وزير المالية : مقبلون على أيام صعبة وسنطبق خطة قديمة

انقاطع رواتب السلطة الفلسطينية

أعلن وزير المالية شكري بشارة أن الحكومة ستحافظ على صرف رواتب الموظفين في موعدها، لكنها قد تكون ناقصة، باستثناء المتقاعدين ومخصصات عوائل الشهداء والجرحى والاسرى التي ستصرف كاملة.

وقال بشارة، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية رياض المالكي، اليوم الخميس، عقب اجتماع مع قناصل وممثلي دول الاتحاد الاوروبي لشرح أبعاد القرار

الاسرائيلي بخصم مدفوعات الحكومة لعوائل الاسرى والشهداء والجرحى من عائدات المقاصة، "هناك قرار رسمي اتخذ أمس الاربعاء بعدم تسلم أموال المقاصة اذا كانت ناقصة ولو مليما واحدا".

واضاف: "نحن مقبلون على ايام صعبة في الاسابيع المقبلة، سنتعامل مع الرواتب بحكمة وانصاف قدر الامكان"، ملمحا الى التوجه نحو تطبيق معادلة طبقتها الحكومة في

صرف الرواتب في أواخر العام 2014 وأوائل العام 2015 عندما اقتطعت اسرائيل جزءا من المقاصة لصالح شركة الكهرباء الاسرائيلية.

وقال "هناك رواتب عالية قد لا تصرف كاملة، اما الرواتب الدنيا فسنحافظ عليها. في ازمة 2014 صرفنا اول ألفي شيقل من الراتب لجميع الموظفين

 هذا يعني ان كل من راتبه اقل من 2000 شيقل تلقى راتبا كاملا وشكلوا حوالي 40% من إجمالي الموظفين، كما حافظنا على صرف جزء من رواتب باقي الموظفين بحد

ادنى ألفي شيقل. بالمحصلة فإن 80% من فاتورة الرواتب صرفت رغم الازمة. اذا احتجنا الى هذه المعادلة سنطبقها في ظل الازمة الحالية".

كما شدد بشارة على ان "رواتب المتقاعدين وعوائل الشهداء والجرحى والاسرى ستصرف كاملة بنسبة 100%. ستكون هناك صعوبات، ولكننا لن ندير ظهورنا لهم تحت أي ظرف من الظروف".

وقال "ظاهرة الاسرى والشهداء والجرحى تخص المجتمع الفلسطيني دون غيره من المجتمعات منذ اكثر من 50 عاما، فربع الشعب الفلسطيني دخل السجون الاسرائيلية، واكثر من 60% منهم اعمارهم بين 18 و25 عاما، وهناك 99.7% ممن مثلوا امام المحاكم الاسرائيلية حكموا، وهم يسجنون خارج ارضهم خلافا لكل الاتفاقيات الدولية، هذه جريمة ترتكبها اسرائيل".

وتابع: هناك اتفاقيات وتعاقدات ترتب عليها برامج لتخفيف معاناة هؤلاء الاسرى وعوائل الشهداء والجرحى ودمجهم في المجتمع. هذا معروف للإسرائيليين وغيرهم منذ اكثر من 20 عاما، ولم يطرحه الاسرائيليون في أي اجتماع عقد بيننا وبينهم، وشرحنا هذا بالتفصيل لممثلي دول الاتحاد الاوروبي، فما الذي حدث لتقرر اسرائيل فجأة اقتطاع مخصصاتهم من المقاصة".

وقال بشارة ان أي خصم من عائدات المقاصة هو "مخالفة للقوانين الدولية والاتفاقات الثنائية، وهو مرفوض. لن نتسلم عائدات مقاصة منقوصة ولو مليما واحدا".

واقر وزير المالية ان القرار الاسرائيلي، في حال تنفيذه، سيكون وقعه عميقا وسيترك اثرا ملموسا على الموازنة العامة، وسيرفع الحجز فيها من 450 مليون دولار الى 600 مليون دولار. "هذا تحد نحن واثقون بتجاوزه بتكاتفنا جميعا: حكومة وقطاعا خاصا ومجتمعا مدنيا".

واضاف: لدينا عجز مزمن منذ قيام السلطة الوطنية نتيجة العمل في ظل الاحتلال. نحن محرومون من مواردنا، وأية سيطرة على حدودنا، وهناك حصار واعاقة للحركة. انهم يتحكمون في كل شيء، ومن المستحيل الحفاظ على اقتصاد مستدام

 والقرار الاسرائيلي الجديد يزيد الامور تعقيدا. العجز سيزداد، لكننا سنتعامل بثقة ومهنية، وشعبنا اثبت قدرته على مواجهة التحديات، وسنتغلب على هذا التحدي أيضا".

والمح بشارة الى اتخاذ اجراءات لإعادة ترتيب العلاقة الاقتصادية مع اسرائيل، المحكومة لبروتوكول باريس الاقتصادي.

