سلام فياض: إجراءات الضم الإسرائيلية تستدعي فعلاً فلسطينياً طال انتظاره

سلام فياض والتحلل من الاتفاقيات

رام الله الاخباري:

أكد رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق سلام فياض، ضرورة بلورة موقف وطني فلسطيني موحد لمواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية وعلى رأسها قضية نية الاحتلال تطبيق خطة الضم لأراضٍ في الضفة الغربية والأغوار.

وأشار فياض في مقالة كتبها لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية إلى أن الخطة الإسرائيلية تستدعي فعلاً فلسطينياً، طال انتظاره، إزاء عقود متصلة من سياسات وإجراءات استعمارية توسعية.

وقال فياض: "لم يبقَ إلا الترسيم الإسرائيلي لواقع هذه السيادة انتقائياً وفق رؤية عنصرية خالصة"، مشيراً إلى أنه بعد نحو عامين من الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، الذي أذن بشروع إسرائيل في تنفيذ المرحلة الأخيرة من مشروعها الاستعماري الهادف لتصفية القضية الفلسطينية، جاء إطلاق «صفقة القرن» في بداية العام الحالي ليُرسّم نتاج جهد إسرائيلي ممنهج.

وتابع: ان "الخطط الإسرائيلية تهدف للقضاء التام على أية فرصة لقيام دولة فلسطينية، ذات سيادة على الأرض التي احتلتها إسرائيل في عام 1967، وسلخ نحو ثلاثين في المائة عمّا تبقى من أراضي الضفة الغربية، وبما يشمل منطقة الأغوار، والتي بدونها لا يمكن لأي كيان فلسطيني أن ينعم، ولو بأي قدر، بالسيادة على أراضيه".

وأضاف: "تصاعدت نبرة التحذير، على الساحتين الإقليمية والدولية، منتقلة في ذلك من مجرد الإعراب في البداية عن ضرورة تفادي محاولة فرض حل لا يقبل به الفلسطينيون، والقضاء على فرص حل الدولتين، مع التلميح إلى التأثير السلبي المحتمل لذلك كله على إسرائيل نفسها لجهة الدفع في اتجاه واقع الدولة الواحدة، وإلحاق الضرر بسعيها لتطبيع ارتباطها بالعالم العربي، إلى مواقف أكثر وضوحاً لجهة التنديد بنية إسرائيل المضي قدماً في تنفيذ حلم قادتها الأوائل وتابعيهم، في الإستحواذ والسيطرة بشكل تام على أرض فلسطين التاريخية برمتها".

وقال: إن "إسرائيل اعتقدت أنه لن يتم أي رد فعل عقب سلسلة من التنديد بالإعلان عن القدس عاصمة لإسرائيل، أو ذلك الذي أعقب الإعلان الأميركي اللاحق، بشأن رفض اعتبار الاستيطان الإسرائيلي غير مشروع بموجب القانون الدولي".

وأضاف: "بعد سنوات من تلويح القيادة بنيّتها الخروج من الدائرة التدميرية التي أرست معالمها الأساسية، على مدار ما يزيد عن ثلاثة عقود، عملية سياسية لم تُفضِ مرحلياً

إلا لإجهاض الانتفاضة الأولى، بما مثلته من روح التحدي المقاوم، وتعاظم الشعور بالقدرة على الإنجاز، ولاحقاً لتوفير غطاء مكَّن إسرائيل من الخروج من عزلتها الإقليمية والدولية، ومن الوصول لتحقيق أقصى مطامعها التوسعية، أعلن الرئيس محمود عباس تحلل الفلسطينيين من الالتزامات المترتبة على الاتفاقيات والتفاهمات المعقودة مع الولايات المتحدة وإسرائيل".

