رام الله الإخباري
حظيت صورة التقطها مصور وكالة الأناضول في قطاع غزة، الاثنين الماضي، لمتظاهر فلسطيني، قرب الحدود الشمالية، دون قميص ويحمل علم البلاد بيدٍ وبالأخرى يحمل مقلاعاً، بمشاركة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، والوسائل الإعلامية.
التشابه الشديد بين الصورة ولوحة "الحرية تقودها الناس"، للرسام الفرنسي فرديناند فيكتور أوجين ديلاكروا؛ التي رسمها عام 1830 تخليدا لثورة يوليو الفرنسية التي اندلعت في ذات العام، كان دافعاً أساسيا لمشاركة الصورة.
الفنان الفرنسي "ديلاكروا" رسم في لوحته الشهيرة امرأة اعتبرها تمثالا للحرية، ترفع بيدها اليمنى العلم الفرنسي، وباليد اليسرى بندقية، ويحيطها الثوّار الفرنسيون ودخان المعركة.
تتطابق تلك التفاصيل الصغيرة مع صورة مصور "الأناضول" مصطفى حسونة، حيث كان المتظاهر الفلسطيني عاري الصدر، يرفع بيده اليُمنى العلم الفلسطيني، وباليد اليُسرى "مقلاعاً" فيه حجر، ويحيطه الدخان الأسود الكثيف المختلط بالغاز الإسرائيلي المسيل للدموع أبيض اللون.
وشارك الكثير من الشخصيات والنشطاء الصورة، على صفحاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مرفقينها بتعليقات مساندة لنضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، وحقه في إقامة دولته المستقلة، ومستنكرة لاستمرار الحصار المفروض على قطاع غزة.
David will prevail over Goliath. It is written...#Palestine #Gaza pic.twitter.com/U5qL3Fq8qG
— George Galloway (@georgegalloway) ٢٤ أكتوبر ٢٠١٨
بطل الصورة
المتظاهر الفلسطيني، عائد أبو عمرو (22 عاما)، من سكان حي الزيتون بمدينة غزة، يشعر بالفخر جراء مقارنة صورته باللوحة الفرنسية التي اعتبرت أيقونة للحرية في فرنسا.
ويقول أبو عمر لوكالة الاناضول التركية إن انتشار اللوحة الفرنسية إلى جانب صورته، شجعه للاستمرار في الخروج بمسيرات العودة، من أجل انتزاع الحرية.
ورغم أنه فلسطيني غير لاجئ (مواطن)، لكنه يصرّ على مساندة الفلسطينيين للمطالبة بحق عودتهم إلى الأراضي التي هُجّر منها أجدادهم عام 1948.كما يتملكه الكثير من الشغف لرؤية بقية الأراضي الفلسطينية التي تحتّلها إسرائيل "محررة" يقطنها فلسطينيون، كما قال لوكالة "الأناضول".
ومنذ انطلاق مسيرات العودة نهاية مارس/ آذار الماضي، يحرص الشاب أبو عمرو "بشدّة" على المشاركة فيها؛ حيث لم يتغيّب عنها ليوم واحد.العلم الفلسطيني والمقلاع، هما رفيقا أبو عمرو في رحلته إلى الحدود الشرقية لمدينة غزة، خلال مشاركته في مسيرات العودة.
ودائما ما يرفض أبو عمرو أن يضع العلم الفلسطيني جانبا وهو يُلقي الحجارة بالقرب من السياج الفاصل بين شرقي المدينة وإسرائيل.ويقول :" العلم الفلسطيني مستحيل أن أنزله من يدي، حتّى لو أصبت برصاص إسرائيلي سيبقى هذا العلم مرفوعاً".
ويحلم أبو عمرو أن يغرس علم فلسطين "في يوم من الأيام داخل الأراضي التي تحتلها إسرائيل"، حسب قوله.واعتاد أبو عمرو المشاركة في مسيرات العودة "عاري الصدر"، لافتاً إلى عدم خوفه من الترسانة العسكرية الإسرائيلية التي تنتشر على الجانب الآخر من الحدود.
من جانب آخر، يقول إن كسر الحصار عن قطاع غزة من ثاني أهم مطالب الحراك السلمي، بعد العودة.أبو عمرو، وهو شاب عاطل عن العمل، كغالبية الشباب الفلسطيني في قطاع غزة، يعبر عن آماله في نجاح مسيرة العودة بكسر الحصار من أجل توفير فرص عمل وحياة كريمة لسكان القطاع.
لكن والده، جمال أبو عمرو (47 عاما)، يعبّر عن مخاوفه الشديدة على نجله من ما وصفه بـ"غدر" الجيش الإسرائيلي.وفي كل يوم جمعة، ينهال الولد بعشرات الاتصالات على هاتف عائد من أجل الاطمئنان عليه، فيما يتفرغ منذ ساعات العصر لانتظار عودته على قارعة الحي الذي يقطنون به، كما قال.
ورغم المخاوف، إلا أن والد عائد يشعر بالفخر بنجله بعد أن أعادت صورته للأذهان اللوحة الفرنسية "أيقونة الحرية".
مصور الأناضول
مصور وكالة الأناضول في قطاع غزة، مصطفى حسونة يرى أن للصورة الصحفية "دور كبير في نقل القصة والصورة الحقيقية من أرض الميدان للعالم.
وقال حسونة لمراسلة وكالة الأناضول، إن انتشار الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، "أمر مهم، ، حيث تعتبر هذه المواقع "أهم وسائل المعرفة والتواصل في الوقت الحالي".
وتابع قائلا:" مجرد أن ظهرت الصورة على تلك المواقع، قارن الزملاء الصحفيين الأجانب باللوحة الفرنسية المعرفة عالمية والمرتبطة بثقافة الثروات أنها تشبه إلى حد كبير تلك اللوحة؛ ولكن الصورة تبقى واقعا يعيشه الفلسطيني على أرضه".
ومنذ نهاية مارس/ آذار الماضي، يشارك الآلاف في مسيرات عند حدود قطاع غزة للمطالبة برفع الحصار عنه.ويقمع الجيش الإسرائيلي تلك الفعاليات السلمية بعنف، ما أسفر عن استشهاد العشرات وإصابة الآلاف بجروح مختلفة.
الاناضول