وقال: "القرار الاسرائيلي يضعنا في مسار من الصعب العودة عنه، فهناك عمولة تقتطعها اسرائيل بنسبة 3% تصل قيمتها الى 20 مليون شيقل شهريا بدل جبايتها لضرائب يدفها المواطن الفلسطيني.

هذه المبالغ يجب ان نستعيدها، ولنا مطالب اخرى لإصلاح العلاقة مع الاسرائيليين، لكن هناك مماطلة ولا تقدم. حان الوقت لتغيير هذا الواقع بشتى السبل، ونتوقع الدعم من كافة فئات المجتمع".

واضاف: "هذا تحد كبير، فنحن داخلون في مواجهة ومن المهم التواصل مع الرأي العام، فالهجمة ليست فقط على الحكومة، وانما على القطاع الخاص أيضا، فهناك دعاوى رفعت مؤخرا ضد ثلاثة بنوك فلسطينية، وكل هذا ابتزازا. اذا عملنا جميعا بيد واحدة سنتغلب على هذا التحدي".

واعرب بشارة عن رضاه من موقف القطاع الخاص تجاه القرار الاسرائيلي "حيث لمسنا من القطاع الخاص ردود فعل ايجابية، خصوصا فيما يتعلق بمستحقات موردي السلع والخدمات للحكومة".

وردا على سؤال ان كانت مقاطعة المنتجات الاسرائيلية من ضمن الخطوات المحتملة للرد على القرار الاسرائيلي، قال بشارة: هذا من الخطوات التي تدرس. علينا تقديم

المنتج الفلسطيني على المنتجات الاسرائيلية، وحتى المستوردة. لقد اجبرونا هذه المرة على التصرف بطريقة مختلفة، لهذا علينا العمل بيد واحدة مع القطاعين الخاص والاهلي، فقد آن الاوان لاتخاذ خطوات جريئة".

وألمح بشارة الى جملة من الاجراءات لمواجهة تداعيات القرار الاسرائيلي، بالترشيد في جانبي الانفاق والدخل، لكنه شدد على ان رفع الضرائب ليس من بين الخيارات التي تدرسها الحكومة.

وقال "نحن واضحون تماما، لن نرفع الضرائب ولو مليما واحدا. بالعكس من ذلك، نحن ندرس خفضها على السلع الفلسطينية، ونرى في القرار فرصة لذلك".

وردا على سؤال بشأن امكانية الحصول على قروض بنكية كأحد الخيارات للتعامل مع الازمة المحتملة، قال بشارة: سنتعامل مع الازمة بمزيج من الخطوات. مديونيتنا للبنوك لا تتجاوز 1.3 مليار دولار

 وهي تشكل حوالي 10% من إجمالي الودائع، وحوالي 15% من إجمالي تسهيلات البنوك، وهي نسبة ليست كبيرة، وهناك فسحة للاقتراض. لكننا سنتعامل بتقنين وترشيد، واذا لجأنا للاقتراض فسنقترض بشكل معقول، ولن نحمل البنوك أكثر من طاقتها. نحن نعرف قدرة البنوك، ولن نقترض مليما واحدا نحن غير قادرين على سداده".

من جهته، قال المالكي ان القيادة الفلسطينية بصدد تحديد المحاكم الدولية ذات الاختصاص لرفع دعاوى ضد اسرائيل لخرقها القوانين والاتفاقيات الدولية والثنائية بالخصم من عائدات المقاصة الفلسطينية.

وأضاف: القانون الاسرائيلي هو قانون داخلي لا يعنينا، وهو دون القوانين والاتفاقيات الدولية والثنائية. الالتزام بهذه الاتفاقيات والقوانين الدولية يتفوق على الالتزام بالقوانين الداخلية للدول.

وأوضح المالكي أن الاجتماع مع أعضاء السلك الدبلوماسي الاوروبي في فلسطين جاء بتكليف من الرئيس محمود عباس ولجنة المتابعة العليا لتنفيذ قرارات المجلس المركزي، والتي عقدت اجتماعا لها في مقر الرئاسة برام الله، أمس الأربعاء.

واستعرض وزير الخارجية جملة من الخطوات، التي اتخذتها، وستتخذها القيادة الفلسطينية على الصعيد الدولي، لمواجهة القرار الاسرائيلي. بالأمس، أرسلنا رسالة رسمية الى الجانب الاسرائيلي برفض استلام عائدات اية مبالغ للمقاصة اذا كانت ناقصة، ووصلت الرسالة بشكل واضح.

وقال "دعونا لهذا الاجتماع على عجل، لوضع القناصل الاوروبيين في صورة مخاطر اقتطاع اسرائيل من عائدات المقاصة الفلسطينية، وانعكاس ذلك بشكل كبير على التزامات الحكومة الفلسطينية في تقديم الخدمات للمواطنين على كافة المستويات. وأوضحنا بشكل جلي ماذا يعني هذا القرار غير القانوني والقرصنة الاسرائيلية، والخطوات التي يمكن القيام بها لمواجهته".

