رام الله الإخباري
بينما كان الطفل محمود صلاح يلعب كرة القدم مع أقرانه على مشارف بلدة الخضر جنوب بيت لحم، خرجت الكرة عن حدود ملعبهم المخطط بجدران الشوارع ليس أكثر،
فقفز خلفها حتى يلتقطها، فما كاد يفعل، حتى أطلق قناص جيش الاحتلال رصاصة أصابت ساقه اليسرى، أدت لبترها، بعد اعتقاله بنحو شهر واحتجازه في مستشفى "شعاري تسيدك" الإسرائيلية.
بخطوات ثقيلة يحاول جاهدا المشي ليتمرن على وضعه الجديد، مستندا على عكازتين خشبيتين في مستشفى الجمعية العربية للتأهيل في بيت جالا، بعد أن أفرج الاحتلال عنه قبل يومين.
بعيونه التي بدت مصدومة من مشهد ساقه المبتورة، قال محمود "إن آخر شيء يتذكره حينما التقط كرة القدم حيث أحس برصاصة اخترقت ساقه، بعدها جرّه الجنود باتجاه جدار الفصل العنصري المقام على أراضي بلدته، واحتجازه ساعتين قبل أن يفقد الوعي".
"صحيت لقيت حالي بالمستشفى فوق راسي جنود حاملين سلاح، كانوا طول الوقت يسبوني بألفاظ مش مليحة، ويصرخوا عليي" يقول محمود.
وبنبرة صوت مكسورة، أضاف "أهم شيء خلال الأيام القادمة أن أتمكن من المشي، فحلمي أن أصبح لاعب كرة قدم محترفا ومشهورا".
أما والدته عائشة، والتي أخذ الشحوب والتعب نصيبا كبيرا من ملامحها، تطرّقت إلى ما حدث مع نجلها، بقولها: عندما جاءنا خبر اصابته واعتقاله لم نكن نعرف إلى أي
مكان أخذوه، وبعد ساعات علمنا أنه في مستشفى "شعاري تسيدك" الإسرائيلية، فعندما وصلت هناك وجدت جهاز حديد مخترقا ساقه، وبعد يومين قال الأطباء إنه يجب بترها، وكان وضعه صعبا، بسبب التهابها مرتين بعد العملية الأولى.
وأضاف ان المعاناة الحقيقة تجلت بمرافقة الجنود لابنها طيلة فترة علاجه على مدار الساعة في المستشفى، حيث كانوا يصرخون عليه ويثيرون الضجة لمنعه من النوم أو الراحة، ويرفضون إطفاء الإضاءة خلال ساعات الليل، مشيرة إلى تهديدهم لها باستمرار، بطردها لعدم توفر تصريح معها مع علمهم أن عمرها يسمح لها بذلك.
وأشارت إلى أن أحد محققي الاحتلال جاء في اليوم الثاني من إصابته لاستكمال التحقيق الذي بدأه مع محمود منذ وصوله المستشفى، حيث حاول طردي من الغرفة، ولكنني رفضت، وصار يصرخ على ابني ويحكي معه بأسلوب مستفز، ولكني أحمد الله أن الولد ما خاف منهم، وحكى كل شيء صار معه، وما ألتفت لاتهاماته".
بدوره، قال والده، إن الاحتلال يتعمد باستمرار استهداف الأطفال، وإحداث إعاقة دائمة لديهم، فقد كان بإمكانهم إطلاق النار في الهواء، أو اعتقاله، أو تحذيره، مؤكدا أن
الجنود تعمدوا إطلاق الرصاص المتفجر على قدم ابنه على الرغم من عدم تشكيله أي خطر عليهم، فكاميراتهم المنصوبة كاشفة كل المنطقة، وهم يعلمون بوجود أطفال يلعبون بكرة القدم في المكان.
وأضاف ان ولديه الوحيدين لم يسلما من عنجهية الاحتلال، فهذا محمود ابنه الصغير بُترت ساقه، أما أحمد ابنه الأكبر فقد اعتقله الاحتلال قبل نحو شهرين، وفي كل مرة يتم تأجيل محاكمته.
وطالب الجهات المختصة بضرورة الوقوف إلى جانب ابنه الجريح، لمساعدته على ممارسة حياته بشكل طبيعي، واستعادة قدرته على المشي.
وكالة وفا