رام الله الإخباري
يقع مقام النبي موسى على بعد 30 كم شرق مدينة القدس المحتلة، جنوب غربي مدينة أريحا، على تلة صخرية ذات طبيعة جيرية مختلطة بالقطران والصوان، وسط ما يكتنفها من كثبان رملية، فيما يعرف تاريخيا بـ"برية القدس"، ويعرف بدرب الحج، وبالطريق التجارية المؤدية من الشام إلى مصر، وطريق الحجاج من القدس إلى مأدبا.
ويتكون مقام موسى المُقام على مساحة 5 دونمات، من 3 أدوار وساحات خارجية ومسجد والمقام بالإضافة إلى ما يزيد على 100 غرفة كانت تستخدم قديما لخدمة الجموع القادمة من بلاد الشام إلى المسجد الأقصى المبارك، حيث يضعون أمتعتهم وأحصنتهم في إصطبلات أقيمت داخل المقام للخيول.
وينشط زوار أثناء إقامة "موسم موسى" إلى إعداد الطعام والشراب وافتراش أرضه، وقراءة القرآن والكتب، ويصطفون أمام أكشاكه لابتياع مشغولات تراثية أو حلي تقليدية أو بعض الطعام والعسل، والمثلجات والماء.
أما الفرق الصوفية فتواصل طوال الوقت قرع الطبول وإقامة طقوسهم الدينية والنشيد.
وقد شيد صلاح الدين الأيوبي جزءا من المباني القائمة اليوم، ثم جاء الظاهر بيبرس وبنى قبة المسجد عام 1265، وأوقف عليه الكثير من العقارات والأراضي، ومنها مدينة أريحا والأراضي الممتدة إلى الجفتلك.
وبعد الحرب العالمية الأولى، تولى المجلس الإسلامي الأعلى بالقدس، برئاسة الحاج أمين الحسيني، إحياء "موسم موسى"، وكان الموسم الذي أقيم عام 1920 أضخم المواسم وأعنفها، حيث تصدت حكومة الانتداب للمحتفلين،
وأعلنت الأحكام العرفية، لكن المجلس الإسلامي استمر في إحياء الموسم حتى عام النكبة 1948، وأعيد إحياؤه بشكل متفاوت خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي، قبل أن يتوقف مجددا مع احتلال عام 1967، ثم أعيد الاحتفال به لمرة واحدة سنة 1987.
وبعد قيام السلطة الفلسطينية، أعيد الاحتفال بموسم النبي موسى عام 1997، تحت رعاية الرئيس الراحل ياسر عرفات، وبقي الاحتفال به سنويا بشكل محدود.
حفل صاخب
وقد فجع المواطنون الليلة الماضية بإقامة حفل صاخب وماجن داخل المقام المقدس، حيث قرر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية تشكيل لجنة تحقيق حول إقامة الحفل صاخب في مقام النبي، مؤكدا بدء اللجنة أعمالها مباشرة.
وأثار الحفل الصاخب الذي أقيم الليلة الماضية في مقام النبي موسى موجة استنكار وتنديد شديدين وسط أوساط فلسطينية عديدة.
وتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو من الحفل ظهر فيها قيام شبان بالرقص على أنغام موسيقى غربية صاخبة دون إظهار أي احترام لقداسة المكان.
كما انتقد الكثيرون السماح بإقامة حفل صاخب كهذا وفي مقام مقدس، في الوقت الذي تغلق فيه المحافظات ويمنع الناس من الذهاب إلى مصالحهم في إطار جهود مكافحة جائحة كورونا.
وتداول أخرون مقاطع فيديو لشبان غاضبين تدخلوا لفض الحفل وطرد المشاركين فيه.
وذكر الشبان الغاضبون أن المشاركين أفادوا بأنهم حصلوا على موافقة وزارة السياحة والآثار لتنظيم الحفل، وأن حارس المقام سمح لهم بالدخول ونصب أجهزة الصوت خاصتهم.
وعلق قاضي قضاة فلسطين، مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية، الدكتور محمود الهباش على ما جرى بقزله: "أشعر بتقزز وغضب تجاه ما حدث في مسجد النبي موسى شرقي القدس".
وأضاف الهباش في منشور عبر صفحته على "فيسبوك": "لا أعرف حتى اللحظة من المسؤول عن هذا الإثم، لكن أيا كان هذا المسؤول فيجب أن ينال جزاء رادعا يتناسب مع فظاعة ما حدث، لأن المسجد بيت الله، وحرمته من حرمة الدين".
من جهته، قال وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الشيخ حسام أبو الرب، إن وزارته ليس لديها أي علم بما حصل في مقام النبي موسى، ولم تعط أي أذن لأي جهة بالدخول إلى المقام.
وطالب أبو الرب في حديث لإذاعة "منبر الحرية" المواطنين بعدم كيل الاتهامات على خلفية دينية أو غيره، مؤكدا أن الموضوع قيد التحقيق وسيتم إعلان النتائج على الملأ وسيتم إنصاف الجميع.
رام الله الإخباري- وفا