وأضاف: "مع أنَّ ذلك الإعلان لم يتطرق إلى الإجراءات العملية التي ستتخذ على أساسه، والتي شُرِع في تنفيذ بعض منها منذئذ، بدا مرجحاً أنه سيكون له ما بعده من حيث تداعياته وانعكاساته، وذلك على الرغم من تسرع البعض في اعتباره مجرد صدى لمواقف تم الإعلان عنها وتبنيها، في أكثر من مناسبة سابقاً، لجهة التخلي عن إطار أوسلو".

وقال رئيس الوزراء الأسبق: إن "السؤال الذي ينبغي أن يشكل محور الاهتمام الأساسي على الساحة الفلسطينية في هذه المرحلة، يتعلق بمدى قدرة الإعلان المذكور، على

أهميته، على التأثير الفاعل على مجريات الأمور، أولاً لجهة وقف قطار الضم الإسرائيلي، وهو ما أتى الإعلان على خلفيته، وثانياً، وما هو أهم، لجهة إحداث تغيير

جوهري في المعطيات الأساسية القائمة، والتي تأتت بشكل رئيسي من جراء إغفال «عملية السلام» للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، والتآكل المضطرد في مرجعيات تلك العملية، مما أدى إلى جعل حتى مجرد التفكير في تنفيذ الضم أحادياً، من قبل إسرائيل، أمراً ممكناً".

وأضاف: "إذا كان من المتعذر الإجابة، بقدر كافٍ من الثقة، بالإيجاب عن السؤال الأول، فلا ينبغي أن يكون هناك أي وهم بأنَّ مجرد التحلل، أو حتى التخلي نهائياً، عن إطار أوسلو سيكون مدخلاً حتى لمجرد البدء في معالجة المعطيات المذكورة".

وقال إنه "انقضاء المرحلة الانتقالية لاتفاقيات أوسلو، بدا جلياً أن ما تم الرهان عليه لجهة قيام دولة فلسطينية، وفق معايير مقبولة وطنياً بات محكوماً بالفشل، بسبب إصرار

إسرائيل على عدم السماح للكيانية الفلسطينية التي أفرزتها تلك الاتفاقيات في أن تتجاوز مفهوم الحكم الذاتي المرسوم بموجبها، الأمر الذي كان ينبغي أن يستوجب حينئذ إعادة النظر في تحول عام 1988. إلا أن ذلك لم يحصل، وما تلا لم يكن سوى المزيد من التآكل في مرجعيات عملية السلام".

وأضاف: أن "الرد الفلسطيني على مشروع الضم الإسرائيلي يمثل فعلاً وطنياً طال انتظاره، ألا وهو إعادة النظر في تحول عام 1988، الأمر الذي يستوجبه أيضاً أن

مجرد تحلل منظمة التحرير من إطار أوسلو فقط، يعني تخليها عن برنامج اعتمدته من الناحية الفعلية لاثنين وثلاثين عاماً من دون التقدم برؤية بديلة، يمكن أن يلتف حولها الشعب الفلسطيني، والذي من المنطقي جداً له أن يتوقع استعداد ممثله الشرعي الوحيد لإعادة النظر، في ضوء ما آلت إليه القضية الفلسطينية في أعقاب التحول المذكور".

وتابع: أنه "من المجدي السعي الحثيث للتوافق على صيغة لموقف وطني جامع، تقوم منظمة التحرير نفسها بالإعلان عنه، حول استعداد الفلسطينيين للقبول بأَيٍ من

الخيارين التاليين كمخرج لعملية سياسية، تهدف إلى الوصول إلى حل مرضٍ للقضية الفلسطينية، ألا وهما، دولة واحدة على كل أرض فلسطين التاريخية، يكفل دستورها

المساواة التامة لسائر مواطنيها، ودونما أي تمييز بينهم على أي أساس كان، أو دولة فلسطينية مستقلة على الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما يشمل القدس الشرقية، بكاملها، وذلك شريطة أن يسبق أي عملية سياسية تهدف لتحقيق ذلك اعتراف أممي".