رام الله الإخباري
توقع مراقبون فلسطينيون أن تصبح الأنفاق في قطاع غزة، عبارة عن ساحة حرب جديدة بين فصائل المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما كان بالفعل خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة والذي استمر لـ11 يوما.
وفي نظرة على استراتيجية المقاومة القائمة على بناء شبكة الأنفاق، واستراتيجيات الاحتلال القائمة على تدميرها عبر ما يسمى "حزام النار"، أكد الرئيس السابق لقسم التاريخ في جيش الاحتلال الإسرائيلي، شاؤول شاي، أن مشكلة الأنفاق، ستتحول إلى المشكلة المركزية التي يواجهها الاحتلال الإسرائيلي في أي حرب مع المقاومة في غزة.
وتأكيدا لحديثه، ذكر شاي التجربة التاريخية في فيتنام، والفشل الذي منّيت به القوات الأميركية هناك في مواجهة تحدي الأنفاق، التي استخدمها المحاربون الفيتناميون في جنوب البلاد.
وظهرت معضلة الأنفاق كمشكلة تواجه الجيش الإسرائيلي، عقب عملية "الوهم المتبدد" عام 2006، والتي نفذت بالاعتماد على الأنفاق، وتمكنت فيها المقاومة من أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
وعلى مدار الـ15 عاما الماضية، شن الاحتلال حروبا متوالية على القطاع، وكان هدفه الأبرز فيها تدمير شبكة الأنفاق، وفي كل مرة يقر بالفشل في إنجاز المهمة وتحقيق الهدف.
وشكلّت الأنفاق في غزة دورا محوريا في صمود المقاومة، رغم الحروب المتتالية التي شنها الاحتلال على القطاع، حيث خرجت المقاومة في كل مرة بأقل الخسائر في صفوفها، كما تمكنت من الحفاظ على قدرتها العسكرية.
كما اعتمدت المقاومة على شبكة الأنفاق في التغلب على صغر مساحة القطاع، وعدم وجود تضاريس جغرافية كبيرة تمنح المقاومة فرصة للتخفي والمباغتة.
وتنقسم الأنفاق في غزة إلى أنفاق استراتيجية؛ ومن أنواعها القتالية الهجومية والدفاعية، وأنفاق المدفعية والصواريخ، وهناك أنفاق الإمداد والاتصالات، وأخيرا الأنفاق الخاصة بقيادة المعركة والضبط والسيطرة.
وهناك أنفاق الوصلات الداخلية، قصیرة المسافة وتستخدم في الخطوط الخلفیة للمقاومة؛ للربط بین مناطق قریبة بعیدا عن أعین الرصد والطرق والشوارع، وهدفها إسناد وتعزیز قوات المقاومة في الانتقال والتمركز والمتابعة وقت الحرب.
وفي الجانب الآخر، بعدما تولى أفيف كوخافي قيادة أركان الجيش الإسرائيلي، عمد مباشرة إلى إلغاء اتباع استراتيجية تسمى "تنوفا" أي الزخم، وتستند بصورة أساسية إلى الحروب الجديدة غير المتجانسة، بين جيش نظامي ومنظمات عسكرية، مثل حزب الله وحركة حماس.
وبحسب ما ذكرت "الجزيرة نت" في تقريرها، فإن هذه الخطة تعتمد بشكل رئيس على كثافة نارية عالية جدا برا وبحرا وجوا، وتسفر عن مئات القتلى في اليوم الواحد، وقتلِ أكبر قدر ممكن من الجنود، بالإضافة الى اعتمادها على استهداف كل ما يخدم بنية المقاومة، مثل شبكة الأنفاق أو ما أصبح يطلق عليه الإعلام العبري شبكة "مترو حماس".
وشكل قصف كتائب القسام لمدينة القدس بالصواريخ يوم 10 مايو/أيار مفاجأة كبيرة للاحتلال الإسرائيلي، الذي لم يتوقع أن تنفذ المقاومة تهديدها بعد مهلة الساعة السادسة، التي منحها أبو عبيدة لسحب جنود الاحتلال والمستوطنين من المسجد الأقصى المبارك وحي الشيخ جراح.
ووفق معلومات من مصادر مطلعة في المقاومة، فقد قسم الاحتلال الإسرائيلي مساحة قطاع غزة إلى مربعات جغرافية، مفترضا أن تحت الأرض مدينة كاملة من الأنفاق، واعتمد في كل مرة إطلاق نيران كثيفة على المربع المحدد -وفق خطة تنوفا- وهو التكتيك الذي أُطلق عليه "الحزام الناري".
وهدف الاحتلال من هذا التكتيك الى إغلاق وتدمير منافذ الأنفاق المؤدية إلى السطح، ثم عمد بعد ذلك إلى إلقاء قنابل تحتوي غازات سامة تؤدي إلى اختناق من هم تحت الأرض من المقاومين، وهو ما أسفر عن استشهاد قائد لواء غزة، القائد القسامي باسم عيسى، وعدد من قادة المقاومة، الذين نعاهم بيان لكتائب القسام بأنهم استشهدوا في قصف إسرائيلي استهدف "مواقع ومقدرات وكمائن المقاومة".
الجزيرة نت