كان رئيس الحكومة نتنياهو مشاركاً في حملة الضغوط التي استخدمتها السعودية والولايات المتحدة في السنوات الثلاث الأخيرة على الأردن، والتي استهدفت، ضمن أمور أخرى، إضعاف مكانة الملك عبد الله الثاني – هذا ما
نشرته “واشنطن بوست” في نهاية الأسبوع الماضي، التي استندت إلى محادثات مع مصادر أمريكية وبريطانية وأردنية وسعودية وإسرائيلية، كانت مطلعة على تفاصيل السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
في المقال الذي نشره الصحافي دافيد أغناطيوس، كتب عن محادثاته مع عشرة مصادر كانت في السابق أو ما زالت حتى الآن تتسلم مناصب مرتبطة بالإدارة الأمريكية. لم يعمل ترامب وولي العهد السعودي ونتنياهو في الحقيقة على الإطاحة بالملك الأردني، لكن نشاطاتهم ساهمت في إضعاف مكانته، كتب أغناطيوس.
وتحدث مصدر أمريكي مع أغناطيوس، فقال إن شخصاً مقرباً من الملك عبد الله قال إن ملك الأردن اعتقد أن خطة ترامب – المسماة “صفقة القرن – استهدفت، ضمن أمور أخرى، إزاحة مسؤولية الأردن عن الأماكن المقدسة في القدس، ليستبدل به العائلة المالكة السعودية وولي العهد محمد بن سلمان.
خطة ترامب قادها صهره ومستشاره، جاريد كوشنر، الذي كان مقرباً من محمد بن سلمان. وحسب عميل كبير سابق في الـ سي.آي.ايه، بدأ ترامب يعتقد أن عبد الله يعيق تقدم خطته في الشرق الأوسط.
على سبيل المثال، تم ربط اعتقال الأمير حمزة في نيسان في أعقاب الاشتباه فيه بالقيام بمحاولة انقلاب، بالضغوط التي استخدمتها واشنطن والرياض على عمان. اعتقل الأمير حمزة مع شخصين مقربين هما باسم عوض الله، الذي كان في السابق رئيس البلاط الملكي ورجل أعمال، وابن عم الملك الشريف حسن بن زيد.
تم ذكر تقرير استخباري أردني وصل إلى الصحيفة من شخص عمل في السابق في وكالة مخابرات غربية، وكان مطلعاً على تفاصيل القضية. وحسب التقرير، لم يكن في نية هؤلاء الثلاثة القيام بانقلاب، بل حاولوا ضعضعة الاستقرار في المملكة وتأجيج الجمهور فيها. وورد في التقرير أيضاً أن عوض الله “عمل على الدفع قدماً بصفقة القرن، وإضعاف موقف الأردن وموقف الملك في القضية الفلسطينية وحماية الأماكن المقدسة في القدس”.
مصادر في الموساد والشاباك أجرت اتصالات شخصية مع ملك الأردن لتوضح له بأنه لم يكن لهم أي دور في خطة حمزة وعوض الله. وحسب قول عميل سابق في المخابرات الأمريكية، فإن العملاء الإسرائيليين أوضحوا للملك عبد الله بأن “هذا لم يأت منا، بل من فوقنا”. وحسب أغناطيوس فإن الحديث يدور عن الإشارة إلى نتنياهو نفسه.
إن الدفع قدماً بـ”صفقة القرن” ساهم في التوقيع على اتفاقات تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين والسودان والمغرب، التي سميت بالاسم العام “اتفاقات إبراهيم”. وقد كان ترامب وكوشنر معنيين باتفاق مشابه بين إسرائيل والسعودية. وبناء على ذلك، حاولا استخدام الضغط على الملك عبد الله، الذي كانت بلاده خلال سنوات حليفة مقربة من الولايات المتحدة.
حسب التقرير الذي يستند إلى مصادر مطلعة، فإن كوشنر حاول حتى اليوم الأخير لترامب في البيت الأبيض التوصل إلى تحقيق اختراق والتوقيع على اتفاق بين إسرائيل والسعودية. محمد بن سلمان الذي يحافظ كوشنر على علاقة جيدة معه، تم تعيينه ولياً للعهد في الرياض عندما تولى والده الملك سلمان الحكم في العام 2015.
بعد مرور ثلاث سنوات على ذلك، بدأ الملك عبد الله يخشى أن تغطي مكانة بن سلمان البارزة في المنطقة على قوة الأردن. وأشار أغناطيوس إلى أن هذا ما تبين من محادثات مع موظفين في الحكومة الأردنية في عمان في شباط 2018. وفي أيار من السنة نفسها، أعلن ترامب عن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وعارض ملك الأردن هذا الأمر، وأدت هذه الخطوة إلى احتجاجات في عمان ضد الحكومة، التي اندلعت بعد شهر على خلفية الأزمة الاقتصادية في المملكة. هبت السعودية ودول الخليج بعد ذلك لمساعدة عبد الله وتعهدت بتحويل 2.5 مليار دولار كمساعدة طوارئ. وقال الأردن إن معظم الأموال لم يتم تحويلها حتى الآن.
عبر كوشنر في حينه عن أمله بأن المساعدة الاقتصادية قد تقنع الأردن والسلطة الفلسطينية أيضاً بتأييد “صفقة القرن”. وبعد سنة على ذلك، في حزيران 2019، غرض الملحق الاقتصادي في خطة ترامب في قمة البحرين. وقام الملك عبد الله بزيارة البيت الأبيض في آذار من السنة نفسها وتم اطلاعه على آخر تفاصيل الخطة. بعد ذلك، عبر علناً عن انتقاده لها وأكد أنه لن يوافق في أي يوم على التنازل عن مسؤولية الأردن عن الأماكن المقدسة في القدس. وقبل نهاية الشهر الحالي، يتوقع أن يزور الملك البيت الأبيض ويلتقي الرئيس بايدن.