الشهيد العباسي ..استحم بدمائه قبل وصوله الحمام التركي في نابلس

الشهيد قاسم العباسي

رام الله الإخباري

"لن يناديني (سمرمر) بعد اليوم، ولن يدخل عليّ البيت أو أراه أبدا، راح ظهري وسندي" بصوت مرتجف وعيون دامعة

رثت سميرة العباسي ابنها الشهيد قاسم العباسي (17 عاما) من حي رأس العامود جنوب المسجد الأقصى فيالقدس الذي قتله الاحتلال مساء الخميس الماضي قرب مستوطنة بيت إيل شرق رام الله.

كان قاسم معيل والدته وإخوته الخمسة، فقد توفي والده قبل عام ونصف بعد مرض ألم به ثمانية أعوام اضطر قاسم خلالها أن يترك المدرسة ويعمل في مجال البناء ليعيل أسرته كونه الابن الأكبر، وتروي والدته أنه كان يدها اليمنى التي أعانتها على الدوام.

"كان شابا هادئا طيبا مسالما يساعد الجميع، حصل على رخصة السياقة حديثا واشترى سيارة جديدة، ووعدني أن يأخذني فيها أينما أريد، لكن الموت عاجله"

تروي أم قاسم  مآثر ابنها الذي احتفل الشهر الحالي بذكرى ميلاده الـ17 في بيت ذوي الشهيد بحوش نعمان في حي سويح برأس العامود تنظر أم قاسم من نافذة البيت بحسرة إلى سيارته الجديدة التي لن يقودها مرة أخرى، لكن ما يغلب على المشهد وفود المعزين بصاحب السيارة.


الشهيد العباسي

الساعات الأخيرة

لم تر أم قاسم ابنها إلا بعد تشريح جثمانه أمس الاثنين، حيث كشفت نتائج التشريح عن تعرضه لرصاصة في الظهر أصابت الشريان الرئيس والرئتين، ليسّلم بعدها ويصلى عليه في المسجد الأقصى ويدفن في مقبرة باب الرحمة شرق المسجد.

تستذكر الشهيد ساعات ما قبل استشهاده "رافقني يومها إلى الطبيب، ثم أوصلني لزيارة والدتي المريضة

 وأخبرني أنه سيذهب إلى الحمام التركي في مدينة نابلس، جهزت له ثيابه قبل ذلك، هاتفني الساعة التاسعة، ودعوت الله أن يسهل أمره، وبعدها لم أسمع صوته، كانت المكالمة الأخيرة".

وتضيف "سألني طفلي الأصغر يوسف: هل سيعود أخي إلى البيت؟ استغربت سؤاله وأجبته: بالتأكيد، كأنه شعر بما سيحدث".

توجه قاسم برفقة ثلاثة من أبناء عمومته إلى مدينة نابلس شمال فلسطين، وفي منتصف الطريق أضاع الشبان وجهتهم بسبب حالة الطقس الماطرة وإجراءات الاحتلال إثر عملية إطلاق نار قرب مستوطنة عوفرا شرق رام الله

رصاص المستوطنين

دخل الشبان إلى الطريق المؤدية لمستوطنة بيت إيل شرق رام الله وهناك انهمرت رصاصات المستوطنين على سيارتهم  فتحطم زجاجها وأعطبت عجلاتها وأصيب قاسم الذي كان يجلس خلف السائق بحسب قناة الجزيرة القطرية 

ووفق محمد العباسي ابن عم الشهيد الذي كان معه لحظة الإعدام، فقد هجمت شرطة وقوات الاحتلال على السيارة وطلبت منهم النزول، نزلوا جميعهم إلا قاسم، فقد كان متشنجا وفاقدا للوعي، وظن أبناء عمه أن ذلك حدث بسبب الخوف. 

أجبرهم الاحتلال على إنزال قاسم من السيارة وتحريكه حتى يستيقظ، وما إن قلبوه على بطنه حتى رأوا رصاصة اخترقت ظهره.

آنذاك، توالت اتصالات الأقارب على هاتف أم قاسم تسأل عن ابنها، فقد تداولت وسائل الإعلام اسم ابن عمه على أنه هو الشهيد، وأخبروها أن قاسم مصاب فقط.

تقول إن بيتها بدأ يمتلئ بنسوة الحي اللواتي نطقت وجوههن بخبر استشهاد قاسم، قبل أن يأتي شقيقها ويخبرها بذلك صراحة.

وتضيف "قلت الحمد لله، وجلست هامدة، لم تنزل دموعي في البداية من الصدمة، كان أطفالي نياما، استيقظوا على صوت أهل الحي، وبدؤوا بالبكاء والصراخ".



الشهيد العباسي

استعجل رفاقه
كان التأثر باديا في بيت العزاء على إخوة الشهيد، وتحديدا على مدللته عائشة (10 سنوات) التي قالت باكية "كان يناديني (عيشة) ويلبي لي كل طلباتي ويأخذني للتنزه".

أما يعقوب (14 عاما) فيقول كان أخي المقرب، لم أكن أناديه قاسم فقط، كنت أناديه "قاسم أخوي"، كان سندي وروحي، لقد كسر ظهري بعده، وكل الحِمل أمسى عليّ".

ويضيف يعقوب إن أخاه مازح أبناء عمومته في السيارة قبل استشهاده قائلا "أحدنا سيستشهد، والبقية يعودون لإخبار أهله"، مشيرا إلى أنه رفض تناول الطعام في البيت فقد

كان ينوي تناوله في نابلس، وكان متحمسا جدا للذهاب إلى الحمام التركي، ويستعجل أقاربه بالاتصال المتكرر قبل موعد الخروج "وكأنه يريد أن يلحق الشهادة".

قناة الجزيرة