وأضاف: لهذا السبب جاء الاجتماع مع القناصل الاوروبيين، فالاتحاد الاوروبي يتحمل مسؤولية لأنه حضر الاتفاقيات مع إسرائيل، وهو جزء من الدول الضامنة لها، وفي حال أي خرق على هذه الدول ان تتحمل مسؤولياتها".

كذلك، قال المالكي إن القيادة الفلسطينية بصدد توجيه رسالة الى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، كي تتحمل فرنسا مسؤوليتها، بوصفها الدولة التي استضافت توقيع اتفاق باريس الاقتصادي، "وعلى فرنسا مسؤولية اخلاقية تجاه تطبيق الاتفاق".

وأضاف المالكي ان القيادة الفلسطينية ستطرح القرار الاسرائيلي بالخصم من عائدات المقاصة في اجتماع القمة العربية – الاوروبية الاولى، المقرر عقدها في شرم الشيخ في الفترة 24-25 شباط الجاري، والطلب من الدول المشاركة تحمل مسؤولياتها تجاه القرار الاسرائيلي، وبعدها سيطرح الموضوع على مجلس حقوق الانسان، المقرر عقده في الفترة 1-2 آذار المقبل، والاجتماع الدوري لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، المقرر عقده في الفترة 6-7 آذار.

وأضاف: وجهنا رسالة الى الامين العام لجامعة الدول العربية، طلبنا فيها توجيه رسائل الى كل الدول العربية لتتحمل مسؤولياتها بتفعيل شبكة الامان العربية، "فهناك اتفاق بان تقوم الدول العربية بتغطية اية احتياجات مالية فلسطينية مؤقتة".

وقال المالكي ان القرار الاسرائيلي بالخصم من عائدات المقاصة "يحمل انعكاسات سياسية ومالية واضحة. نحن لا نستطيع الا ان نرى تداخلا بين قرار اسرائيل الاقتطاع من المقاصة وقرارات الحكومة الأميركية العقابية على مستويات عديدة، والتي هدفها اخضاع القيادة والشعب الفلسطيني لما يسمى بصفقة القرن. القرار سياسي بامتياز، وما تريده اميركا هو قرصنة برؤية اسرائيلية".

وشدد المالكي على ان أي اجراء ستتخذه القيادة الفلسطينية لمواجهة القرار الاسرائيلي "يجب الا تتحمله جهة واحدة، وانما سيتحمله الجميع"، داعيا جميع فئات المجتمع الى تحمل مسؤولياتها لمواجهة هذا القرار، "فلا فائدة من أي قرار حكومي لا يتم الالتزام به من قبل الجميع".

وأصدرت وزارة الخارجية بيانا جددت فيه رفضها للقرار الاسرائيلي بالخصم من المقاصة "وتدين بأشد العبارات قرار الاحتلال قرصنة الأموال الفلسطينية، وتعتبره تصعيدا خطيرا في الحرب المفتوحة التي تشنها الإدارة الأميركية والإسرائيلية ضد شعبنا وقيادتنا، في محاولة مفضوحة لتركيع قيادتنا وفرض الاستسلام عليها، واستكمال تمرير ما تُسمى بـ(صفقة القرن) الهادفة الى تصفية القضية الفلسطينية وشطبها عن سلم الاهتمامات الدولية".

وقالت الخارجية في بيانها "إن قرار قرصنة الأموال الفلسطينية يُعتبر امتدادا لانقلاب اليمين الحاكم في إسرائيل على جميع الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الفلسطيني والتنصل منها، وهو المُسمار الأخير في نعش اتفاق باريس، وهذا القرار الاستعماري يأتي في وقت تحرص فيه دولة الاحتلال على (إحياء ذكرى) عناصر الميليشيات الصهيونية التي ارتكبت المئات من المجازر والجرائم بحق شعبنا منذ بداية القرن الماضي وتعتبرهم (أبطال من أجل الحرية شاركوا في إقامة الدولة)، و(تخلد) دولة الاحتلال (ذكراهم) عبر مجموعة من المتاحف وتسلط الأضواء على دورهم الإجرامي في مناهج التعليم، إضافة الى إشراف دولة الاحتلال على تخصيص المبالغ المالية الضخمة لعائلاتهم وأسرهم".

وحملت الوزارة الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن قرارها ونتائجه وتداعياته، مؤكدة ان القرار "يخالف تماما القانون الدولي، ويشكل خرقا فاضحا للاتفاقيات الموقعة، وستقود الوزارة حراكا قانونيا ودبلوماسيا بالتعاون مع الوزارات والهيئات المختصة لأخذ إسرائيل كقوة احتلال الى المحاكم الدولية المختصة، وفي نفس الوقت، تواصل الوزارة العمل لفضح هذا الانتهاك الصارخ للقانون الدولي على مستوى الأمم المتحدة وهيئاتها المختصة، وهي تقوم بالتباحث مع بعثة دولة فلسطين في الأمم المتحدة لتحديد الخطوات الواجب الإتباع لحماية حق شعبنا في أمواله، بعد أن تم الاستيلاء على ثرواته الطبيعية وأرضه ومقدساته، وعلى حضارته وثقافته وتاريخه من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي".