايات المتحدة.

وقال: "مشكلتنا أننا نسلم بهذه الأزمة، وكل الحلول المطروحة تقوم على التقشف أو الاقتراض أو الامتناع عن استلام المقاصة، في حين أننا بحاجة إلى تغيير استراتيجيتنا في التعامل مع دولة الاحتلال".

وأوضح أن حل الأزمة المالية للسلطة يمكن أن يتحقق بالسيطرة على واحد على الأقل من بين ثلاثة جوانب يسيطر عليها الاحتلال حاليا.

وهذه الجوانب هي: الموارد الطبيعية في مناطق (ج)، والمعابر والحدود للسيطرة على الاستيراد والتصدير، والموارد والتدفقات المالية التي تأتي للسلطة ويسيطر عليها الاحتلال.

وأكد أن الاحتلال لن يتنازل عن أي من هذه الجوانب بدون ضغط حقيقي يمارس عليه، ولا يكون ذلك بالإعلان عن التوجه للاقتراض، أو بالامتناع عن استلام أموال المقاصة، أو بالحديث عن معركة سياسية مفتوحة، فكل هذه الأدوات لم تعد مجدية.

وقال الخبير الاقتصادي: "نحن بحاجة لفتح مواجهة مع الاحتلال، قد تكون على شكل مقاومة شعبية، بشرط تعريفها وتوزيع المهام فيها".

وبين أنه إذا شعر الاحتلال بوجود ضغط سياسي وضغط أمني فإن هذا سيؤتي نتيجة، لأن "إسرائيل" تعتبر من الدول المستقرة اقتصاديا وأمنيا وسياسيا، وهي لا تحتمل العيش تحت ضغط وإرباك أمني وسياسي.

وأضاف "يمكن عندها التفاوض للحصول على هذه الجوانب أو بعضها، ومن خلاله يمكن تأمين احتياجاتنا المالية".

وأكد أن البنوك لن تستطيع الاستمرار بإقراض الحكومة إلى ما لا نهاية، وستصل الحكومة عندها إلى طريق مسدود، ما لم تصل أموال المساعدات.

وبين أن مديونية السلطة للبنوك مع نهاية عام 2021 سترتفع إلى 15 مليار شيكل، يضاف إليها متأخرات للقطاع الخاص بقيمة مماثلة، أي أن إجمالي الدين العام يبلغ نحو 30 مليار شيكل، وهو ما يشكل 54% من الناتج المحلي الفلسطيني.

وحذر من خطورة الاعتماد على القروض لسد العجز في الموازنة، لأن هذه البنوك ستصل إلى الحد الذي لا تستطيع معه إقراض الحكومة، حفاظا على سلامة القطاع المصرفي.

ولفت إلى أن الأردن -كمثال- تسمح بوصول الدين العام إلى 60% من الناتج المحلي، وإذا كانت مديونية السلطة 54% فإن حصولها على قرض واحد إضافي سيرفع الدين إلى حاجز الـ60%.

وأضاف الخبير الاقتصادي أن السلطة لن تتمكن من الاستمرار في الاقتراض إلا إذا وصلت التدفقات من المانحين وتمكنت حينها من سداد جزء من هذه المديونية، وبعدها يمكن لها إعادة فتح باب الاقتراض.

وأوضح أن الاعتماد على القروض يدخل البنوك بأزمة سيولة مستقبلا، إذا لم تتدخل سلطة النقد لمنع حدوث أزمة سيولة وحماية القطاع المصرفي واستقراره باعتباره أكثر القطاعات استقرارا في فلسطين، ولا ينبغي خسارة هذا القطاع بفعل فائض الاقتراض.

كما أن عملية الاقتراض من المصارف ترتكز على جهة واحدة وهي الحكومة، وهذا يخلق تهديدا للقطاع المصرفي، لأن أي خلل في التسديد سيخلق أزمة مصرفية لا تحمد عقباها، وفق اشتية.

وكالة صفا