كتب المحامي يزيد مخلوف نائب نقيب المحامين، مقالا حول الاحتجاجات الأخيرة المطالبة باستقلال القضاء والقضاة.
وجاء المقال كالتالي:
أيامٌ تتقلب، أخبار تتدور واحتجاجات تتصاعد، وهم حتى اللحظة صامتون متوجسون.
يا من نسّبت نفسك كبيراً للقضاة ولم تلتفت لهم، وكنت تنادي بالإصلاح والدفاع عن استقلال القضاء والقضاة ولم تفِ بهن، وملئت الدنيا صُراخاً بالدفاع عنهم، واستمتّ بلعن التدخلات فيهم وبشؤونهم، وفي أولى الاختبارات وقعت في شرَكِهن.
كيف ارتضيت بأن تنصّب بهذا الشكل، وأنت من كان يلعن التوغلات والتدخلات؟!
أذكرك بأنّ في القضاء شرفٌ رفيع وطالبُ الولاية لا يولّى، وأنّ في إنكار الذات زهدٌ وشرف؟!
فلماذا ارتضيت بأن تنصّب على قضاء مختلٍ ومنزوع الحال والاستقلال؟!
وللتاريخ.... إني لك من الناصحين:
ارحل ..... فلن يرحمَ أحداً التاريخ.
ارحل ... فإنا جميعاً راحلون وفانون.
ارحل ... لعلّ الزمان يوماً يذكرك من المُخلّصين.
ارحل ..... وكنْ من المنقذين الزاهدين.
ارحل بسلام وودّع الحبيب، وكن كالأعشى في حب الحبيب، فقد قالها في الزمن البعيد....
"ودّعْ هريرة َ إنْ الركبَ مرتحلُ، وهلْ تطيقُ وداعاً أيها الرّجلُ؟ "
يا قضاة الحق مالكم لا تشتكون؟
فكيف لكم أن تصمتون؟ أم أنكم تنتظرون؟
عليكم بالحقّ أن تصدحون ولحقكم السليب أن تنتصرون، فهل تخافون؟ وأنتم المؤتمنون على القانون ؟ فكيف ستحكمون وبكم يتحكمون؟
يا أيها الشعب المسكين لقد أخذوا حقك البسيط، وداسوا على مستقبلك البعيد، فأنت لست في أمن ولا أمان، وقوة حقك ليست هي الضمان، وحريتك في النسيان، وأبناؤك لن يكونوا في الحسبان ومستقبلنا جميعا على المحك ومحل رهان، فاصبر والله المستعان.
يا حماة العدل والعدالة ...أنتم القضاء الواقف، ونعلم وجعكم وتعبكم ولكن هذا قدركم وهو شرف لكم، وتضحياتكم لوطنكم وإخوانكم هو الأملٌ لمستقبل اولادكم وبناء وطنِكم ودولتكم.
فخامة الرئيس
يقول الصديق رضي الله عنه: ".....أما بعد أيها الناس فإني قيد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله...".
فلن نكون كمن أساء الأمانه، وسنصدُقكَ القول ، لأن في الكذب خيانة :
لقد دمّروا قضائنا وأفسدوا علينا أحلامنا وآمالنا بأن ننعُم جميعاً بدولة الحق والقانون، في ظل قضاءٍ قوي مستقل وقويم ؛ يأُخذ فيه الحقَ للضعيف المسكين من القويِ المتين .
يا ربان السفينة ....نرفع لك صوتنا عالياً : نحن أبناؤك فقوّنا على من أساءوا الأمانة وافسدوا عليك وعلينا أحلامنا، وأعِد للضعيف حقه بميزان العدل القويم ، فهم حبيسي مصالحهم وحفاظهم على عروشهم ونقابة المحامين - كما طالبتها - في مواجهتهم بصوتُ الحقِ والقانون .
فانقذ قضائنا وبلادنا وارسي بنا وبدولتنا وأحلامنا على برّ الأمان، فأنت الأمين وإنا لك لَمعينين.
المحامي يزيد مخلوف